درس الدالاي لاما الدين الإسلامي كما تجب دراسته من خلال الكتب التي قرأها، والترجمات الدقيقة للقرآن والأحاديث النبوية وتفسيراتها إلي جانب مباديء وأسس الشريعة الإسلامية. ما فعله مع الاقتراب من الإسلام فعله أيضاً مع كل الديانات الأخري التي حفل بها تاريخ البشرية. قبل أن يصدر كتابه المهم الذي يستأذن القاريء في اصطحابه للقيام برحلة روحانية مبهرة في حيادها، ونبيلة في حصادها تمر مرور الكرام علي تلك الديانات.. الواحدة بعد الأخري. كثيرون سبقوا الدالاي لاما في أبحاثه ودراساته عن الأديان للتعريف بها وتطبيقاتها، لكنه اختلف عنهم كما أظن في أنه كان حريصاً علي إعطاء كل دين مكانته السامية في تعاليمها وشرائعها وأحكامها وتوصياتها. فعندما يحدثنا الدالاي لاما عن ديانته البوذية ويسلط الأنوار علي ما تقدمه للمؤمنين بها من راحة نفسية تعينهم علي تحمل، وحل، ما قد يقابلهم من صعوبات ومشاكل معيشية، فهذا ما كان متوقعاً من الدالاي لاما في تباهيه بديانته البوذية وبالشعوب المؤمنة بها. لكن غير المتوقع من الأب الروحي لشعب التبت الدالاي لاما أن يبدي نفس الانبهار بالديانات الأخري مثل: الإسلام والمسيحية، واليهودية، والهندوسية، والسيخية.. وغيرها. فعندما يكتب عن الإسلام تتصوّر أنه أحد كبار الدعاة الإسلاميين الساعين إلي كشف حقائق هذا الدين وروعة تعاليمه وكيفية ممارسة شعائره، والالتزام بما جاء في القرآن والأحاديث النبوية. وعندما يحدثنا عن المسيحية ينقل عنها ملامح تسامحها وتوصياتها وتعاملات المؤمنين بها مع الآخرين نفس تعاملهم مع أنفسهم. وما قاله عن رحمة الإسلام وسماحة المسيحية كرره بصور أخري من خلال دراسته لليهودية.. و.. و.. إلي آخر الديانات السماوية أو الأرضية. فالدالاي لاما كان باحثاً ومنقباً عن المباديء والشعارات والوصايا والتعاليم لصالح البشرية ككل وليس فقط لشعوب تلك الديانات، ليثبت الهدف الأكبر من وراء نشر كتابه، وهو أن تلك الأديان تتفق كلها علي الكثير من المباديء والتعاليم لتحقيق سلام العالم وراحة الشعوب وحقوق وواجبات الإنسان. يعدد الدالاي لاما عشرات المباديء المتفق عليها في الديانات الكبري ليس انطباعاً شخصياً للمؤلف وإنما واقع فعلي تثبته آيات من الكتب المقدسة، وتعاليمها وتفسيراتها المعروفة للجميع وتلك التي يتناساها البعض لسبب أو آخر. ويبدي الدالاي لاما شديد أسفه علي ما تسبب فيه هذا البعض من آلام وأحزان وحروب وكوارث ولأسباب تعارضها كل الأديان، فكتب يقول إن تاريخ البشرية يشير إلي انقسام شعوب ونشوب صراعات باسم هذا الدين أو ذاك. ويذكرنا الكاتب بالحرب الصليبية، مروراً علي غزوات الجهاد، ووصولاً إلي التطرف والتعصب الديني بين أنصار دين وضد أنصار الدين الآخر. فلا ينسي الدالاي لاما الحرب الدامية بين الهندوس والمسلمين قبل تقسيم الهند بعد نيلهما استقلال بلادهما عن بريطانيا. والحرب المستمرة منذ أكثر من نصف قرن بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحرب البوسنة/الصربية. وحرب سيري لانكا بين السنغاليين والتامول. وهناك صراعات لا تقل دموية عانت البشرية والأديان منها والمذهل أنها نشبت بين فريقين من دين واحد مثل ما حدث بين مسيحيي شمال إيرلندا. وبين مسلمي السنة والشيعة. وبين بوذيين بعضهم ضد البعض. .. وللحديث بقية.