سألني زميلي في الدراسات العليا بجامعة القاهرة ذ التي لم اكملها ذ عن انتمائي السياسي فقلت إنني مصراوي. أعاد السؤال موضحا ومفترضا أنني لم أفهم إن كنت يساريا أو يمينيا أو وسطيا فكررت نفس الاجابة. انصرف عني غاضبا. كان ذلك في أوائل سبعينات القرن الماضي وقت بدأ تشجيع الجماعة الاسلامية في الجامعات والشارع لمواجهة اليساريين والناصريين علي حين كان الاخوان في السجون. لم تكن اجابتي علي سؤال زميل الدراسات وليدة تلك التطورات لكنها سابقة عليها ومستمرة بعدها. الحياة أكبر وأعقد من أن يحتويها اطار والفكر أرحب من حصره في نظرية. من حق أصحاب الفكر الواحد تشكيل حزب أو جماعة أو منظمة ومن حقهم طرح تصورهم والدعوة اليه واجتذاب الانصار وتولي الحكم إن اختارهم الناس علي أساس من أفكارهم. هنا يبرز سؤال إشكالي لاي ولاء يدينون بعد أن راحت السكرة وجاءت الفكرة كما يقول المثل الشعبي. الولاء للحزب والبرنامج أم للوطن والشعب؟ إن أي برنامج مهما كان شاملا لا يغطي الجوانب كلها وأي اجتهاد مهما كان معمقا لا يحل المشاكل جميعها وأي رؤية مهما كانت ثاقبة لا تحتوي المشهد كاملا. أتصور وبعض التصور صواب أن كل واحد من أعضاء مجلس الشعب المنتخبين وعددهم 894 هو نائب عن الامة كلها وليس عن حزبه وجماعته وأن مهمته تشريعيا ورقابيا هي رعاية مصالح الامة كلها. ولكي يتحقق ذلك يتعين علي الجميع أن يخلعوا عباءاتهم الحزبية لحظة دخولهم الي المجلس وارتداء عباءة المصراوية. أقول المصراوية وليس المصرية لان الاخيرة أقرب لان تكون منحصرة في تحديد الجنسية علي حين أن الاولي فيما أتصور تعبير عن الهوية والنهج. عن المسلك والغاية. عن الاتجاه الذي يشير اليه سهم البوصلة والذي لا ينبغي الانحراف عنه..سهم مصلحة مصر. والمصراوية لا ينبغي ان تعني القولبة بل تعني الاختلاف في إطار من التوافق حول الغاية والسعي الي أفضل السبل لتحقيقها دون جمود أو تمترس خلف شعارات قد لا تكون بالضرورة قابلة للتطبيق او قد تكون سببا لفرقة بدل أن تكون وسيلة تجميع. لدينا مجلس شعب قابل لان يكون فاتحة خير لمصر إن تصرفنا كمصراويين ذلك أنه لا أحد ينازع في أننا مصريون.