قدم الإعلامى أحمد المسلمانى فى برنامجه الطبعة الأولى من السعودية الدكتور أحمد زويل بكلية اليمامة بالرياض لإلقاء محاضرته والتى تدور حول «حالة العلم والتكنولوجيا فى العالم العربى». وقال المسلمانى إن زويل تعدى حيثية العالم وأصبح ظاهرة، وأنه فى مجمل ظاهرة أحمد زويل كان هناك من يفهم إنجازاته ويعى إضافاته للعلم وكان هناك من يرى فى ظاهرة أحمد زويل فرصة لانطلاق الحضارة بعد أن عجزت السياسة، وكان هناك من يقدم ذلك على العاطفة الشخصية والشعور الإنسانى تجاه الدكتور زويل، وكان جليا أن يلازم الحب التقدير وأن الارتياح يلازم الاحترام. وأكد المسلمانى خلال تقديمه لزويل أن الأخير جاء فى ميعاده نتيجة لتمتعه بمكانة استثنائية فى تاريخ العلم وحاضره ويعد إضافة نفسية لحياة العرب الذين التفوا حوله كما لم يفعلوا مع رجل بلا سلطة من قبل، وأنه جاء فى علم الكيمياء بما كان يبدو مستحيلا قبل ظهوره وحين يشير علم الكيمياء إلى رجلين كان لهما الإسهام الأكبر فى بنائه واستعلائه طيلة القرن العشرين، فليس غير لينس بولنج الحائز على جائزتى نوبل وأحمد زويل، وهو رأى جون تومس المدير السابق لمؤسسة الملكية لبريطانيا العظمى وقال فيه: «إن زويل مثل بوليج فقد منح جائزة نوبل منفردا من أجل انجاز علمى كبير وابتداعه الفمتو، وحتما سيغير فى علوم القرن الواحد والعشرين. وقال ربورت رودسكى الأستاذ فى جامعة روشستر للتكنولوجيا: «أصبح زويل كرستوفر كولمبس لعالم الفانتم»، وقال البروفيسور بينجت نوردن رئيس لجنة جائزة نوبل للكيمياء فى الأكاديمية السويدية للعلوم أن استخدام زويل لتقنية الليزر فائق السرعة فانت سكوب يمكن وضعه فى سياقه التاريخى جنبا إلى جنب مع استخدما جاليلو التلسكوب والذى صوبه شطر كل شىء مضىء فى القبة السماوية الزرقاء، أما زويل فقد صور ليزر الفمتوثانية على كل شىء يتحرك فى عالم الجزيئات. وفى مقدمته لكتاب عصر العلم يقول الأستاذ نجيب محفوظ: «لقد أعطا لنا الدكتور زويل دروسا وآراء مفيدة فى نهضتنا نرجو أن نستفيد منها وأن تكون منارة للجميع وأنى لأتنبأ له أن يأخذ جائزة نوبل مرة أخرى فى بحثه العلمى الجديد». وقال المسلمانى إن وجود زويل فى الرياض هو دليل على علاقة الود والدفء بين العاصمتين وفصل جديد فى الوظيفة الحضارية التى ينهض بها زويل فى العالم العربى. وإلى نص المحاضرة التى ألقاها زويل: إننى أعتبر هذا اليوم خاص لأنه يتم الاحتفال فيه بمناسبة ثقافية فى المملكة العربية السعودية، وكما سمعنا عن عقول مبدعة فأنا مؤمن بوجود عقول مبدعة فى العالم العربى وهم آلاف أحمد زويل. وتمثل الرياض لى معزة خاصة، حيث كان أول لقاء لى فيها عام 1989 عندما حصلت على جائزة الملك فيصل وكنت أول عربى يحصل عليها فى العلوم والطب، وكان القائمون على جائزة الملك فيصل قد رتبوا لمقابلة زوجتى وكنت أعزب وقتها وتزوجتها من عام 1989 إلى وقتنا هذا وأنا أشكر مدينة الرياض، وأنا سعيد بالمشاركة فى الوقت الذى يتم فيه تغيير كبير فى قضية التعليم واتجاه تطوير البحث العلمى وبعضكم يعلم أننى عضو المجلس الذى تكون لإنشاء الجامعة الجديدة، وهى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا. وأنا فى اعتقادى أن هناك ثلاثة أسئلة محورية لنكون أمناء ونتفهم حالة العالم العربى، السؤال الأول أين نحن من الخريطة العالمية، والسؤال الثانى كيف يستطيع الإنسان القيام بنقلة حضارية من حالة التخلف أو حالة عدم التطور إلى حالة التطور السريع حتى على المستوى الشخصى، أما السؤال الأخير فكيف يمكن للعالم العربى والإسلامى أن يصنع التاريخ ويصنع النقلة إلى العالم المتطور. ونحن فى محاولتنا الإجابة عن هذا الموضوع، أرجو ألا نأخذ الموضوع من ناحية التشاؤم، وأنا أقول دائما إن من يعانى من مرض السرطان لا يصلح أن تعطيه أسبرين يجب أن تحاول معالجته بطريقة علمية وآمنة، وأنا أريد توضيح الرؤيا وهى كيف نقوم بنقلة تاريخية. وإذا نظرنا إلى الوضع الحالى فى العالم العربى وأنا مهموم بهذه القضية من 20 سنة وهى قضية التطور فى العالم العربى والإسلامى، فمن ناحية التعليم هناك بعض الدول العربية نجد أن نسبة الأمية انخفضت بس التقدير من الأممالمتحدة أن العالم العربى ككل الأمية 30% يعنى تقريبا ثلث العالم العربى، واليوم فى العالم المتقدم الأمى الآن هو الذى لا يعرف التعامل مع الكمبيوتر، وآخر إحصائية حول أفضل 300 جامعة على مستوى العالم غابت عنهم الجامعات العربية، ولا نملك فى العالم العربى مؤسسة علمية قوية مثل مؤسسة «التتنيم» بإسرائيل، وأنا مازلت أصف وضعنا على الخريطة العالمية فقد زرت كوريا وزرت معهد علمى من أعظم المعاهد العلمية المتخصصة فى «الروبتكس» وكوريا الآن دخلت العالم المتقدم، والهند أيضا بها معهد الهند التكنولوجى وهو شىء مشرف جدا. أما بالنسبة للتنمية فى العالم العربى فالعالم يعتبر بلاد العالم العربى من أقل البلاد فى الدخل القومى للفرد، وهناك مشاركة فقيرة فى الاقتصاد العالمى، ولا أعتقد أن هناك ناتجا عربيا من السوق العالمية، فنحن نعرف بعض الماركات العالمية لكن لا نعرف شيئا من الإنتاج العربى المعروف عالميا. وأعتقد أن وضعنا السياسى على الخريطة العالمية خفيف أو ضعيف لأن القوة هى التى تحدد وضعك السياسى، فالعواطف وغيرها لا تصلح فى العالم الذى نعيش فيه، وإذا شاهدنا الخريطة العالمية سنجد معظم المشكلات موجودة عندنا مثل الأحداث فى العراق وفى لبنان وفى السودان وغيرها. فهل نتيجة هذه الأشياء المؤلمة لأننا عرب أو مسلمون؟، وهل هذا يدخل فى تركيبتنا كعرب وكمسلمين؟ والإجابة قطعا بالنفى، وقد كتبت مقالات فى هذا الموضوع ونشرت فى كتب وفى غيره. وإذا حاولنا معرفة الأسباب الدقيقة لهذه المشكلات، يجب أن ننظر أولا من الناحية الجينية، الDNA الموجود فى خلية جسد كل منا 99% من خواصه موجودة فى القردة، فليس من المعقول هذا التشابه بين الإنسان والقرد، وهذا الاختلاف الكبير بيننا كعرب وبين الغرب، والأمر الثانى الذى يثبت كلامى أنه عندما يخرج شخص عربى من هذه المنظومة، ويذهب لمنظومة واضحة ودقيقة يبدع والأمثلة كثيرة جدا. أما بالنسبة للإسلام هناك الآلاف من المقالات فى الغرب، والتى تقول إن الإسلام رجعى وأن الإنسان لا يستطيع عن طريقه أن ينتج خاصة بعد 11 سبتمبر، وأنا كتبت مقالات كثيرة فى هذا الموضوع، وأقول إن هذا مستحيل، فلو نظرنا إلى ما فعله المسلمون منذ 1000 سنة مضت نجد أنهم المتربعون على عرش العلوم والتكنولوجيا، لكننا الآن لا نستطيع إظهار علمائنا مثل ما يفعل الغرب، ونحن لا نملك القوة الفكرية بالفعل على الرغم من امتلاكنا للكتب وللمراجع، وهناك كتب كثيرة جدا لم تصل للغرب، فهناك حسن بن الهيثم وجابر بن حيان، فالهيثم معروف بكتب الطبيعة، وعندنا أيضا ابن سينا وابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وغيرهما، وكان الإسلام وقتها فى أوج عظمته. وإذا نظرنا لدولة ماليزيا مثلا فكانت نسبة الفقر فيها 57% أوائل السبعينيات اليوم ماليزيا انعدم فيها الفقر تقريبا، وأصبحت من الدول المتقدمة الأولى أو الثانية، وهم أغلبهم من المسلمين 58%، والباقى صينيون وهنود وغيرهم. وأعتقد أن ما وصلنا له الآن هو لأننا تأخرنا كثيرا فى مشكلة التعليم لأن التعليم دينامكى متغير، وليس ثابتا ويتغير مع تغير الشعوب والحضارات والصناعات والتكنولوجيا، ونحن توقفنا ولم نفهم أن التعليم الحديث يحتاج لفكر ويحتاج مراعاة الإبداع من الحضانة إلى الجامعة. أما بالنسبة للثقافة فقد حدث ما يسمى باختلاف ثقافى لأنها لم تفرز بالطريقة، التى كان يفرز بها العالم العربى قبل ذلك. وهناك بالطبع بعض المشكلات السياسية ونحن منطقة حساسة جدا من ناحية الحروب وتعرضت لكثير من الملابسات فى نظام الحكم، والاستعمار الذى دخل مناطق الشام ومصر والعراق وغيرهم من البلاد وكلها عوامل أدت للتأخر. وبالتالى المشكلات التى نعانى منها لا هى جينية ولا هى من الإسلام لكن لدينا مشكلات. وسأشير إلى بعض المحطات الخاصة فى حياتى لمعرفة الطريق الصحيح. ولو كانت جائزة نوبل موجودة قبل ثلاثة آلاف سنة لكانت مصر قد حصلت على 90% لأنها كانت متقدمة فى كل المجالات. والسؤال الآن: كيف يأتى شخص مثلى من دولة نامية وينجح فى الخارج؟، وأنا اعتقد أن أول محطة مررت بها ألا، وهى التربية والتعليم فى مصر كانت الجزء الأساسى فى تركيب شخصية أحمد زويل، فليس من السهل أن تحصل على شخصية لديها تعليم جيد ولديها مبادئ وعقيدة فمثلا مسجد عبدالرحيم الدسوقى كان بالنسبة لنا محوريا، وكنا نتلاقى فى المسجد لكى نحصل على أفضل تعليم حتى من أمام المسجد، والمسجد بالنسبة لنا لم يكن للصلاة فقط ولكن كان مهما للقاءات الفكرية والعلمية، وأتذكر هذا كما لو كان بالأمس، ففى رمضان كنا نتلاقى بعد الإفطار وإلى السحور ندرس الرياضيات وفيزياء وغيرها، وكانت هذه محطة مهمة جدا أعطته لى مصر من قيم سواء كانت أسرية أو قيما اجتماعية أو دينية، أما المحطة الثانية فكانت وقت ذهابى للولايات المتحدة وكنت قد ذهبت لها بعد أن كنت أول دفعتى، وذهبت هناك للحصول على الدكتوراه وأعود لمصر لأكون أستاذا بالجامعة، وقد أعطتنى أمريكا مناخ التفوق بمعنى أن هناك بعض الثقافات تساعد على النجاح وهناك بعض الثقافات تعطل النجاح، وهناك فى الولاياتالمتحدة منظومة يقومون مثل ما يقولون فى مصر ب«غربلة» حتى يجدوا ما يريدونه ويعرفوا الجيد من المتوسط من الممتاز ولا يتبعوا مبدأ الاشتراكية فى الإبداع أو الشيوعية فى الإبداع فليس لديهم هذا الكلام. ومناخ الإبداع معناه تعلم العلوم الحديثة بالطريقة الصحيحة فلم يكن مطلوبا منى الحفظ أو أبحاثا لكى أحصل على ترقية، فهذا كله مناخ، ولم يكن مطلوبا منى لكى أذهب لمؤتمر أن احصل على 12 إمضاء، وهذا مناخ أيضا، وإذا قمت بعمل جيد يعطونى أكثر وأشعر بأنى قمت بشىء جيد، والمكتبات تعمل والمعامل تعمل وحتى التعاون، فالكل مقتنع بالعمل الجماعى. وأنا أتذكر لما كنت معيدا بجامعة الإسكندرية كانوا يرسلوا إلينا كيماويات باهظة الثمن، ولأننا لم يكن لدينا الكثير من النقود كنا نأخذها ونضعها فى المكاتب ونغلق عليها ونضع عليها الأقفال، وعندما ذهبت للولايات المتحدة وجدت الكثير من هذه الكيماويات فقمت بجمعهم ووضعتهم فى مكتبى وأغلقت عليهم، وكان الجميع مندهشا من فعلتى هذه، فالكل يتعاون ويستفيد من الآخر، وعملية النجاح أيضا فقبل أن يقوم شخص بإحباط آخر يجب عنه مساعدته. أما المحطة الثالثة التى أدت لاكتشافات علمية فهى أنه لا تصدق أى أحد يقول لك «أنا عملت»، وأنا لا أقول ذلك تواضعا لأنه لو عالم حقيقى لا يقول ذلك لأنه لو عالم حقيقى يجب أن يعترف بالناس الذين عملت معه واشتغلت معه. فأنا لا أقول إننى حصلت على نوبل لأننى كنت أعمل بمفردى، فقد كنا 200 عالم حصلوا على الدكتوراه والآن فريق العمل وصل ل300، وهذا معناه أنك لا تستطيع أن تقول إن تلك المنظومة العلمية هى التى تؤدى إلى بيئة الإبداع فأنا عملت مع مجموعة كبيرة جدا وتوافرت لنا بعض الأشياء التى نبحث فيها، والمهم أننا كانت لدينا حرية الإبداع، فنحن فى المجموعة كنا نعمل سويا، ولم يأت رئيس القسم قبل ذلك وقال لى إنه ليس لديه نقود لى أو أن ما أقوم به كلام فارغ، فحرية الإبداع التى أخذتها مع منظومة عمل جماعى هو الذى أدى إلى حصولى على جائزة نوبل، فكيف أنه فرد يستطيع العمل من منظومة لأخرى ويستطيع الحصول على شىء والعالم كله يعترف بها. هناك ثلاثة أشياء أود طرحها، أولها هناك عوامل سياسية لا بد من تغييرها من الدستور وتطبيق القانون، فى العالم العربى كله والعالم الإسلامى، ويحتاج لنظرة جديدة وأمينة وصادقة حتى يكون مستقبل أبنائنا واضحا. وهناك موضوع ثقافى حضارى جديد لابد من النظر إليه نظرة جديدة فى العالم العربى، ونحن نحتاج لنهضة فى التعليم ونهضة فى الإعلام، وكل التفكير فى التعليم هو كيف يتم استخدام أفضل الأشياء، التى أعطاها الخالق وهى العقل البشرى، وليس الحفظ والتلقين ودخول الامتحان ووضع كل الإجابات والانتقال للمرحلة الأخرى، فقضية التعليم قضية أمن قومى، أما بالنسبة للميديا أو الإعلام فأنا شخصيا مهتم بالفن وكوكب الشرق أم كلثوم، لكن عندما ننظر الآن فى العالم العربى نجد أن الفضائيات وصلت ل300 أو 400 قناة مهتمة بالفيديو كليب، وأين المحطات التى تحوى مناقشات ثقافية ونحن نذهب إلى أين، وأين هذه المحطات التى تغذى العقل البشرى ولا تسطح العقل البشرى، فالإعلام يحتاج لنهضة وثورة كبيرة جدا، ونحن فى القرن الواحد والعشرين. وأنا أعتقد أن الشىء الأخير الذى أدعو إليه هو الاستثمار فى المستقبل، وسأذكر بعض الأشياء التى يسير إليها العالم، فإذا لم نقم بعملية الاستثمار لأولادنا فليس فقط أننا سنترك لهم الوضع الحالى، بل ستكون الفجوة كبيرة بيننا وبين العالم المتقدم. كنت قد سمعت من بيل كلينتون وقت حصولى على جائزة نوبل كلمة من أعظم الكلمات التى سمعتها من رؤساء الدول وكانت حول مستقبل أمريكا فى ضوء البحث العلمى للقرن الواحد والعشرين، بمعنى أن الولاياتالمتحدة أعلنت تخوفها من التطور العلمى الحديث، وأنه يجب أن تكون جزءا من هذا التطور وسريعة التحرك. وإذا تطرقنا إلى أهم ثلاثة أشياء بالنسبة للإنسان سنجدها الصحة والتعليم، الدفاع، وهناك أمثلة على ذلك ففى الصحة مثلا فإذا أصيب شخص بالزهايمر أو السرطان، بالماضى لم نكن نفعل شيئا لمساعدته، لكن العالم الحديث اليوم رفض ترك هذه الأمراض دون علاج وليس بطريقة نقل الأعضاء أو طريقة التشخيص التقليدية، فيجب أن نكون بطريقة حديثة جديدة ونفهم مصدر هذه الأمراض، وبدأ العلم الحديث الدخول حتى على مستوى الذرة والجزئ، فكان تفهم هذه الأمراض هو جزء من عملنا الآن، وبعد نوبل حاولنا أن نرى فى الخلية الإنسانية أو الحيوية، وكيف هذه الخلايا تصاب بهذه الأمراض، وهل نستطيع رؤيتها فى المكان والزمان؟، وهذه الفكرة قد حصلنا على براءة اختراع عالمية فيها، فهل نستطيع بالفعل أن نراها فى المكان والزمان، وأصبحت الآن هناك الكثير من الحلول لكثير من الأمراض فمن الممكن الآن نقل الخلايا الجذعية وإعطاء المركبات والأدوية، والتى تستطيع التعامل مع المادة التى تكونت على الخلايا، أو الرجوع للجين الأصلى الذى تسبب المشكلة ونتعامل معه من أول ولادة الطفل. هناك الكثير من الدول النامية التى تنادى لبناء المستشفيات والاهتمام بالجانب الطبى، لكن لو لم يكن لدينا قاعدة علمية، وبالتالى سنكون خلف العالم بخمسين سنة، وفى رأيى أنا فى المنظومة العلمية المتكاملة أنه لا يمنع الإنسان أنه بالتعامل مع الإمكانات الموجودة بقاعدة علمية سنلاحق التقدم العلمى مع الدول المتقدمة. والآن هناك تعامل مع الجين مباشرة ويعالج بأدوية الواحد منها يكلف بليون دولار، واليوم بالأبحاث التى تقدم على مستوى الجزئ والذرة من سيستطيع أن يكتشف دواءنا من غير تجارب سيقوم بثورة علمية هائلة لأنه سيتعامل مع الجين مباشرة. أما بالنسبة للتعليم فهناك بعض الأشياء أود الإشارة إليها مثل انتشار الهاتف المحمول بصورة كبيرة والغرض فقط التسلية، والآن العالم المتقدم يصنع ما يسمى بالذاكرة السليكون، والتى إذا نجحت وتم تطبيقها ستغير فكرة التعليم كلية، فلن يحتاج أحد للحفظ لأن هذه الذاكرة واسعة التخزين، وحتى تعريف الذكاء يجب أن نفكر فيه بطريقة مغايرة. وأريد أن أوضح أن التعليم الآن أصبح متغيرا نتيجة التغيرات الهائلة فى العالم المتقدم، ونحن لا نستطيع أن نتعلم سوى على الطريقة الكلاسيكية، فمثلا هناك أقسام كانت ثابتة فى كلية العلوم مثل نبات وحيوان نرى أنها غير موجودة فى جامعة مثل كالتاك وأصبحت جزءا من البيولوجية الحديثة وانتهت الحوائط العريضة بين الفروع. أما بالنسبة للدفاع فإذا نظرنا إلى الثورة المعلوماتية فى العالم الحديث فقد ذكرت مسبقا فى القاهرة أننا وفى جامعة كالتاك نرى صورا للمريخ تنتقل فى 15 دقيقة للأرض فحين أن المسافة ملايين الكيلومترات. من الممكن أن يأتى الوقت الذى يذهب فيه الكثير من الدول لاحتلال كواكب ويشاهدوننا كعالم متنامى نصنع دبابة أو طائرة إف 16، وما رأيكم أن هناك من يقوم بتصنيع بكيتريا على نوع معين، فالحروب القادمة قد تستعمل أجزاء بسيطة من هذه البكيتريا أو الفيروس عوضا عن الأسلحة الثقيلة، والأمر الآن يشكل خطورة حقيقية خاصة بعد 11 من سبتمبر، والآن يتم تصنيع ملابس للحرب ضد بعض المواد الخارقة للحديد. أود أن أختم ولكن بالإشارة لبعض النقاط، أولا لابد من التعامل مع العالم الحديث، وهذا العالم الحديث ينكمش فى الزمان والمكان وأصبح العالم الحديث الآن متشابكا، ولا تصلح عملية العزل أيا كان شكلها سواء اقتصادية أو علمية أو سياسية. العالم الآن يعتمد على المصالح المتبادلة فلا وقت لما يسمى بصراع الحضارات أو صراع الأديان أو غيرها وأنا أؤمن بعدم وجود صراع الحضارات وكله كلام إنشاء وكلام للتسويق للمشكلات بعد 11 سبتمبر، أما العولمة بالنسبة للتعليم فقد أصبح الأمر غاية فى الأهمية، وكذلك فى الاقتصاد فأى رجل أعمال إذا لم يكن على قدر من العلم أمام من يتعامل معهم من الدول المتقدمة فلن يستطيع تحقيق النجاح، وحتى الثقافة أصبح بها مزج، فالثقافة اليابانية لم تكن معروفة جيدا، اليوم من الممكن أن تجد مطعم «سوشى» أصبحت الثقافة اليابانية حتى فى الطعام تنتشر فى العالم الغربى، فالمزج بين الثقافات والشعوب لن يأتى سوى بالفعل. وأهم شىء للعودة للنهضة الإسلامية العظيمة، التى غزت العالم كله أعتقد انه ليس هناك حل سوى لاستثمار المستقبل، ولابد من حرية الإبداع، ولابد من تحسين التعليم، والاهتمام من مرحلة الطفولة إلى الجامعة ولن يحدث ذلك إلا عندما يحدث استثمار فى العقل العربى.