مثلما اختفت وثيقة السلمي في ظروف غير غامضة نتمني للمجلس الاستشاري ألا يختفي في ظروف مشابهة وان يمد الله في عمره حتي تنتهي مدة صلاحيته المقررة التي صكها صانعوه .. ولا أدري لماذا حين اختفت وثيقة السلمي وصاحبها بعد الهجوم غير الرحيم من أطراف متعددة عليها وعليه وتم الإعلان عن بدء تأليف المجلس الاستشاري تذكرت مثلنا القائل »لا يفل الحديد غير الحديد".. وقيل إن مهمته إبداء الرأي للعسكري بعدما انسحب السلمي بوثيقته المختفية..! وما دفعني للربط بين وثيقة السلمي والمجلس الاستشاري بعض التصريحات التي بدأت تتسرب منه علي استحياء بأن البرلمان القادم ليس له علاقة بوضع الدستور ثم التصريحات بأنه يبحث إجراءات اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور..! ولأن النفس أمارة بالسوء..فأجد نفسي الأمارة بالسوء تسول لي ان المجلس الاستشاري ليس بديلا فقط عن د. السلمي ووثيقته بل تحول "لمجموعة السلمي" .. وصورت لي أن المجلس الاستشاري سليل عائلة لجنة د. يحيي الجمل ونسيب وحسيب لجنة الحوار الوطني للدكتور عبدالعزيز حجازي وكلها لجان انفضت بالسكتة الدماغية لان بلد المنشأ لم يوفر لها عوامل بقائها فنمت نموا مبتسرا جعلها تلقي حتفها من تشكيلاتها المتنافرة وتصريحاتها الصادمة للحس الثوري المتنامي بين جموع الشعب المغيب عن اهداف ثورته . ولا اصدق ان الحس الثوري لشباب التحرير يمكن ان يصدق ان المجلس الاستشاري لايكون علي رأس أولوياته ابداء الرأي حول رؤوس أبنائنا الضائعة والمختفية منذ يناير الماضي ومثلها في نوفمبر الماضي ولانصدق الا يكون علي رأس أولويات المجلس الاستشاري البحث عن القوي الخفية الساهرة علي تعطيل مسيرة الثورة والإبقاء علي جسد النظام السابق حيا ومتحديا عوامل الثورة والزمن وتركه ليلعب دور الثورة المضادة..! ألا تعلم اللجنة الاستشارية أن ثورة الجياع علي أبواب الموجة الثالثة لثورة يناير لو استمر التلكؤ وتهميش مطالب الثورة ومحاولات دفع البلاد في معارك جانبية تختفي فيها اولوياتنا لبناء دولة حديثة ونسيج واحد.. وكيف تمارس اللجنة بداية عملها بما حاول فيه السلمي شق فكرة الدولة المسيطرة علي مقدراتها والعمل علي التمييز بين مؤسسات البلاد..! ولا افهم لماذا غرقت تصريحات المجلس الاستشاري في وضع الدستور وكأن البرلمان القادم عيي ويحتاج ترجمانا أفصح منه لسانا.. وما معني تصريحات الامين العام المساعد ان المجلس الاستشاري سيقوم فقط بمطالبة اعضاء البرلمان بمراعاة ان الدستور وثيقة اجتماعية تعبر عن جميع اطياف المجتمع ولا يجب ان تحتكرها الأغلبية مهما كانت سواء من الإسلاميين او الليبراليين.. وان مراعاة هذه الإجراءات في الاختيار ستسهم في وضع دستور يعيش لعشرات السنوات...! أظن لو كانت هذه مهمة المجلس فلماذا لانستعيض عنه بشيخ هرم حكيم يحكي لأعضاء البرلمان الجديد بعضا من قصص السلف الصالح ويتلو عليهم من قصص الأولين..! لا افهم كيف يتعامل المجلس الاستشاري بتصريحاته مع البرلمان القادم بهذا الشكل الابوي المتعالي المحتكر للحكمة الحارس علي البلاد والدستور.. ويتخيل المجلس ان البرلمان القادم مثل مراهق أهوج يحتاج منه اسداء النصح وتذكيره بأهمية التآخي..لكن لم يقل لنا المجلس الاستشاري ماذا لو لم يستمع أعضاء البرلمان "المراهق الأهوج" لنصح المجلس الاستشاري وركب دماغه وأصبح سيد قراره.. ؟! اظن ان سياسة »ما لا يأتي بوثيقة السلمي يأتي بالاستشاري« لن تجدي هذه المرة لان المعطيات علي الأرض تبدلت تماما.. وصوت الشعب بات ممثلا في البرلمان ومفوضا عنه بمجلس منتخب وليس استشاريا مهمته النصح والارشاد كجد عجوز حكيم.. دستور عليكم بقه..!