زمان.. كان اللصوص، وقطاع الطرق، والقوادون، ومحترفات الدعارة يعملون في الخفاء، ويستترون بالظلام.. والمخضرمون منهم يلتزمون بمقولة »الحرامي الشاطر لا يسرق في حتته«.. وكان المنافقون، والدساسون، وشهود الزور، والأفاقون، ومروجو الشائعات بألف وجه.. يقولون هنا عكس ما يقولونه هناك.. ويستنكرون اليوم ما كانوا يدافعون عنه أمس.. الآن.. الصورة اختلفت.. والآية انقلبت.. والكذب أصبح عملا مشروعا.. والنفاق ساد.. وبرقع الحياء تمزق ولم يعد له وجود.. والصَّيع، و»الهلافيت«، والمرتزقة، يحرصون علي التدثر بعباءات العفة والنزاهة والشرف ويحترفون الدفاع عن الباطل ويمجدون أعمال النهب والسلب والتخريب!! وأصبح أمرا عاديا أن يطل علينا »السناكيح«، من خلال شاشات الفضائيات وصفحات الصحف المصرية الخاصة والقومية أيضا ويحاولون إقناعنا بأنهم ثوار، ووطنيون.. ونسوا أن منهم من كان يمشي خلف راقصة من الدرجة الثالثة حاملا لها حقيبة ملابسها.. ومنهم من كان »يتطلع« علي أبواب المركز الثقافي السوفييتي في انتظار بضعة جنيهات مقابل توزيع رزمة منشورات في التجمعات العمالية والطلابية.. ومنهم من كان ينقل الحكايات والنوادر من الكتب القديمة، ويتقدم بها لبعض المجلات زاعما أنها من إبداعه!!.. ومنهم من كان يقوم بدور التابع الأمين والخادم المطيع لأديب، أو كاتب، أو صحفي، ليدلف في معيته إلي بلاط صاحبة الجلالة الصحافة.. ويعاشر ويصادق العاملين فيها أملا في أن يصبح واحدا منهم.. والمصيبة أن بعض هؤلاء استطاع في غفلة أن يصبح بالفعل واحدا من الذين يصفون أنفسهم بأنهم »المثقفون«.. أو »النخبة«.. أو »الصفوة«.. وهم يتعمدون، من خلال الشاشات التي يطلون منها، والصحف التي يكتبون فيها، التطاول علي الكبار.. ويتصورون أن ذلك سوف يجعلهم كبارا!! وصحيح اللي اختشوا ماتوا!!