كلنا وبعد قيام ثورة 52 يناير ومن خلال التجربة المريرة لما مر بحياتنا السياسية مطالبون بأن نتحرك حتي لا نجد أنفسنا مرة أخري تحت سياط ديكتاتورية جديدة. مثل هذا الاتجاه سوف تقوده السلطة أراد أو لم يرد ألي هذا الطريق العابث بحرية ومقدرات الشعب. تحقيقاً لهذا الهدف فإنه لابد من توافر التوازن والتوافق والقدرة علي الأخذ والعطاء السياسي بما يحقق الصالح الوطني الذي هو صالح كل الشعب بعيداً عن أي سيطرة أو هيمنة. لا يجب السماح باخضاع هذا الصالح لاتجاه يؤدي الي التعارض أو التناقض مع حضارية ووسطية مصر ووحدتها التي كانت دوماً محوراً لازدهارها وتقدمها علي مر التاريخ. ان هذا يتوجب التصدي لكل محاولات توريط الوطن في مسلسل جديد من التجارب بما يفتح الطريق امام المزيد من الانتهاكات الذي يُوقف نموه وانطلاقه للسير في ركاب الدول المتقدمة التي كنا نسبقها ونتفوق عليها. ليس مطلوباً من أي مواطن بأي حال التقوقع في مواجهة الاحداث وأي تطورات أو تسلطات. لابد من الحوار لتحديد ما تحتاجه مصر من أجل تحقيق الأماني والطموحات لحياة حرة كريمة. ان علي كل مواطن أفاض الله عليه بالعقل والوعي والمنطق ان ينقل لمن حوله الحقيقة كاملة بأمانة ومصداقية متمسكا بثوابت المواطنة التي ترعي استقرار وأمن ومستقبل الدولة المصرية. هذه الثوابت تتركز في ضرورة الحفاظ علي الوحدة الوطنية وعلي كل مصادر الدخل القومي وتشجيع العمل والانتاج والحرص علي التلاحم الشعبي والتصدي للتسيب والفوضي والبلطجة ومحاربة عمليات الخداع والتضليل الذي يستهدف فرض الرأي الواحد. لابد من نبذ المتاجرة بالدين باعتبار أن الغالبية المصرية التي تدين بالإسلام هي الأكثر تمسكاً بإسلامها الذي يناهض الكهنوتية عملاً بمبدأ أن لا وساطة في الدين بين الرب والعبد الذي تسيطر تعاليمه علي الروح والوجدان. علينا أن نعترف أن نسبة كبيرة من مواطنينا الذين يتسمون بالطيبة الزائدة لا يملكون الوعي الكامل بأمور السياسة. إنهم في هذا الاطار يسهل إيقاعهم ضحايا للتضليل الذي يمكن أن ينجح في الانحياز لعدم التوازن الذي لا يحقق المصلحة الوطنية المأمولة في هذه المرحلة. ان هذه الفئة ولا جدال تعد صيدا سهلا لأصحاب الأجندات الخاصة والايديولوجيات الرافضة لما تطلبه مرحلة ما بعد الثورة من وئام وتوافق وتجنب إثارة القلق وعدم الاطمئنان تدفع اليها اتجاهات أو أوضاع بعينها. لا جدال أن هذه الفئة التي تقع في حبال هذا الخداع تدين بالحب والولاء لمصر ولكن مشكلتها انها ربما لا تدرك ما يمكن أن يخفي من أخطار ناتجة عن ميل الكفة في ناحية عكسية للوسطية التي تحقق الاستقرار والحياة الآمنة التي يأملونها. انطلاقاً من هذا الواقع الذي لا يمكن انكاره فإننا جميعاً نتحمل مسئولية التوعية والشرح المبسط لأمور السياسة وانعكاساتها السلبية والايجابية علي الحياة العامة وكذلك علي الاوضاع الاقتصادية التي تهم كل واحد منا. في هذا المجال وتعظيماً لدور كل واحد منا نحو وطننا وشعبنا فإنه وحتي تخدم نتيجة الانتخابات مصلحتنا الوطنية مطالبون كمواطنين أن تكون وجهتنا التي نعمل من أجلها.. هي التوازن والتوافق السياسي.