حدثنا الكاتب الفلسطيني عيسي القدومي عن التيار اليهودي الأرثوذكسي الذي يتبني تكفير قيام الدولة الإسرائيلية لأنها قامت خلاف المشيئة الالهية وقدم البحث شهادات لعدد من حاخامات هذا التيار تثبت الخطأ الذي وقع فيه اليهود عندما سعوا لإقامة دولتهم. وقبل أن نهنيء أنفسنا علي اعترافات هؤلاء، ينبهنا القدومي إلي أن هذا التيار المعتدل لا يمثل أكثر من فئة قليلة آخذة في التناقص السريع، في مواجهة التيارات المتطرفة والمتنامية التي تبارك وتساهم في استمرار الدولة بكل ما لدي حاخاماتها من الأكاذيب والافتراءات التي يرددونها ليل نهار. وجدت الحكومات التي تعاقبت علي حكم إسرائيل في قيادات تلك التيارات الدينية المتطرفة بوقاً زاعقاً يمكن الاعتماد عليه في ترسيخ جذور الدولة، ومنع المساس بها، من خلال الفتاوي التي يصدرها الحاخامات بالاتفاق المسبق مع أحزاب أقصي اليمين وحكوماتها. القاسم المشترك في كل تلك الفتاوي إنها توظف الدين لخدمة الدولة الشيطانية. فلا بأس من الافتراء علي الدين مادام القصد: تقديس الأخطاء والخطايا. والأمثلة علي ذلك كثيرة، ومنها: إن أرض فلسطين هي أرض الميعاد، التي يجب أن يحارب كل اليهود من أجل امتلاكها، وإقامة التعاليم اليهودية علي أرضها، وتشريد أهلها، وتهويد حجرها، وتغيير معالمها، وقتل أطفالها(..). ويري كاتب الدراسة عيسي القدومي أن تصريحات وفتاوي وأقوال حاخامات اليهود ساهمت بشكل واسع في ترسيخ الاحتلال والاستيلاء علي أراضي فلسطين، حيث نادي حاخامات اليهود الأرثوذكس بوجوب تحرير أرض " إسرائيل" من الغاصبين (..). فهم يباركون الجيش الذي يقوم بذلك ويعتبرونه مقدساً، كما يردد الحاخام تسفي يهودا كوك - الزعيم الروحي لجماعة جوش أمونيم قائلاً: " إن الجيش الإسرائيلي كله مقدس؛ لأنه يمثل حكم شعب الله علي أرضه". نفس هذا الحاخام تسفي يهودا كوك كانت له فتوي شيطانية شهيرة أطلقها فور انتصار إسرائيل علي العرب في حرب يونيو عام 1967، واحتلت سيناء المصرية، والجولان السورية، والضفة الغربية التي كانت تحت الحماية الأردنية. قالت الفتوي: [إن كل هذه الأراضي هي لنا، قطعاً، تخصنا جميعاً، لا يمكن أن تنقل للآخرين حتي ولو بعضها. ومن الواضح والأكيد أنه لا "مناطق عربية" أو "أراض عربية"هنا، إنما أراض إسرائيلية فقط. الإرث الدائم لأسلافنا. وإليها جاء الآخرون يقصد العرب وعليها بنوا من دون إذن منا، وفي غيابنا]. ويزداد خلط، وطبخ، وتعويم، الدين بالسياسة.. فينقل الكاتب عيسي القدومي فتوي أشد شيطانية مما سبقها، أطلقها الحاخام العسكري لإسرائيل موشيه جورن زعم فيها أن: [الحروب الثلاث التي جرت بين "إسرائيل" والعرب خلال السنوات: 84، و 65، و 76 هي في منزلة الحرب المقدسة. فأولها: لتحرير أرض إسرائيل. والثانية: لاستمرار دولة إسرائيل. أما الثالثة: فقد كانت لتحقيق نبوءات إسرائيل]. ومن الواضح أن الفتوي قديمة، وتؤرخ للحروب الثلاث التي انتصرت إسرائيل فيها علي العرب. وأثق في أن الزميل الكاتب الفلسطيني المبدع عيسي القدومي لم يعثر علي فتوي لهذا الحاخام العسكري لدولة إسرائيل تعليقاً علي حرب أكتوبر1973، لا لشيء إلاّ لأن الحاخام العسكري أصيب وقتها بالذهول وفقدان النطق، فور علمه بانتصار الجيش المصري علي إسرائيل لأول مرة في تاريخ الصراع العربي/ الإسرائيلي، وأعاد لمصر كل شبر كان محتلاً في سيناء؟!