محمد بركات في هذه اللحظات الفارقة في مسيرة الوطن، ووسط مشاعر الغضب التي تشتعل في نفوسنا جميعاً، مما رأيناه وشاهدناه، ونراه ونشاهده حتي الأن، من إصرار البعض علي إشعال نار العنف، ونيران الانفلات، والفوضي في كل مكان من أرض مصر، تعويقا لمسيرتها، وهدراً لكرامتها، وضياعاً لاستقرارها، يصبح من الضروري والمنطقي علي كل النخب السياسية، والفكرية، والثقافية، الوقوف صفاً واحداً في مواجهة ما يحدث وما يجري، في محاولة جادة وعاقلة لوقف الكارثة، وإطفاء النار، وإنقاذ الوطن. هذا هو الواجب الوطني، وتلك هي المسئولية القومية التي يجب أن يقوم بها هؤلاء باعتبارهم قادة التنوير، ودعاة الإصلاح، ورواد التقدم الاجتماعي في كل زمان ومكان، وهذا هو دورهم، باعتبارهم ذخيرة الأمة، التي يستعان بها، في الشدائد، ويسترشد بها في الملمات، ويتوهج نورها في الظلمات. ولكن، ومع إحترامي وتقديري للكل، لم يحدث هذا عندنا حتي الأن، ولم نشاهد أو نلمس حضوراً لهذه النخب بالإيجاب في الأزمة المشتعلة، والنيران الملتهبة حالياً في ميدان التحرير، والشوارع المتفرعة منه، والمؤدية لمقار السلطة التنفيذية، حيث مجلس الوزراء، وكذلك السلطة التشريعية، حيث مجلسي الشعب والشوري، وكافة المباني الهامة والقائمة في قلب القاهرة، بل علي العكس من ذلك، وجدنا فرقة وانقساما، واختلافا في الرأي والرؤية، ومحاولات للتنصل من المسئولية، وإلقاء التبعة علي هذا الطرف أو ذاك. وفي هذا الإطار، رأينا ولمسنا أيضا محاولات الكل للإمساك بالعصي من المنتصف، والابتعاد عن الإعلان بصراحة ووضوح، عن المتسبب في الكارثة الواقعة الأن، رغم معرفتهم اليقينية بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن واجبهم ومسئوليتهم، في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به الوطن هو قول الحق. وفي هذا الإطار أيضا، رأينا خلطا متعمداً بين الأوراق، وشاهدنا وسمعنا من يخلط بين شباب الثوار، وبين عصابات وفلول البلطجية، ومن يخلط بين حق التظاهر والاعتصام السلمي دفاعاً عن مبدأ، أو للمطالبة بحق مشروع، وبين من يحرق ويدمر، ويعتدي علي الممتلكات العامة والخاصة، ويعوق العمل، ويعطل الإنتاج، ويسعي للفتنة والغوغائية، والفوضي. يا سادة هذا هو وطننا الذي ننتمي إليه، وهو ما يجب أن ندافع عنه جميعاً ضد المحاولات الرامية لجره الي موارد التهلكة،..، فهل نقوم بدورنا، أم نتفرج؟! ونواصل غداً إن شاء الله.