الفصل المخصص ل »رفيق الحريري«، في الكتاب الفرنسي: »هل ماتوا هباء؟« انتهي دون تحديد هوية الجهة، أو المنظمة، أو الدولة، المسئولة عن تخطيط، وتمويل، وتنفيذ، مذبحة بيروت التي راح ضحيتها 22 علي رأسهم رئيس الحكومة اللبنانية: رفيق الحريري.. في 14فبراير من عام2005. أكثر من 5 سنوات مرت علي رحيل »رفيق الحريري«، ورغم الاهتمام العربي والدولي بكشف الستار عن القتلة ومن وراءهم، من خلال لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس الأمن، ورغم المحكمة الدولية التي بدأت أعمالها في هولندا منذ العام الماضي.. إلاّ أنه لا أحد يستطيع أن يقدم دليلاً دامغاً علي أن قاتل الحريري هو: النظام السوري، أو حزب الله اللبناني، أو الحرس الثوري الإيراني، أو تنظيم القاعدة، أو حتي جماعة »النصرة والجهاد في بلاد الشام« التي تبنت مسئوليتها الكاملة عن المذبحة، ونسبت ارتكابها إلي من أسمته »أبو عدس« بعد ساعات معدودة من وقوعها ! هذه الجهات كلها، وغيرها، لم تسلم واحدة منها من اتهامها بالجريمة: تخطيطاً، أو تمويلاً، أو تنفيذاً. وفي أوراق ومستندات تحقيقات القضية أكثر من 120ألف ورقة ما يؤكد أن لجنة التحقيق الدولية لم تسمع إتهاماً إلاّ قتلته فحصاً وتمحيصاً واستجواباً لكل من ذكر اسمه في الاتهام ويمكن أن تكون له علاقة من قريب أو بعيد باغتيال »رفيق الحريري«! تقارير لجنة التحقيق الدولية تنوعت واختلفت فيما بينها. تقرير سلط إصبع الاتهام إلي سوريا. وآخر أشرك جهازاً أمنياً سورياً مع جهاز أمني لبناني في ارتكاب الجريمة. وتقرير ثالث سحب الاتهام من الجهازين الأمنيين ، ووجهه إلي »حزب الله« الذي تلقي توجيهات من الحرس الثوري الإيراني بتصفية »الحريري« حتي يرتعد من سيأتي بعده. أما التقرير المعروض حالياً علي المحكمة الدولية فيبرئ ساحة معظم من كانوا متورطين دائمين، وعاد إلي المربع الأول مركزاً الاتهام علي إحدي الجماعات الإسلامية المتطرفة، سواء حملت اسم »تنظيم القاعدة« أو اتخذت لها اسماً زائفاً لم نسمع عنه، وعنها، من قبل.. مثل جماعة »النصرة والجهاد في بلاد الشام« التي أرسلت تسجيلاً فيديو إلي قناة »الجزيرة« التي عرضته، بعد ساعات معدودة من انفجار سيارة الحريري، وظهر أحدهم ليعلن مسئولية تلك الجماعة عن تخطيط العملية، وحدد اسم »أبو عدس« كمنفذ، ومفجّر لها!! ورجح تقرير لجنة التحقيق الدولية تورط التيار الديني المتطرف خاصة تنظيم القاعدة في اغتيال الحريري لأنه بن لادن دأب علي تهديد الأنظمة الحاكمة في الدول العربية لأنها لا تحكم بالشريعة، وحتي إذا حكمت بها فإنها تصادق الولاياتالمتحدة: عدوة الإسلام والمسلمين (..). لغز اغتيال »الحريري« لم يجد حلاً رغم مرور أكثر من 5 سنوات، وكنتيجة منطقية لتعدد الأنظمة والجماعات الأكثر ضلوعاً وتورطاً في المذبحة. والمدهش أن تقارير لجنة التحقيق الدولية ليست وحدها المسئولة عن إبقاء اللغز علي ما هو عليه. فهناك من سبق اللجنة في تغيير رأيه، مثل هذا البعض الذي كان بالأمس يتهم دمشق صراحة، وعلناً، باغتيال الحريري، وأصبح اليوم مشيداً بها، وساعياً إلي نيل رضاها، والفوز برعايتها وعنايتها. هل ضاعت دماء رفيق الحريري هباء؟! هناك من يصادق علي هذا الضياع.. مللاً، ويأسا،ً من بطء العدالة. وهناك في المقابل من يؤكد أن دماء الحريري لم تضع هباء، وإنما علي العكس حققت للبنان، وشعبه، مالم يكن من المستطاع تحقيقه في العقود، والقرون، القادمة! لولا تضحية الحريري بحياته، لما اضطرت دمشق إلي سحب قواتها 14 ألف جندي من لبنان وتنهي بذلك احتلالاً للقطر الشقيق استمر لثلاثة عقود متصلة! رحيل الحريري سيظل مرتبطاً، وملتصقاً، بتحرير التراب اللبناني. إبراهيم سعده [email protected]