أودع السنوات في يومها الأخير بيوم إستثنائي أضع فيه في ورقة بيضاء بقلم أزرق أهم ماأنجزت في سنة مضت وماأتمني له التكوين والحدوث في سنة تولد توا ! أحب هذه اللعبة التي تعلمتها في الأسكندرية، نقطة الميلاد ومنبع الأحلام، كشف حساب لعام لن يعود من العمر، وخطة سنة سوف ترفع الستار عن أيامها بعد قليل، في الأسكندرية أيضا تعلمت استقبال السنة الجديدة في طقس رمادي ممطر، يغسل القلوب من إرهاق سنة تقلبت علي كل الوجوه، كما ألقي عند منتصف الليل من باب التفاؤل زجاجة صغيرة أضع فيها ورقة العام الماضي، تشتعل سماء الإسكندرية بصواريخ ملونة في اللحظات الأولي من العام، كأننا نحاول أن نوقظه من نومه العميق ونهتف في أذنيه : اصح .. لقد بدأت! أحب استقبال سنواتي الجديدة بالصلاة، أدعو الله فيها في صمت محبب ودموع أن يجعلها أجمل أو يجعلها الأجمل، نحن نتمني من كل عام أن يكون الأجمل، كلما مضت السنوات أدركنا أن السنة الأجمل لم نصل إليها بعد، إننا في انتظارها، نتخيلها، نضع علي عتبتها كل الاماني الممكنة والمستحيلة، ونظل وراء الأجمل ونحن لاندرك في أي سنة ستصبح، حتما هناك السنة الأجمل في حياة كل إنسان، حيث كل الإحتمالات تصبح واقعا، وعندما لانجد لها حضورا نخترعها، وربما نتصور أن سنواتنا التي مضت هي دائما الأجمل ! أتمني لك ياصديقي ورقة بيضاء تضع فوقها أمانيك بحبر أزرق، تكتبها وتكتبك، تجعلها أماني لامعة تنير لك طريقك الموحش، أتمني لك سنة تفهمها وتفهمك، طيبة .. فماأحوجنا إلي سنة وسنوات طيبة، تضعنا في نن عينيها، وتمسح بكفيها هذا اليأس والحزن والإرهاق، أتمني لك سنة موحية بالتغيير، تتغير معها للأفضل.. لتغيرها وتغير حياتك وحياتنا لما هو أرقي! أقف في المسافة الضيقة بين عامين دائما أتذكر كل من كان في حياتي ورحل، لا أبكيه.. إنما أدعو له بالرحمة، أضحك معه كما كان بيننا أيام ضاحكة، وأشكره أنه مر في حياتي، وكم مر في حياتي من بشر، أفتقدهم.. لكن أحاول أن أداوي فراقهم بالكتابة عنهم كلما تيسر . بين عامين، تصبح خفيفا مثل عصفور في نهار، أمامك البحر شاسع واسع كبير، والحياة مبهرة كما شجرة تفاح أخضر في ربيع، هذه فرصتك لتبدأ صفحة جديدة مميزة في حياتك، أؤمن أن بين السنوات منابع طاقة خفية تمنحنا قدرة علي البدايات الجديدة، ماأجمل أن نبدأ كلما أوشكنا علي الوصول للنهاية، تفاءل.. فليس أمامك إلا أن تكون هذا الرجل، هذه المرأة، هذا الشاب، متفائل ليس فقط أن القادم أجمل.. لكن متفائل أنك يجب أن تصنع الأفضل والأجمل . لاتكسر سنواتك الماضية فهي بكل خيرها وشرها صنعتك، جعلتك تقف علي هذه الأرض وبهذه القامة، علمتك مهما علمت علي جلدك وعلي مشاعرك، تعلم منها أن الأخطاء يجب ألا تتكرر، أن الكلام الكثير ينتهي بضياع عمر لايولد مرة أخري، كل دقيقة تضيع من عمرك لا يعود، فكيف نترك الدقائق والساعات والأيام والعمر كله يضيع دون أن نسعي لنفعل شيئا حقيقيا في حياتنا! نبدأ سنة صعبة علي مصر، لا أقول عبارة مبتكرة ولا أقرأ كف سنة تبدأ، وكل ما أتمناه أن نقاوم صعوبتها أن نخفف ملحها أن نختصر مرارتها، لانزيد الهم.. هما، لا نضاعف الحزن.. حزنا، أن نضحك ونعمل ونمارس حياتنا بأرحب مافيها، فسوف تمر كما كل الأعوام التي مرت فلماذا لانجعلها تمر أقل وجعا وربما أكثر سعادة !.. حاول أرجوك.. إذا سمحت لي أن أقرأ طالع سنة تبدأ فأنا أري وجوها كثيرة سوف تختفي، وجوها تعكر ماء حياتنا، وسوف نحتفل في ديسمبر القادم... سوف نحتفل بحدث جميل في بلدنا ! ابذل مافي وسعك لتجعلها أخف وأجمل، وتعال علي نفسك.. وتفاءل بنفسك ياصديقي، إصنع سنة علي مقاس قلبك وامنياتك.