من مهام جهاز المحاسبات أن يعد تقارير بالمخالفات التي يكتشفها بمختلف أجهزة الدولة.. وأن يتقدم بها إلي الجهات المسئولة مثل مجلس الشعب.. باعتبار الجهاز يتبع السلطة التشريعية.. والنيابة العامة باعتبارها الأمين علي الدعوي المدنية.. والمدافع عن حق المجتمع.. وحق المواطن دافع الضرائب. وليس من مهام جهاز المحاسبات أن يعمل في الخفاء.. وكأنه يكتب تقارير سرية.. يقدمها للمسئول الفاشل والفاسد.. لأن عمل الرقابة يحتاج إلي شفافية وإفصاح.. وإذا كان الجهاز قد ارتكب العديد من الأخطاء المهنية قبل ثورة يناير 1102 فإنه لا يجوز له بعد الثورة أن يواصل ارتكاب نفس الأخطاء بعد الثورة.. لأن الثورة طالبت بتطهير المؤسسات من فلول النظام السابق.. ومنها المؤسسات التشريعية وما يتبعها من أجهزة خاصة الجهاز المركزي للمحاسبات. وظهر داخل الجهاز نفسه جماعة »رقابيون ضد الفساد« فضحوا ما كان يحدث في الجهاز أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه الذين سقطوا وطواهم النسيان مثل رئيس الجهاز السابق.. أو من الرموز الذين يجري محاكمتهم الآن والذين سبق الحكم عليهم في قضايا تتعلق بالفساد ويضمهم جميعاً سجن مزرعة طرة.. والسبب الرئيسي في المحاكمة فساد الرموز السيئة.. وعدم وجود تقارير من جهاز المحاسبات تكشف هذا الفساد.. أو وجود تقارير بلا معني.. لهذا كانت ثورة شباب 52 يناير كاشفة للفساد.. بينما تقارير جهاز المحاسبات توضع في الأدراج مثلها مثل أوراق »الدشت« أو الأوراق المهملة غير المفيدة! أقول هذا بمناسبة ما قرأته في بريد »الأخبار« الخميس الماضي بعنوان »الجهاز المركزي للمحاسبات يرد: لم نقصر في متابعة المؤسسات الصحفية القومية« والرد موقع من وكيل أول الوزارة وكيل الجهاز. وكنت قد كتبت مقالاً الأحد 51 يناير بعنوان »هيكلة الصحافة«.. وتحدثت فيه عن أن الدولة لا يمكن في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة أن تستمر في تحمل أعباء وخسائر المؤسسات الإعلامية والصحفية الحكومية.. وتضمن المقال تحليلاً لما كان يحدث في هذه المؤسسات من إهدار للمال العام وإفساد وتبذير طيلة الخمسين سنة.. وقلت إن تقارير جهاز المحاسبات لم تكن مفيدة للإصلاح في ظل رؤساء مؤسسات يستمدون القوة من رأس الدولة.. وتحدثت عن أن التشكيلات الشرعية في المؤسسات نامت عن هذه المخالفات.. مثل الجمعيات العمومية.. وقلت »كما نام الجهاز المركزي للمحاسبات في حضن المؤسسات.. وإذا تم اتخاذ أي إجراء بمراجعة الجهاز«. وكله بثمنه.. لكن هذا العهد انتهي بثورة 52 يناير.. وليس في ذلك أي قذف ولا سب كما تقول الوكيلة.. هذه مظاهر فساد نامت عنها كل الأجهزة والهيئات الشرعية المنوط بها الحفاظ علي حقوق الحكومة وحقوق المؤسسات.. وحقوق العاملين.. وحقوق المواطنين.. أين كان الجهاز إذن عندما كانت كل هذه المخالفات تتم في المؤسسات الإعلامية والصحفية؟! أين كان المراقبون الذين دخلوا المؤسسات وتم تخصيص سيارات لانتقالاتهم.. وقامت المؤسسات بتخصيص مكاتب لهم.. ثم إذا كانت الوكيلة تعترف بهذه الخسائر التي تبلغ 9.692 مليون جنيه ل6 مؤسسات صحفية.. وإحدي المؤسسات حققت خسائر 04 مليون جنيه في 03/6/8002. وإذا كانت الوكيلة تقول إن إجمالي خسائر المؤسسات الصحفية حتي 03/6/9002 بلغت 2 مليار و063 مليوناً و004 ألف جنيه.. والجهاز يرصد الخسائر ويسكت.. لماذا؟ تقول الوكيلة إن من أسباب الخسائر السحب علي المكشوف من البنوك.. وزيادة أعباء فوائد الإقراض.. الطاقات المعطلة في المؤسسات رغم انها طاقات يمكن أن تكون منتجة! نأتي إلي ما تراه الوكيلة من خسائر في قطاع المطابع.. فقد بلغت 5.15 مليون جنيه.. إذن هي مؤسسات طباعية فاشلة!.. إضافة إلي خسائر بلغت 1.53 مليون جنيه في قطاعات النشر والتوزيع.. وإذا كانت مهمة المؤسسة الصحفية »طباعة/ نشر/ توزيع« وخسائرها بلغت 6.68 مليون جنيه.. إذن فيما تنجح.. هل تنجح في حفلات الطرب والرقص.. والمعارض.. إذن هذه المؤسسات تحتاج إلي وكلاء فنانين.. وليس رؤساء مؤسسات صحفية! نأتي للمشكلة الأهم والأخطر.. ان هذه المؤسسات تصدر إصدارات فاشلة.. لا يقرأها إلا العاملون فيها كما قلت في المقال وكما أيدني الجهاز علي لسان الوكيلة.. حيث تقول: كثرة الإصدارات الخاصة بهذه المؤسسات والتي بلغت 16 إصداراً لعدد 01 مؤسسات رغم ارتفاع نسب المرتجعات والتي بلغت في بعض المؤسسات »86٪، 77٪، 29٪، 49٪، 59٪« مما ترتب عليه خسائر بلغت نحو 4.25 مليون جنيه. أرجو أن يقول لي شخص منصف إذا أصدرت إصداراً ما والمرتجع منه 59٪.. يعني التوزيع 5٪.. إذن لماذا هذا الإصدار.. ولماذا أصرف عليه.. ومن يقرأه.. هؤلاء القراء الذين يمثلون 5٪ من رقم التوزيع لهم الجنة! وتؤكد الوكيلة أن هناك خللاً في الهياكل التمويلية للمؤسسات.. بلغت ديونها للبنوك ملياراً و573 مليون جنيه إضافة إلي فوائد 3.123 مليون جنيه.. كما أن للحكومة لدي هذه المؤسسات مستحقات بلغت 2 مليار و898 مليوناً و006 ألف جنيه.. رغم هذه الخسائر والديون فإن هذه المؤسسات تصرف هدايا بلغت 06 مليون جنيه في مؤسستين فقط في 92/6/9002. وقالت الوكيلة إن الجهاز أبلغ النيابة بالقضية رقم 82 لسنة 5002 والقضية رقم 759 لسنة 1102 و153 لسنة 1102. والحقيقة أن هذه القضايا السبب فيها أفراد من أعضاء المؤسسات أو من نقابة الصحفيين.. ولا أعتقد أن الجهاز بدأ يتحرك إلا بعد أن قام هؤلاء بإبلاغ النيابة.. وأصبحت القضايا معروفة للجميع.. في الوقت الذي كان الجهاز يرسل تقاريره لمجلس الشعب ولرئيس الجمهورية المخلوع.. وبعد الثورة تحرك الجهاز.. وجاء رده تأكيداً علي ما قلت في مقالي.. وطالبت بإعادة هيكلة المؤسسات إدارياً ومالياً.. وإعادة تنمية الموارد البشرية اللازمة للنهوض بالمؤسسات الصحفية.. التي نخاف عليها بالتأكيد أكثر من جهاز المحاسبات! دعاء يريح البال اللهم ارزقني الرضي وراحة البال اللهم لا تكسر لي ظهراً ولا تصعب لي حاجة ولا تعظم عليّ أمراً اللهم لا تحني لي قامة ولا تكشف لي ستراً ولا تفضح لي سراً اللهم ان عصيتك جهراً فاغفر لي وان عصيتك سراً فاسترني