سنة الله في خلقه الاختلاف والتباين، ولا بأس أن يبلغ الأمر أقصي حدوده، لكن تحت سقف يتفق كل من يستظل به علي قواعد وآداب لا يتجاوزها أي طرف.. الاختلاف لا يجب أن يزعج العقلاء، بل إن السجال الذي يدور قد يحمل خيرا كثيرا،. بشرط ألا تفلت الاعصاب. وتسب الألسن، ويختلط الحابل بالنابل، فتضيع مع الحقيقة مصالح العباد. لا أحد فوق النقد، ما دام موضوعيا وبناءً. ومن باب أولي أن يكون كل ما أشرت إليه- في السطور السابقة- واضحا لمن يمثلون الشعب في برلمان هو المؤسسة الأولي التي جاءت ثمرة للثورة، ثم أن مفهوم الحصانة لابد ان يتفق مع ما ثار من أجله الشعب، فهي لم تشرع إلا من أجل حماية وتحصين النائب فيما يذهب إليه من أراء. وبحيث تضمن له كامل حقوقه في استخدام كل أدوات التشريع والرقابة، وصولا إلي حقه في استجواب قد يطيح بالحكومة. لكن التجاوز باسم الثورة، تجريحا أو تطاولا بحق أي إنسان، بغض النظر عن منصبه، أو مقامه لابد أن يكون مرفوضا بلا أي استثناءات. دون ان تصل الثورة الي المنظومة الأخلاقية والقيمية ضبطاً وتهذيباً، فإن أحد أهم أهداف الثورة مازال بعيد المنال. النائب قدوة، والبرلمان مدرسة للديمقراطية، فإذا لم يعرف النائب دوره، أو قصر البرلمان في التزامه، فإن علينا أن ننتبه لخطورة أن تتقدم الثورة للخلف، وأن يخون من ينتمون اليها المباديء التي سعت لإرسائها!