وطني.. أين أجدك.. أشعر انني وحيد تتلاطمه الأمواج وتقذف به الرياح ولا أجد برا يشعرني بالأمان ولا جوا أتنفس منه الهواء ولا أملا فيه خطوات الوصال ولا حلما يتنفس الصعداء. كلنا نتساءل لماذا صرنا أعداء يتربص بعضنا بعضا بعدما كنا أهل هدف واحد وطريق واحد وميدان واحد؟! كنت أظن بعدما انكشف وتعري نظام الحكم الفاسد أننا بنفس قوة الدفع الشبابية والشعبية في طريقنا إلي البناء لحماية مقدرات وطننا وانقاذ ما يمكن انقاذه. كنت أظن أننا سنسعي لتدريب أولادنا وشبابنا العاطلين ودفعهم إلي المصانع التي توقفت أو أغلقت حتي تتوازن الأسعار. كنت أظن أننا سنخرج بأولادنا إلي زراعة الأراضي المستصلحة ووضع تنمية جديدة. كنت أظن أننا نملك الطاقة البشرية والعقول المستنيرة وهما نواة نجاح أي مشروع اقتصادي، ولكن ماذا حدث؟ غلبتنا شقوتنا وانغمسنا في المجادلات السياسية التي لا تنتهي أبدا والتي لن يتفق فيها أحد مع الآخر وها نحن نري الصورة أمامنا أين العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؟. مازلنا نأكل العيش ليس كله بسواعدنا وإنما نستورد ما يسد حاجتنا وأين الحرية؟.. لقد اقتربت من معني الفوضي بعدما ظن البعض أنه وحده يعرف معناها وأنه وحده صاحب التعبير عنها فانطلقت الحناجر للتنديد والمطالبة بسقوط كل سلطة حتي ان لم تظهر عليها علامات الاستبداد والفساد بل وصل الأمر إلي تهديد غير مباشر واصدار أوامر لمجلس الشعب الذي انتخبه 03 مليون مواطن مصري بأن وجوده من الميدان وأنه مراقب منه ومن السهل اعتراض تشريعاته وقراراته إذا لم تحظ بموافقة الميدان وأن سقوطه أمر سهل حتي وان جاء بملايين الأصوات ومع الحرية غير المسئولة ظهرت عبارات التخوين وفقدان الثقة واتهام البعض للآخر بأنه أصحاب أجندات ومصالح لتقسيم الوطن وتفتيته. أما عن العدالة الاجتماعية فإننا لا نعطي فرصا حقيقية لها بل أصبناها بمزيد من الإخفاقات بما يتم تخريبه من منشآت وتعطيل العمل وقلة الانتاج واستنزاف الاحتياطي النقدي والموارد وتعطيل عجلة السياحة بقطع الطرق الذي صار هدفا لمن لا يجد مطلبه .. كيف سنحاسب الحكومة ونحن لا ندع لها فرصة لالتقاط الأنفاس وتنفيذ مشروعات تدر دخلا لتحقيق العدالة الاجتماعية؟ أما عن العدالة القضائية فكما أننا لا نعطي تحت مفهوم الحرية الثورية الفرصة للرأي الآخر.. أيضا لا نعطي فرصة للقضاء بأن يحاكم رموز النظام السابق بل أصدرنا اتهاماتنا له بالبطء ونسينا أن القاضي يحكم بموجب ما لديه من أدلة وليس بأهواء الناس وأن العدالة ليست في الأرض فقط فإن استطاع دفاع المتهمين أن ينجح بلحن القول في افلاتهم من العقوبة فإن عدالة السماء لا تغفل، أما اصرارنا علي تنفيذ الحكم بأيدينا فإننا بذلك نكون قد عدنا إلي شريعة الغاب والفوضي. إنني أشتم رائحة صهيونية هدفها الأول أن تعيش مصر في فتن وانقسامات وأشم أيضا رائحة من المقربين في الداخل والخارج بأنهم يحيدون عن دعم مصر ودفعها نحو الطريق المستقيم تحت مزاعم يظنها الناس أنها معاني سامية وهي معان تخريبية. أدعو الجميع من الثوار وأهالي الشهداء والضحايا والمواطنين أصحاب المطالب الفئوية أن ينظروا إلي مصر باعتبارها أما وليست بقرة نحلبها حتي تجف ثم نلقي بها وسط المهملات وأن يستمعوا للمواطن البسيط الذي يبغي الاستقرار والأمان وإلا سيأتي يوم ليس بعيدا نجد الأولاد يطالبون بإسقاط ولاية أهاليهم بعدما أخذوا كل شيء منهم وأصبحوا لا قيمة لهم وأن نتذكر دائما ان الميدان يعيش في الوطن ولا يجوز للوطن أن يعيش في ميدان!