عندما نقول إن ثورة 25 يناير هي الثورة الاعظم في تاريخ البشرية ، فإننا لا نبالغ أونتحيز وإنما نؤكد وصفا أطلقه عليها زعماء عالميون بارزون.. فلم يحدث في تاريخ العالم المكتوب أن خرج نحو عشرين مليون متظاهر الي الميادين والشوارع لكي يُسقطوا نظام الحكم في بلادهم.. وعلي مدي تاريخ مصر ، لم يحدث من قبل أن خرج الشعب بهذه الملايين في ثورة سلمية ضد السلطة ، حتي سلطة الاحتلال، ومن هنا نستطيع القول بضمير مستريح إن يوم إنطلاق الثورة هو أعظم يوم في تاريخ مصر..ومن هنا ايضا يجب أن يحتفل المصريون بالعيد الاول لثورتهم الكبري أيا كانت الاحزان والاحباطات ، وأهداف ومطالب الثورة التي لم تتحقق بعد..ولكن ما يُحزن ويدعو الي الاسي والاسف أن ينقلب بعض المصريين ، وخاصة من الصحفيين والإعلاميين ، علي الثورة ويبدأون في السخرية منها وتشويهها ..والأدهي من كل ذلك أن البعض بدأوا يشوهون ميدان التحرير ذاته بصورة مباشرة وغير مباشرة في الوقت الذي صار فيه ذلك الميدان رمزا للحرية وأيقونة للثورة ، ولا يزال كل أحرار العالم يتغنون به .. بل إن الباحثين عن الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية يبادرون بإقامة "ميدان تحرير" رمزي في كل مكان للاحتجاج والثورة.. فعل ذلك المحتجون الاسبان في برشلونة ومدريد ، والباحثون عن العدالة الاجتماعية في لندن ونيويورك ..وقال المتظاهرون في "وول ستريت" ، وهو حي المال والاعمال الأكبر في العالم كله وليس في امريكا فقط " سوف نقيم ميدان تحرير هنا"..ورفع محتجون في كاليفورنيا العلم المصري ولافتات تقول "دافعوا عن حقوقكم كمصريين"..إنه الإلهام المصري الذي يتعين أن يفخر به كل مَن يؤمن بقيمة هذا الوطن .. وهي ايضا واحدة من تجليات الثورة الاعظم في تاريخنا ، ولذلك فإنه يتعين أن نخرج الي ميادين التحرير في كل أنحاء مصر يوم 25 يناير لنحتفل بالمعجزة التي تحققت علي ارض الكنانة ، ولنؤكد للجميع أن الثورة مستمرة حتي تتحقق جميع أهدافها وخاصة القصاص من قتلة الثوار وإطلاق جميع المعتقلين علي ذمة المحاكمات العسكرية مع الوقف الفوري والنهائي لإحالة المدنيين الي المحاكم العسكرية..وايضا لنحمل البرلمان الجديد مسئولية إنجاز ما لم يتحقق من أهداف الثورة ..وإعلان يوم 25 يناير عيدا قوميا وعطلة رسمية..فقد رفعت الثورة شعارات التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية ..والعيش والكرامة الإنسانية..وحتي كتابة هذه السطور لم يتحقق شيء من هذه الشعارات تقريبا..فمازلنا ننتظر تطهير أجهزة الدولة من فلول النظام البائد ، ووضع الدستور الجديد بالتوافق بين جميع طوائف الامة المصرية..وانقاذ الاقتصاد وإصلاح التعليم.. كذلك نتطلع الي تكريم وإنصاف كل مَن قاموا بدور طليعي وملموس ومشهود في الثورة ..وأول هؤلاء الشهداء والمصابون الذين فقدوا ارواحهم ونور عيونهم ودمائهم فداء لوطنهم..ثم الشباب الذين لعبوا دورا طليعيا في الثورة ..واخيرا وليس آخرا ، المرأة المصرية العظيمة التي لعبت دورا حيويا في الثورة منذ اندلاعها ..ففي الوقت الذي رفضت فيه تيارات دينية المشاركة في الثورة منذ بدايتها ، بل وحرمت بعض هذه التيارات الخروج علي الحاكم حتي ولو كان ظالما، اندفعت بنات وسيدات مصر بفدائية وجسارة الي الميادين والشوارع لرفض الظلم والقمع والاستبداد..وأذكر أن الكاتبة والمناضلة الكبيرة سكينة فؤاد كانت أول الحاضرين للمشاركة في أول مظاهرات الثورة وهي تلك التي بدأت في تمام الساعة الثانية عشرة يوم 25 يناير علي سلم دار القضاء العالي ..واذكر ايضا أن الهتاف الاول الذي انطلق بصورة عفوية من حناجر الجماهير كان يقول " تغيير ..حرية..عدالة اجتماعية".. ولكن عندما سقط النظام وبدأ عهد جديد بفضل تضحيات الشهداء والمصابين ، تم القفز علي الاولويات واوعز مستشارو السوء الي المجلس الاعلي للقوات المسلحة بعدم الاعتراف بالشرعية الثورية مما كان يستتبع وضع دستور جديد اولا ثم إجراء الانتخابات..وكان من نتيجة ذلك دخول البلاد في دوامة لم تخرج منها حتي اليوم ..كما أدي ذلك أيضا الي استبعاد شباب الثورة وعدم تمكن احزابهم الجديدة من التواجد بالقدر الكافي والعادل ..ولم يستفد من اخطاء المجلس العسكري سوي التيارات الاكثر تنظيما وهي التيارات الدينية ، وبعض هذه التيارات لا يعترف بحقوق الانسان وخاصة حقوق المرأة ..بل أثبتت هذه التيارات أنها تحتقر المرأة وتقلل من شأنها..ودليل ذلك خلو قوائم الاحزاب المنتسبة الي هذه التيارات من المرشحات تقريبا ، وهذه اكبر خيانة للمرأة وللثورة معا ..ولم تتوقف الأخطاء عند التنكر لدور الشباب والمرأة بل تم استهداف هاتين الفئتين بالذات من جانب قوات الامن والجيش حيث تم قتل الشباب بالرصاص الحي دون رحمة بينما تم سحل الفتيات وتعريتهن علي الملأ في جريمة بشعة ستظل وصمة عار علي جبين المؤسسة العسكرية ما لم يسارع المجلس العسكري بتقديم من ارتكبوا هذه الجريمة الي محاكمة جادة وعاجلة ..وقد لاحظ الكثير من المراقبين ان حقوق المرأة تعرضت لعدوان سافر بعد ثورة 25 يناير رغم الدور الرائد لبنات مصر في هذه الثورة ..ومن تجليات ذلك العدوان السماح بقيام احزاب علي اساس ديني تجاهر باحتقارها للمرأة بل وتفتي بحرمة تهنئة المسيحيين بعيدهم !!..والمؤكد أن الثورة تتعثر وتصطدم بالكثير من العقبات ، ولن أقول المؤامرات، ولكنها سوف تنجح حتما في نهاية الامر وتحقق كل شعاراتها ومبادئها ..وهذا هو الهدف الاسمي الذي سنخرج من اجله يوم 25 يناير لنقول إن الثورة مستمرة مهما طال النضال وتوالت التضحيات