كثيراً ما نصفهم ب »المتطرفين«، و»المتشددين«، و»الإرهابيين«، وهي أوصاف غير دقيقة لأنها تُعمم ولا تُحدد. فما أكثر الخلافات والتناقضات بين هؤلاء الذين نجمعهم داخل حلقة التطرف والتشدد والمغالاة في الالتزام بما يظنونه في صميم دياناتهم ومعتقداتهم ونذروا أنفسهم من أجل فرضها علي الآخرين بكل الوسائل المتاحة والمستحيلة معاً. وهذه الخلافات والتناقضات ليست مقصورة علي دين واحد أو عقيدة منفردة، وإنما نجدها واضحة لدي المتشددين والملتزمين في باقي الديانات السماوية الأخري. وقد يتصوّر البعض أن تلك الخلافات محصورة بين المتشددين والعلمانيين، أو بين المتطرفين والليبراليين، أو بين الملتزمين والوسطيين.. لكن الواقع يثبت أنها أي التناقضات والاختلافات تمتد وتنتشر بين الجماعات المتطرفة بعضها البعض. فمثلاً: نجد تضارباً واضحاً بين السلفيين المسلمين والإخوان المسلمين رغم أن هؤلاء وأولئك يرحبون بوصفهم بالملتزمين بدينهم وتعاليمه وأحكامه. وما يقال عن المسلمين يقال نفسه علي المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت. ويقال أكثر منه عن جماعات التطرف والتشدد والإرهاب اليهودية، التي فرضت وتفرض نفسها في هذه الأيام علي وسائل الإعلام العالمية بعد ما جري في بلدة "بيت شيمش"، حين هوجمت بعض الفتيات من قبل من يسمون بالمتطرفين ال"حريديم"، وأثيرت ضجة كبيرة حول التيار الحريدي المتمثل بمدرسة "الحسيديم" بسبب التمييز ضد النساء وإقصائهن في المؤسسات العامة، والمواصلات، وتعليق لافتات تطالب النساء اليهوديات بالسير علي أرصفة منفصلة عن أرصفة الرجال، وعدم الاختلاط بالرجال، و.. و.. وغيرها. لم أجد أفضل من الدراسة المطوّلة التي كتبها منذ فترة، وقبل أحداث بلدة »بيت شيمش« الكاتب الصحفي الأستاذ عيسي صوفان القدومي، رئيس تحرير مجلة بيت المقدس، والمتخصص في الصراع العربي الصهيوني والدراسات المتعلقة في القدس والمسجد الأقصي، تحت عنوان مثير: »اليهود الأرثوذكس.. بين التكفير والذوبان«، لأتعرف علي حقائق التطرف الديني اليهودي الذي لا يهدد فقط سلام اليهود، وإنما يهدد وجود كيانهم المعروف باسم: دولة إسرائيل. وفيما يلي تلخيص أرجو أن يكون غير مخل بما اهتم الكاتب عيسي القدومي بتفسيره وإيضاحه. البداية المهمة التي قدمها الكاتب لدراسته، الأكثر أهمية، تقول: (نسمع الكثير من الفتاوي الحاخامية المحرضة علي المزيد من القتل والجرف والتدمير. كما نقرأ كمًّا من البذاءات التي تنطق بها القيادات الدينية اليهودية التي تبارك وترعي قتل الأطفال والنساء قبل الشباب والشيوخ في غزة والقطاع. وفي الوقت نفسه نسمع صوتاً مناقضاً من بعض الحاخامات الأرثوذكس الذين كشفوا حقيقة هذا الكيان الغاصب الذي أسمي نفسه »إسرائيل«، وكيف أن قيام هذا الكيان مخالف للعقيدة اليهودية التي تري أن اليهود منفيون في الأرض بأمر من الله بسبب مخالفتهم لتعاليم اليهودية وأنه يجب ألا تكون لهم دولة.. لأن قيام الكيان الصهيوني يتعارض مع أوامر التوراة). .. وللحديث بقية.