قالوها قديماً "يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان" وقد أكرم الله الإخوان وبعدهم السلفيين في انتخابات مجلس الشعب الحالية وحصلوا معاً علي ما يتجاوز 60٪ من مقاعد البرلمان القادم وهذا فوز كبير لهم يستحقون عليه التهنئة. لكن الأهم من التهنئة هو النظرة إلي المستقبل فالآن وبعد أن انقلبت الأمور تماماً وأصبحت الجماعة المحظورة هي الجماعة المحبوبة، يحتم عليهم هذا الوضع أن يثبتوا للجماهير العريضة التي وجدت فيهم الخلاص ومنحتهم ثقة غير مسبوقة ورأت فيهم الفصيل السياسي الوحيد الذي يملك رؤية وحنكة سياسية اكتسبها عبر عشرات السنين في نضاله في السجون والمعتقلات خلال الثمانين عاماً الماضية أنهم أهل لهذه الثقة. وأنا شخصياً متفائلة بصعود حزب الحرية والعدالة علي وجه التحديد فبين كوادره أغلبية من المثقفين وأصحاب الرؤية وأعرف منهم شخصيات تتمتع بالهدوء والفكر المنظم والقدرة علي الفعل لا القول، ومن تلك الشخصيات التي أفخر بأنها تقوم الآن بدور وطني ومهني مهم نقيب الصحفيين الكاتب الصحفي ممدوح الولي. إذاً فالفوز الساحق يقابله مسئولية ضخمة يجب أن يوليها الفائزون كامل اهتمامهم وتفانيهم واخلاصهم ، وهو امتحان قبل كل شيء يستطيعون فيه أن يقدموا أنفسهم للشعب المصري كله سواء المؤيدين لهم أو المذعورين من صعودهم السياسي المفاجئ. ولن نذهب بعيداً فالتجربة التركية - التي احترمت مدنية الدولة والحريات الشخصية- أثبتت أنها قادرة علي الانطلاق في التنمية والازدهار والسير في السباق العالمي بخطي واسعة ، والقائمون عليها هم أيضاً من التيار الاسلامي المنفتح الذي لا يخلط السياسة بالدين لكنه يهدف إلي النمو الحقيقي للدولة والرخاء لمواطنيها. وأمام النواب القادمين في البرلمان قضايا مهمة تحتاج إلي رؤي واضحة وأهمها النهوض بالاقتصاد المصري من عثرته الحالية وإعادة الأمن إلي البلاد ، ثم تأتي قضية القضايا التي تعد مفتاحاً رئيسياً لبناء الأمم وهي قضية التعليم. أعلم أن حزب الحرية والعدالة به عقول مستنيرة دارسة لمشاكل الوطن ولديها حلول عملية مدروسة والآن جاء الوقت لتضع كل هذه الخبرة الطويلة علي المحك وتدلو بدلوها بصورة عملية في تصحيح ما أفسده السابقون. لذلك أري أن الامتحان لم ينته بعد بل أنه في رأيي علي وشك البدء فهذا البرلمان الذي حصلتم فيه علي الأغلبية هو برلمان القرن لأنه أول برلمان يأتي بإرادة شعبية حرة وإجراءات نزيهة وهو علاوة علي ذلك سيكون محط أنظار العالم الذي ينظر بترقب واهتمام لمصر بعد الثورة لذلك فأمامكم فرصة ذهبية لأن تخطوا سطوراً من نور في تاريخ هذه الجماعة التي طالما عاشت تحت الأرض، والآن أصبحت فوق المسرح السياسي بل حصلت علي أدوار البطولة. الآن ينتظر الشعب كله نتيجة هذا الاختيار وأعتقد ان المهمة ليست سهلة فالمطلوب هو إثبات أنكم قادرون علي صياغة أحلام الوطن وتحويلها إلي خطط وتشريعات. ان صورة التسامح والقدرة علي التعاطي مع كل التيارات الأخري ستكون علامة طيبة جداً ومبشرة لأدائكم في المرحلة القادمة والاعتراف بحقوق الأقليات والمرأة واحترام الحرية الشخصية والاهتمام بالفنون والآداب كل هذه الأمور كفيلة بأن ترسم صورة ذهنية مختلفة تماماً لجماعة الأخوان المسلمين التي كانت محظورة. أنا شخصياً علي ثقة بأنكم تملكون مفاتيح النجاح المهم أن تتقنوا استخدامها بالعقلية المنظمة والتفكير المنطقي الذي عرف عنكم.