ليس تحيزا لمصريتي أن أقول ان معظم عواصم العالم المتمدن والمتقدم تزخر بنماذج مصرية مشرفة في كل مجالات العلم والطب والهندسة والصناعة والتكنولوجيا. في كل مكان أذهب إليه التقي ببعض هذه النماذج التي تستحق الفخر والاعتزاز خاصة عندما اقرأ وأسمع في هذه الدول كتابات وأصواتا تشيد بها وتتحدث عن إنجازاتها. من الطبيعي أن هذه الصورة الرائعة التي تُعلي من مكانة وعظمة مصر لابد أن تثير انتباهي واهتمامي عندما أكون في زيارة لأي دولة من هذه الدول، وخلال زيارتي لألمانيا أتيحت لي فرصة مقابلة واحد من هذه النماذج المصرية المبهرة وهو المهندس ابراهيم سمك المقيم في مدينة شتوجارت بالجنوب الألماني. ان هجرته إلي هذا البلد الأوروبي تمتد لحوالي خمسة وثلاثين عاما مضت وهو أصلا من أبناء مدينة الأقصر الخالدة.. ان كل ألمانيا بإعلامها وهيئاتها تتحدث عن هذا المهندس المصري وإنجازاته العلمية والتكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة خاصة المتعلقة باستخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء. يعتمد هذا الإنجاز العلمي الذي حقق نجاحا كبيرا داخل ألمانيا وأوروبا علي تقنية الخلايا الضوئية. انه وراء مشروع مشاركة المواطنين في مشروعات توليد الطاقة وفقا لهذه التقنية. يقوم هذا المشروع الذي لاقي اقبالا ونجاحا علي إقامة أجهزة لاستثمار الخلايا الضوئية المتاحة حتي مع الاختفاء الكامل للشمس في توليد الطاقة الكهربائية.. يتم وضع هذه الأجهزة باتفاق مع المواطن علي سطح منزله وعلي أساس توصيل الطاقة المولدة بشبكة الكهرباء العمومية التي تملكها الدولة في المدن المختلفة. مدة هذا الاتفاق بين المواطن والدولة عشرون عاما ويتضمن قيامه ببيع انتاجه من الكهرباء للشبكة الحكومية في البلد التي يقيم فيها. لإغراء وتشجيع المواطنين علي المشاركة في هذا المشروع بتوفير المكان والتمويل فإن الحكومة تشتري الكيلووات منهم بسعر يزيد حوالي 02٪ علي السعر الذي يجري البيع به للمواطنين المستهلكين. يأتي تحمل الحكومة لفرق السعرين في اطار اعفاء الدولة من تحمل الأعباء المالية لزيادة الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات الاستهلاك. ويقول المهندس ابراهيم سمك ان هناك مدنا بأكملها في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية يتم انارتها من خلال هذه المشروعات. وعندما سألته عن الامكانيات المتاحة لانتاج الطاقة رغم عدم توافر الشمس.. قال انه في ظل التقنية المستخدمة فإنه يكفي الضوء العادي لتوليد هذه الطاقة. أضاف أن صاحب المنزل الذي ينضم إلي أصحاب هذه المشروعات يغطي كل ما ينفقه علي بيع الكهرباء للدولة في مدة لا تتجاوز خمس سنوات يحصل بعدها علي العائد بعد ذلك صافيا لحسابه. وعن فرص تنفيذ مثل هذه المشروعات في مصر قال ان الأمور تختلف تماما من ناحية تعاظم الجدوي الاقتصادية نظرا لتوافر الشمس طوال العام واستخدام أليافها الضوئية الكثيفة في توليد الطاقة. قال انه قد حان الوقت كي تتحرك مصر علي هذا الطريق للحصول علي الطاقة المتجددة النظيفة إلي ما لا نهاية خاصة أنه من المؤكد أن أي ثروة بترولية والتي تستخدم حاليا في إدارة محطات الطاقة مصيرها إلي النضوب علاوة علي ان استخدامها يساهم في تلوث البيئة والاخلال بالتوازن المناخي. تحدث عن الاتجاه الذي تتبناه أوروبا حاليا بإقامة محطات لتوليد الطاقة من الشمس في شمال افريقيا ثم تعبر البحر بعد ذلك لانارة وتشغيل المصانع بدولها. أكد ان هذا المشروع يشهد وضع اللمسات الأخيرة لتنفيذه وان التوسع في هذه المشروعات سيؤدي إلي خفض تكلفة الأجهزة والمعدات المستخدمة خلال سنوات قليلة. أعلن انه سبق له مقابلة المهندس حسن يونس وزير الكهرباء في مصر وبحث معه مشروعات توليد الطاقة من الشمس وبمشاركة المواطنين حيث انه وعد ببحثه واتخاذ الاجراءات اللازمة لتعديل القوانين التي يتم التعامل بها في هذا المجال. ان المهندس ابراهيم سمك ابن الأقصر الذي يعمل استشاريا في ألمانيا وأوروبا والمؤسس لمجموعة من الشركات عضو في العديد من الهيئات والمؤسسات العلمية وحاصل علي العديد من براءات الاختراع التي من بينها نظم الادارة الذكية لمراقبة الالكترونيات لمصابيح الشوارع المضاءة بالطاقة الشمسية وهي مستخدمة في 052 بلدة بألمانيا وحدها. وتقديرا لكل إنجازاته العلمية فقد حصل علي الميدالية الذهبية للإنجازات الهندسية من نقابة المهندسين المصرية وعلي وسام الاستحقاق الفيدرالي لجمهورية ألمانيا واختير رجل للتراث الافريقي وجائزة الاعلام الثقافية من مجموعة الاعلام الأفرو أوروبية بعد كل هذا الذي ذكرته ألست علي حق في فخري واعتزازي بمصريتي وبأبناء وطني الذين يشرفوننا في كل مكان.