"عندما يغلق في وجهك باب يجب أن تعمل لتفتح آخر" (مقولة هيلين كيلر،الكاتبة الأمريكية)، "وما نراه من مصائب في أغلب الأحيان ماهي إلا نعم مستترة" (أوسكار وايلد،كاتب إيرلندا الأشهر). بالإدارة الجيدة والإرادة القوية والصبر والتفاؤل نستطيع أن نعيد بناء هذا الوطن، فلنستبشر الخير مع مطلع العام الجديد ونطوي سلبيات عام مضي وانطوي بما فيه من سلبيات أو أي ذكريات تؤرقنا أو تؤلمنا، بل نستخلص الدروس المستفادة منها لكي نتداركها في رسم مستقبل الوطن ونعمل بإرادة قوية وبإدارة جيدة وبهدف واحد يجمعنا وبمبدأ الكسب المتبادل لجميع الأطراف مهما اختلفنا في الرأي، بل نحكم نوايانا أولا بأن تكون المصلحة العامة دائما للوطن فوق المصلحة الشخصية حتي يبارك الله لنا أصعب الأعمال،أما علي المستوي الشخصي، فلنراجع أنفسنا في كل أمورنا ونقف وقفة صريحة مع النفس ونحكم ضمائرنا تجاه الوطن، والأسرة، والذات، ونعترف بأخطائنا، بل نعي أننا في أشد الحاجة إلي منظومة مجتمعية لتقويم سلوكياتنا وتعديل ما اسقطناه من قيم مجتمعية من الالتزام في المواعيد وفي تطبيق النظم والقوانين والاخلاص في العمل وتجويد الأعمال، فليراعي كل منا الله في أعماله وأفعاله، حتي ينال مباركة الخالق الأكيدة له لجهوده ونواياه المخلصة، وإياك إياك إياك إياك أن تستسلم" وبالرغم من أنها مقولة مشهورة لونستل تشيرشيل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، إلي أنها تعبر عما بداخلي من إيماني بقدرة هذا الشعب وإرادته القوية علي جعل هذا البلد يتصدر بلاد العالم باتحاد جميع طوائفه وإرادته وتصميمه علي قهر المستحيل للمرور بهذه المرحلة بسلام، فكل الأقاويل التي أتي بها المفكرون عن التفاؤل لم تأت من فراغ ولكنها عن تجارب وحكمة ويقين أكيد، فالانسان يسعي دوماً إلي السعادة وفي طريقه الي ذلك يحتاج إلي ثلاثة أشياء: الأمل و المغامرة و التغيير" (برتنارد راسل، فيلسوف بريطاني)، ". فكلما ضافت بي الدنيا أو كثرت علي الهموم أتذكر مقولة لن أنساها عام 1992 لطالبة طب بريطانية أسمها "كارن" ذات 23 عاما إنذاك، وهي ذات صلة قرابة بالأسرة من منطقة كنت بالريف البريطاني، وكانت تدرس الطب في بريطانيا وقتها، وجاءت إلي القاهرة للتدريب علي عمليات الجراحة بمستشفي جامعة عين شمس كجزء من التبادل العلمي بين الجامعات، ومكثت في بيت أسرتي خمسة أشهر وحضرت مع أفراد الأسرة والاصدقاء ومعارفها من زملائها من طلبات الطب بجامعة عين شمس موائد شهر رمضان أو في تجمعاتهم في عيد الفطر وعيد الأضحي وأيضا المناسبات الحزينة من الجنازات أو المآتم واصرت علي استخدام وسائل مواصلات النقل العام مثل زميلاتها بجامعة عين شمس، وتعايشت مشاكل المجتمع بكل طبقاته، ولعلي أذكر من خلال معايشتي لهذه الفتاة تأثرها الشديد وولعها بالمصريين، ولن أنسي أبدا مشاهد البكاء المتواصلة لهذه الفتاة علي مدار أسبوعين قبل مغادرتها مصر، الذي أبكي المحطين بها أيضا، وترديدها "بأن المصريين قد يفتقدون بعض الأشياء لكي يستطيعوا أن يعيشوا عيشة مريحة من دخل شهري ومنزل حديث ووسائل مواصلات مقارنة بدول أوروبا وأمريكا، ولكنهم يملكوا أغني وأكثر من ذلك وهي القوة الداخلية المتمثلة في دفء المشاعر وطيبة وكرم وشهامة شعبها، وكلها بيئة صحية كفيلة بأن تبعث الأمل والتفاؤل لتحدي أصعب الصعاب". وأتذكر قصة أخري شهيرة بكتب الادارة عن قصة العجوز الكفيف الذي كان يبلغ من العمر 89 عاما ويعيش مع زوجته وكلبه، فكان الجيران دائما يرونه بصحبة زوجته 85 عاما يمارسون رياضة المشي في الحدائق المجاورة لمنزلهما مثل العشاق، وفي ذات يوم ماتت الزوجة، وما أن كان لجيران العجوز الكفيف أن يصحبوه إلي دار للمسنين، وعندما قابله موظفو الاستقبال بالدار اعتذزوا له بعدم وجود مصعد لغرفته بالدور الرابع، فقاطعهم الكفيف بعدة عبارات تعبر عن امتنانه بالحجرة وبأنها تطل علي حديقة ويدخلها الشمس ويشم رائحة الازهار بها، ويسمع صوت العصافير منها، وطالبهم أن يصحبوه بسرعة إلي غرفته الجديدة، فاستغربوا وسألوه كيف يوصف الحجرة التي يعيش بها وهو لم يرها أو لم يسكن بها، فرد العجوز بأنه قرر مسبقا بينه وبين نفسه أن يسعد بالمكان الذي سيعيش فيه باقي أيامه، وردد قائلا إنه إن لم يتبع هذا المنهج في حياته، فلا يمكن له أن ينهض من سريره لأنه يعاني من أمراض كثيرة للشيخوخة ولانه فقد ما يمثل له كل شيء في حياته وهي زوجته وحبيبته، ويضيف العجوز بأن السعادة الذاتية والسلام مع النفس من صنع تفكيرنا وأعمالنا وأقوالنا، فكل إنسان مسئول عن سعادته، فالانسان هو الذي يرسم مستقبله، فبيده أن يعيش سعيدا أو تعيسا.. فكل عام ونحن جميعا متفائلون ومستبشرون ويرفع الله عنا جميعا الغمة والكرب ونمر بهذه المرحلة بالوطن إلي بر السلام والامان إن شاء الله.