لسنا في حاجة إلي التذكر دائماً والتذكرة بأن أمريكا وإسرائيل عملة واحدة ذات توجه واحد فهما لا يبغيان في الأرض إصلاحاً وانما فساداً وزرع فتن وانقسام بين أفراد الأوطان خاصة العربية والإسلامية حتي يستولوا علي مقدرات هذه الشعوب وتصبح لقمة سائغة يمضغونها وقتما يشاءون وحتي لا تصبح هذه الدول يوماً ما شوكة في حلقهم كما حدث في الماضي البعيد والقريب. لا ألوم أمريكا أو إسرائيل وانما ألوم أنفسنا التي خرجت عن طورها الطبيعي في التماسك وأخذ بعضنا يقذف الحجر في وجه الآخر وكأننا صرنا أعداء. فأزمة المنظمات الحقوقية لم تضف جديدا لسياسة أمريكا واسرائيل التي نعلمها فهم مثل الحداءة لا تقذف دولارات تحت مسمي معونات أو مساندات أو قروض ميسرة من أجل سواد عيون الديمقراطية وحقوق الإنسان وانما من أجل تحقيق مصالحهما في بث المزيد من الانقسام وإحداث فجوة بين الشعب والجيش كما حدث من قبل بين الشرطة والشعب فنفقد جناحي الأمن والدفاع عن حدودنا فنصير مسرحاً مفتوحاً لتغنم أمريكا وإسرائيل من وراء هذا الانقسام وتهبط علينا لتجمع الغنائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت مسمي المعونة التي تقدمها سواء للدولة أو لمنظمات المجتمع المدني. ذكر لي صديق إيراني كان في كندا عند حدوث الحادث المؤسف الخاص بتعرية فتاة مجلس الوزراء أن العالم كله انتفض ولم يعد يشغله أي شيء سوي هذا المشهد المؤلم وكأن العالم في لحظة تاريخية تحول إلي »معتصماه« الذي ينقذ »الولايا« من أنياب الجنود المصريين!.. هذا العالم الذي شاهد عبر صور حقيقية مشاهد الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين وهم يقتلون بأبشع أنواع القسوة الإسرائيلية لم يحرك ساكناً لانقاذ هؤلاء أو حتي توجيه تحذير أو إنذار لإسرائيل أن تكف عن فعلتها الشنعاء والتي مازالت تتكرر كل حين من الزمن أو حتي تربط المعونات الاقتصادية والعسكرية التي تتلقاها من أمريكا والغرب بالامتناع عن هذه الجرائم.. يالها من مفارقة تدعونا أن نتأمل أنفسنا أولاً وما يحاك ضدنا ثانياً. الأزمة ليست في المعونات الأمريكية وإنما فيما وراء هذه المعونات فعندما قررت أمريكا تقديم هذه المساعدات لمصر وإسرائيل وفقاً لاتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام انما كانت تبغي تحقيق أهداف استراتيجية للعملة الواحدة وليست مساعدة مصر وذلك بالابقاء علي السلام بين مصر وإسرائيل حتي تسترد أنفاسها التي اختنقت في حرب أكتوبر لتعود لها أنيابها مرة أخري!. ولما كان السلام بارداً خرجت أمريكا علينا بادعاء آخر وهو خلع المعونات الاقتصادية والعسكرية من ربقة كامب ديفيد واتفاقية السلام وتحويلها إلي مفهوم مطاط اسمه حقوق الانسان وبالتالي يمكن لأمريكا واسرائيل من خلال منظماتهما الحقوقية اسماً فقط أن تزرع الانقسام والفتنة بين أبناء الوطن الواحد ولهذا هاجت وماجت عندما صدر أمر قضائي بتفتيش هذه المنظمات وأرسلت سفراءها ومبعوثيها لجس نبض القيادة المصرية.. هل ستغمض عينها عن هذا الأمر وتتركه في حاله يمضي في تحقيق مآرب »العملة الواحدة« أم ستكشف خبايا ما تقوم به الاستخبارات الأمريكية تجاه الشعب المصري. أحترم بل وأقدر المنظمات التي تؤمن بالقول المأثور »كلمة حق عند سلطان جائر تعدل أجر شهيد عند الموت«.. كلمة حق بلا معونات من الداخل أو الخارج فمن المنطقي أن من يدفع يجب أن يجني ثمار ما دفع فالحداءة التي تقتنص الكتاكيت لا يمكن أبداً أن توزعها طوعا والانسان العربي وخاصة المصري يملك من مقومات الفراسة والحداقة ما يمكن أن يكتشف ذلك بسهولة. اتباع الطريق المستقيم فيما بيننا ومحاسبة المخطيء أياً كان موقعه يدرأ عنا الحداءة. ملحوظة: أمريكا بإلغاء بند المعونات العسكرية والاقتصادية المرتبط باتفاقية السلام تكون قد ألغت هذه المعاهدة قانوناً وسيكون من حقنا أن نطالب بإلغائها أيضاً ولكن احتراماً لأنفسنا.