فجأة وبدون مقدمات طلع علينا الدكتور محمد البرادعي بتصريح أثار جدلاً واسعاً بين المصريين . قال البرادعي أنه يعلن انسحابه من سباق انتخابات الرئاسة القادم!! وبرر ذلك في تصريحه بأن ضميره لا يسمح بتولي هذا المنصب في ظل مناخ سياسي غير ديمقراطي!!! . والحقيقة أننا احترنا معك يا دكتور برادعي . مرة تقول إنك مفجر ثورة 25 يناير، والمرشح الذي يلتف حوله شباب الثوار وإنك لن تتخلي عن دورك في بناء الديمقراطية الحقيقية في مصر. ومرة ثانية تقول إنك علي استعداد للتخلي والتضحية بالدخول في سباق الانتخابات الرئاسية واستعدادك لتولي حكومة إنقاذ وطني تقود البلاد في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة ومرة ثالثة تفاجئنا أنك منسحب بضغط من ضميرك من هذا كله!!. والغريب أن الضمير كان حاضراً في المرات الثلاث والمفترض أن المحرك لهذا الضمير هو الصالح العام ومصلحة الوطن فهل يا تري نصحك البعض أن الصالح العام ومصلحة الوطن تقتضي منك أن تعلن انسحابك نهائياً من الانتخابات القادمة ؟!. بعض الأخبار التي تواردت تقول إن هذا القرار أعلن عقب لقائك مع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر فهل نصحك الصديق الأمريكي بهذه الخطوة أم أن هناك أوراقا خافية وراء هذا القرار، هل حسبتها جيداً وأدركت أن فرصك في الفوز ليست بالقدر الذي توقعته في البداية فآثرت ألا تحرق نفسك في جولة خاسرة ؟. أسئلة كثيرة يتداولها الناس في الشارع السياسي الآن حول قرارك المفاجئ وأبعاده وخلفياته وأسبابه الحقيقية التي تختفي وراء لافتة كبيرة اسمها : الضمير. فهل تملك الشجاعة الكافية لتواجه الناس بالأسباب الحقيقية لقرارك المفاجئ وهل يمكن أن تثبت لمريديك الذين منحوك ثقتهم وتأييدهم أنك انسان واضح تكشف الحقائق كلها بشفافية وجرأة أم أن لعبة السياسة أعقد من هذا بكثير؟ مجرد أسئلة تلوكها الألسنة الآن. وأنا شخصياً أتساءل أية ديمقراطية تلك التي تريدها لقد خطونا في الطريق الحقيقي الآن نحو البناء الديمقراطي وذهبنا إلي صناديق الانتخاب بأعداد غير مسبوقة في تاريخ مصر وصورة أذهلت العالم كله لقدرة الشعب المصري علي أن يفرض اختياره. وقد أتت الانتخابات البرلمانية بأغلبية للتيار الإسلامي ، لكن أحداً لا يستطيع أن ينكر أنها كانت انتخابات سليمة وإن تخللتها بعض المخالفات الطبيعية التي تحدث في أي انتخابات في أي بلد في العالم فهل صعود التيار الإسلامي أخافك؟ وهل الديمقراطية من وجهة نظرك هي الديمقراطية التي تأتي بالتيارات والانتماءات السياسية التي تلائمك؟ غريب فعلاً أن تصف المناخ الحالي بأنه مناخ غير ديمقراطي لمجرد أن الشعب اختار من هم علي غير هواك فأية ديمقراطية هذه يا دكتور. أما الضمير الذي رفعته لافتة لكل تصريحاتك ولقاءاتك فأنا أدعوك إلي وقفة حقيقية معه وأقول لك إن انسحابك المفاجئ قد أحبط مريديك علي الأقل وبث رسالة سلبية عند الكثيرين مفادها أننا لا نعيش ديمقراطية حقيقية وهذه الرسالة في اعتقادي تخلو من أي إحساس بالمسئولية فالناس جميعاً يتعلقون بقارب الأمل ويصبرون علي متاعب الفترة الانتقالية أملاً في الوصول إلي ضالتهم المفقودة التي عانوا كثيراً حتي يصلوا إليها . فلماذا تبث اليأس في نفوس الشعب الصابر، ولماذا تبرر انسحابك بأسباب واهية وغير حقيقية بدلاً من أن تواجه بشجاعة قرارك وتصارح محبيك ومؤيديك. الضمير .. الضمير يا دكتور برادعي هو أحوج ما نكون إليه الآن!.