إبراهىم عبد المجىد أول امس كان 21 فبراير فيه خرجت الجامعات المصرية تعيد ذكري هذا اليوم في عام 6491. وأنا اكتب هذا المقال فجر الثلاثاء أول أمس قبل أن أعرف كيف سيمر اليوم الذي ارجو أن يكون قد مر دون ضحايا من أي طرف. رغم أن هذا اليوم هو يوم التضحية الكبير في تاريخ مصر الحديث.
وفي كل الأحوال هو يختلف هذه المرة عنه في أي من السنوات السابقة. بل لقد مضي وقت طويل يمر فيه هذا اليوم دون أن يكون للطلبة وجود غير في مقال هنا أو هناك عن ذكري هذا اليوم العظيم. أو يكون الطلاب محبوسين في كلياتهم لا يستطيعون الخروج منها بسبب عربات الأمن المركزي الكبيرة والكثيرة التي تترصد لهم في الشوارع. كان آخر ظهور كبير للطلاب في شوارع مصر في انتفاضة يناير 1977 . وقبلها مظاهرات عام 1968 في عهد عبد الناصر احتجاجا علي نتائج محاكمات قادة الطيران الذين تسببوا في هزيمة 1967 .لم ينقطع حقا نضال الطلبة لكنه لم يعد بنفس القوة القديمة حتي جاء زمن مبارك ليصبح احتجاج الطلا ب داخل أسوار جامعاتهم حتي حدثت ثورة يناير العظيمة التي كان الطلا ب أول المستجيبين لها. 21 فبراير هو يوم الطالب العالمي الذ ي قررته الأممالمتحدة. وهو يوم الطالب المصري الذي سجل في العالم معني وقيمة لهذا اليوم وسجل فيه أعظم التضحيات. لقد خرج العالم من الحرب العالمية الثانية بحركات سياسية كبيرة في دول العالم المحتلة من انجلترا وفرنسا تطالب بالاستقلال . ومنها مصر ذلك الوقت التي كانت رغم معاهدة 1936 لا تزال رازحة تحت الاحتلال ولايزال للإنحليز فيها وجود في القناة ونفوذ للمندوب السامي . احتفظت المعاهدة للانجليز بهذا الوجود المحدود شكلا لكنه كبير ونافذ موضوعا. لقد طلب محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء من المندوب السامي البريطاني في ديسمبر عام 1945 إعادة المفاوضات لاستقلال مصر وجاء الرد مخيبا للآمال ورافضا التنازل عن المزايا التي أعطتها المعاهدة المذكورة للإنجليز . كان من الطبيعي للحركة الطلابية المصرية التي لم يتوقف نضالها منذ بداية القرن العشرين أن تقود النضال للتخلص النهائي من الاحتلال خاصة بعد ما قدمته مصر من خدمات لانجلترا في حربها ضد جيوش المحور في أفريقيا . عقدت اللجنة التنفيذية العليا للطلبة، تساوي اتحاد الطلاب الآن، مؤتمرا في جامعة فؤاد الاول - القاهرة فيما بعد - طالبت فيه بوقف المفاوضات وإلغاء ماهدة 1936 وجلاء القوات البريطانية فورا دون شروط ودعوا للإضرب العام في مصر في 9 فبراير . وخرجوا من الجامعة وما إن وصلوا إلي كوبري عباس حتي فتح عليهم الكوبري بعد مصادمات كبيرة مع البوليس وهي الحادثة الشهيرة التي صورتها السينما المصرية في فيلم في بيتنا رجل إذا كنتم تذكرونه .تقرر أن يكون يوم 12 فبراير يوم الصلاة علي أرواح الشهداء وبعدها خرجت المظاهرات الطلابية تجوب شوارع نصف البلد وما أن دخلوا ميدان الاسماعيلية - التحرير الآن - حتي فتحت عليهم المصفحات البريطانية، التي كان لها معسكر هناك، النار وراحت تدهسهم وحدثت مجزرة كبيرة . لم تكن المظاهرات في القاهرة وحدها بل في الاسكندرية واسيوط وبورسعيد وغيرها من المدن .استقال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا الذي كان ايضا وزيرا للداخلية والذي كان من قبل قد أمر قوات البوليس ألا تطلق النار علي الطلبة . لقد اختلف في أمر النقراشي في هذه النقطة والبعض اكد عدم إعطائه الأوامر وألقي بالمسؤولية علي حكمدار العاصمة الانجليزي راسل باشا وحكمدار الجيزة الإنجليزي أيضا فيتز باتريك. وهنا يمكن أن يكون الخلاف مقبولا لأنه كان في مصر حكام انجليز وجيش انجليزي لكن ما معني الخلاف حول قتل الشهداء في ثورة يناير وحتي الآن ولا توجد قوات أجنبية ولا حكمدار عاصمة أجنبي .أقول قولي هذا حتي لايقول أحد اشمعني النقراشي تبرأوه ,ليه مايكونش مبارك زيه أو حبيب العادلي . كان من الطبيعي أن تلحق الحركة العمالية المصرية بهم، وهي الحركة التي كانت حرة في مجتمع ليبرالي لا سيطرة فيه للدولة علي المجتمع المدني ومؤسساته الفكرية والإعلامية والعمالية وغيرها. إنضم عمال مصر إلي الطلبة وتكونت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال وكان معظم قياداتها من الشيوعيين المصريين أو اليساريين بشكل عام . وهنا ظهر الدورالتاريخي المعاكس لحركة الإخوان المسلمين الذين كونوا اللجنة القومية للطلبة لمؤازرة اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء الجديد جزار الطلبة. ومن الاقوال المأثورة لزعيم الإخوان المسلمين في جامعة القاهرة، فؤاد الاول كما قلت ذلك الوقت، " واذكر في الكتاب إسماعيلا إنه كان صادق الوعد" قارنا بين الجزار وبين نبي الله اسماعيل عليه السلام . قررت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال اعتبار يوم 21 فبراير هو يوم الجلاء ودعت الي إضراب عام كبير في كل مصر وخرجت الجامعات وكذلك المدارس والمصانع والشركات وفي ميدان الإسماعيلية - التحرير- من جديد استشهد 23 شهيدا تحت مدرعات الانجليز واصيب 121 وكذلك في المدن الأخري وبلغ عدد الشهداء والمصابين أكثر من 400 انسان .اختارت الاممالمتحدة ذلك اليوم فيما بعد يوما للطالب العالمي . ذلك أن أثر الطلبة المصريين امتد الي العالم العربي وبصفة خاصة الدول الرازحة تحت الاحتلال وامتد الي العالم كله .