كنت دائما أقول لزملائي في ميدان التحرير إن من لم يعتصم معنا ويبيت في هذا الميدان فاته نصف عمره وبعد النصر عندما أتذكر هذه اللحظة أوكد أن من لم يكن معنا فقد فاته العمر كله، لقد كان من فضل الله وأقداره الكريمة أن ظللت لأيام أتابع علي الانترنت مدي التجاوب مع الدعوة للتظاهر.. هذا ما رواه لنا طارق زيدان مؤسس إئتلاف ثورة مصر الحرة وعضو اللجنة التنسيقية للثورة. طارق عاد بالذاكرة ليقول: كنت أنظر الي النتيجة المعلقة علي الحائط أنتظر يوم 25 خاصة بعد نجاح الثورة التونسية وكنت دائما أتساءل هل ممكن أن نفعلها كما فعلها التوانسة حتي جاء اليوم الموجود وتجمعنا مجموعات صغيرة في ميدان التحري لاتعرف بعضنا بعض وجوه تتقابل للمرة الأولي ولكنها وجوه من نور غيرت مجري التاريخ وأذهلت العالم وتعالت الصيحات والهتافات وإنفجر بركان الغضب وبدأت رائحة القنابل المسيلة للدموع تنتشره بقوه ولكن نسيم الحرية كان أقوي بكثير من رائحة القنابل ثم بدأت الأعداد تتزايد ورغم محاولاتنا في أن تكون المظاهرة سلمية ومحاولة تفادي الاشتباكات مع الأمن المركزي إلا أن الاعتداءات من الشرطة تزايدت ودارت معركة كر وفر بيننا وبين الأمن المركزي في شارع قصر العيني ولم يكن لدينا أي خبرة ميدانية في التعامل مع مثل هذه الاشتباكات وتصرفنا بعفوية وحاول الامن استدراجنا الي شارع قصر العيني ولم يكن لدينا أي خبرة ميدانية في التعامل مع مثل هذه الاشتباكات فكان يهاجمنا بعنف ويضربنا بقسوة فننادي بعضنا علي بعض ونرد الهجوم بسواعدنا العزل فيتراجع الامن المركزي للخلف ولاحساس الشباب من حولي أنني أكبرهم سنا كانوا ينتظرون مني نصائح وتوجيهات في التعامل مع اعتداءات الامن المركزي وأخذت أنادي علي المجموعات التي كانت في وسط الميدان للانضمام الينا في صد اعتداءات الامن المركزي والجري وراءهم في شارع قصر العيني والحقيقة انهم كانوا يستدرجوننا حتي نندفع وراءهم, ويقل عدد المتواجدين في الميدان لتدخل مجموعة من الامن المركزي من الخلف. ويكمل طارق زيدان روايته: حاولوا اخراجنا من الميدان باتجاه قصر العيني لنقع بين فكي كماش ولكن الله ساق الينا الكاتب الصحفي الكبير ابراهيم عيسي لينادي علينا ويعطينا النصيحة الغالية( أوعو تسيبوا الميدان لو سيطرتوا عليه يبقي سيطرتوا علي اهم ميدان في مصر) فاخذت أنادي باعلي صوت علي الشباب في شارع قصر العيني كله يرجع علي الميدان ثم اضطررت الي عمل كردون من الشباب وامسكنا بايدي بعض لعمل حاجز بشري نمنع به اندفاع الشباب من الميدان الي شارع قصر العيني حيث الاشتباكات دائرة بين الامن المركزي والمجموعة التي في قصر العيني وذلك بهدف الحفاظ علي وجود عدد كبير من الشباب في وسط الميدان فما كان من الامن المركزي الا ان ضغط بشده علي مجموعة قصر العيني واخذ يجري وراءهم باعداد كبيرة ويحاول الاعتداء عليها والقبض علي بعض افرادها وهنا فكانت صيحة الله أكبر زلزلت الميدان اوجدنا انفسنا جميعا ونحن عزل من اي سلاح نجري في اتجاه الامن المركزي باقصي سرعة بشجاعة منقطعة النظير اتعجب منها حتي الان وعندما شاهد جنود الامن المركزي هذا الاندفاع الجنوني تجاههم تملكهم الرعب واخذوا يهربون من امامنا باقصي سرعة واخذ الشباب يتناولون الحجارة من الارض وبدأنا لاول مرة نقذف الامن بالحجارة وطاردناهم حتي مدخل مجلس الشعب ولكني توقفت عند مجلس الشوري حيث اصابت قنبلة مسيلة للدموع راس شاب بجانبي دماءه الطاهرة علي وجه فامسكن به حيث كان يترنح من اثر الضربة وكانت هذه اول اصابة في هذا اليوم. وبعد ذلك اخذت الشاب المصاب الي الخلف الي رصيف لنتولي اسعافه واستمر الشباب في مواجهة الامن المركزي بقوة وشجاعة وتزايدت الاعداد الي الحد الذي بعث فينا الثقة والطمأنيه واحسست انني في حلم وليس حقيقة. ويضيف منتصر النوبي وتامر عباس في شهادته للاهرام واستمرت المناوشات تقريبا حتي اذان المغرب حيث صلينا المغرب في مواجهة شارع محمد محمود وبعد صلاة المغرب كان الامر قد استقر تماما وتمركزت عناصر الامن المركزي في شارع قصر العيني وتوقفت الاشتباكات واستمرت الهتافات مدوية وبدا يعلو الهتاف الشهير الشعب يريد اسقاط النظام ذلك الهتاف الذي لم يتوقف منذ هذه اللحظة حتي اقاله حكومة شفيق. ومع حلول الظلام كان المشهد مهيبا حيث احتشد في الميدان الالاف وركزت في نوعية المتظاهرين ولاحظت ان معظم المحتشدين من أوساط راقية حتي انني قلت اني اشعر ان هذه المظاهرة ليست في ميدان التحرير بل هي مظاهرة في باريس او لندن ولاحظت عدم تواجد اي تيارات دينية سواء اخوان مسلمين او غيرهم وكان هناك بعض الملتحين القلائل وانا منهم واعتقد انهم مثلي مستقلين لاينتمون للاخوان او غيرهم ولاحظت نسبة كبيرة من البنات والسيدات محجبات وغير المحجبات كانوا من الشجاعة والاقدام ماجعلني اجزم بان في مصر اجدع بنات في العالم ومع مرور الوقت كانت الحشود والاعداد تتزايد واخذنا نمر علي بعضنا البعض لنؤكد علي اننا لن نذهب الي منازلنا واننا معتصمون حتي الصباح وكان كل املنا ان نصمد حتي الصباح علي امل ان ينضم الينا الموظفون والعمال المتجهون الي اعمالهم والحقيقة انه بحلول منتصف الليل قلت الاعداد نسبيا ولكن كانت مازالت الاعداد كبيرة وعندما بدأت الصفارات تنطلق من السيارات المدرعة كانذار لنا كي ننهي الاعتصام اتجهنا تجاه المدرعات التي كانت علي اول شارع قصر العيني واعلنا التحدي وتكاثرنا امامها وتعالت صيحات الله اكبر فتوقفت صفارات الانذار فرجعنا مرة اخري الي أماكننا وبعد فترة وجيزة ومن غير سابق انذار دوي صوت الطلقات الصوتية وتم اطلاق عدد ضخم من القنابل المسيلة للدموع بشكل هستيري ومتواصل من جميع الجهات لدرجة ان الرؤية أصبحت صعبة من الدخان الابيض وحاول الشباب الابطال الصمود ولكن الصمود لوقت طويل كان معناه الموت بالاختناق فاندفعنا هربا من جحيم الغازات في اتجاه عبدالمنعم رياض ودخلنا في شارع شمبليون وفوجئنا بقوات تحاول ان تغلق علينا الطريق لتقبض علي البعض منا فاخذنا نهرب في الممرات الضيقة بين العمارات في مجموعات صغيرة حتي لايتم القبض علينا فرادي من البوليس السري ولحسن حظي كنت تركت سيارتي عند موقف السوبر جت ركبتها بسرعة واخذت بعض الشباب معي وحاولنا تفادي الكمائن في الطريق حيث كانت رائحة القنابل في ملابسنا وأعيننا في حالة يرثي لها وكان من السهل اكتشاف اننا هاربون من الميدان لذا سلكنا الطريق الدائري وقدر الله لنا النجاه هذا اليوم حيث كان في انتظارنا اياما اخري حاسمة. [email protected]