لاشك أن الشباب هو الفئة الوحيدة في هذا المجتمع الذي يتحرك لصالح الوطن دون حسابات ضيقة او شخصية أو مصلحية أو سياسية أو غيرها، ولذلك فان التجمع الشبابي في ميدان التحرير دعما للمعتصمين بعد استخدام »القوة المفرطة« من جانب رجال الداخلية »ضباط أمن مركزي بلطجية« هو الذي وضع النهاية لحكومة عصام شرف، وكذلك نهاية الانتخابات الوهمية التي يحاول المجلس العسكري ادماج القوي السياسية لمدة خمسة شهور كاملة وهو أمر لم ولايحدث في اي مكان في العالم وخصوصا أنها تتم في مصر في ظروف أمنية غير مواتية وجملة حوادث اكتوبر ونوفمبر تؤكد ذلك. فقد دعت قوي سياسية علي خلفية رفض وثيقة مباديء الدستور لمظاهرات احتجاجية يوم الجمعة 81/11/1102، ولكنهم لم يطالبوا بوضع نهاية لعصام شرف وحكومته ولانهاية للمجلس العسكري، واستهدفوا د. علي السلمي وكأن الوثيقة من صنعه ولم يقتربوا من القابعين خلف الحكومة تحرك أعضاءها مثل العرائس. ولم نسمع لهم صوتا لإسقاط المجلس العسكري، بل كانوا يدافعون عن استمراره!! ولم نسمع لهم صوتا يطالب باستمرار التطهير السياسي والتنفيذي!! فقط هم يراهنون علي الانتخابات، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي قد تمكنهم من أغلبية يسيطرون من خلالها علي السلطة وفقا ليد الحكم في البلاد، وذلك دون وعي حقيقي بمخاطر الانتخابات، ودون وعي بأن البرلمان القادم يأتي علي قواعد حكم نظام مبارك المخلوع منزوع الاختصاصات، ودون وعي باحتمالات وقوع حرب اهلية خصوصا بعد حكم الادارية العليا بالغاء حكم محكمة القضاء الاداري بالمنصورة الذي تضمن العزل السياسي لاعضاء الحزب الوطني، ثم تم ايقافه!! فالمشهد السياسي في ميدان التحرير ابتداء من منتصف الاسبوع الماضي، كان يتركز في قيام عدد من اسر الجرحي إبان فترة الثورة بالاعتصام في ميدان التحرير وحاول الامن فض الاعتصام قبل مظاهرات الجمعة 81/11، إلا أنه فشل في ذلك واصر المعتصمون علي ربط أنفسهم بحبال الخيام التي نصبوها، الامر الذي اجبر قوات الامن علي التراجع باستخدام العنف المباشر ضد هؤلاء فتركهم. وبانتهاء مظاهرات الجمعة، حاول الأمن فض الاعتصام ظهر اليوم التالي السبت »91/11« بالقوة واستخدام كل ادوات العنف بصورة غير مسبوقة منذ سقوط حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، وتجمعت قوات الامن المركزي والشرطة العسكرية علي اجبار المعتصمين علي ترك الميدان واخراجهم منه الا أن هؤلاء المعتصمين عادوا مع حشود شبابية جاءت للتضامن مع الشباب، واعلان الغضب ضد الداخلية. فما كان من قوات الامن الا استخدام العنف بشكل مكثف وشهد شارع محمد محمود المؤدي الي »صحن الميدان« معارك دامية، أدت الي سقوط شهداء جدد وجرحي كثيرين. وتصور البعض ان الأمر سينتهي عند هذا الحد كما كان في السابق. الا أن تجمع الشباب الغاضب علي خلفية محاولات المجلس العسكري وحكومة شرف اجهاض الثورة بصورة غير مسبوقة، في الميدان، واستمرار ذلك عدة ايام واعلان مليونية الثلاثاء 22/11/1102. هو حصاد لسوء الاوضاع. وقد راح من الشباب نحو »53« شهيدا خلال اربعة أيام، وما يقرب من ألف جريح، بصورة غير مسبوقة، أعادت لأذهان الشعب مرة أخري اجواء الغضب في ثورة 52 يناير 1102. كما لوحظ وحسبما اذاعته وكالات الانباء، فان قناصة الداخلية قد مارست عملها في ضرب الشباب بالرصاص الحي والرصاص المطاطي واستهدفت منطقة الرأس وخصوصا العين، الامر الذي كان قد نفاه وزير الداخلية في تصريحات له، بأنه لا يوجد قناصة في وزارة الداخلية!! وازاء ما حدث، ومع استمرار حشود الشباب في ميدان التحرير ومليونية الشباب في يوم الثلاثاء، يؤكد علي عدد من الحقائق والمطالب: أولا : اقالة حكومة شرف فورا والاتيان بحكومة انقاذ وطني لها جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وسلطاتها نهائية. ثانيا: خروج المجلس العسكري من السلطة المدنية، ويصبح »حارسا وليس حاكما« وتصبح الحكومة هي المسئولة عن ادارة شئون البلاد. ثالثا: محاكمة عاجلة ليس علي اسلوب لجان تقصي الحقائق، والنائب العام الذي يجهض ما يحدث، دون محاكمات فعلية لمرتكبي الحوادث السابقة، لكل من ارتكبوا من قوات الامن جرائم القتل وضرب المتظاهرين في ميدان التحرير، والا فانتظروا الحرب الاهلية حيث كل شخص يثأر لنفسه وبيده!! رابعا: تطهير وزارة الداخلية فورا، وما حدث يؤكد ان التقاعس عن ذلك وفي اجهزة الدولة سهل لمحاولات اجهاض الثورة، ومازلنا نؤكد علي ضرورة التطهير السياسي والتنفيذي حماية للثورة وتأكيدا للتضامن مع متطلباتها. خامسا: عدم الاكتفاء باصدار قانون افساد الحياة السياسية، كبديل لقانون الغدر السياسي، بل اصدار قانون للعزل السياسي فورا والفرق كبير بين الاثنين، حيث ان الاول ينطبق علي كل فرد فقط، بينما الثاني ينطبق علي فئات جماعية بعينها وسبق القول بذلك. سادسا: اجبار وزارة الداخلية وبالتعاون مع الشرطة العسكرية، بملاحقة البلطجية والقبض عليهم اعتقالا، وايداعهم في سجون خاصة وحدهم لوقف المهازل الحادثة في داخل المجتمع. سابعا: وقف محاكمات المدنيين امام المحاكم العسكرية فورا، والافراج عن الشباب المحتجز في سجون الشرطة العسكرية بلا مبرر، الا انهم من الثوار، ووصل عددهم الي نحو »02« الفا حسبما توافر لي من معلومات، مع احالة اي مخطيء الي قاضية الطبيعي. ثامنا: وقف مهزلة محاكمة مبارك ورجال حكمه الفاسدين، وذلك بتكوين محكمة ثورة من قضاة محل ثقة المجتمع، لاننا اصبحنا اضحوكة العالم الذي انبهر مؤقتا بالثورة المصرية والآن »يتنتكتون« علينا!! تاسعا: فرض الاقامة الجبرية علي رموز الحكم السابق ورجال الاعمال الفاسدين، وفي مقدمة هؤلاء عمر سليمان واحمد شفيق، ومحمد ابو العينين، وغيرهم، لانهم دعاة الثورة المضاة ولا يجوز تركهم يعبثون بمقدرات الوطن ويقودون الي اجهاض الثورة. وطالما فان هؤلاء وغيرهم طلقاء احرار يتحركون كما يريدون، فقولوا علي الثورة السلامة!! عاشرا: وقف مهزلة »الانتخابات الوهمية« فورا، وتجاوز الفترة الماضية، والمضي قدما في خيار »الدستور الجديد« بأي طريقة يرتضيها الجميع ان الوضع الحالي لايستطيع ان يتحمل اكثر من ذلك، فلا الحرية تحققت ولا التغيير والتطهير قد تحقق، ولا العدالة الاجتماعية قد تحققت، ومن ثم فان الشعب في حالة غليان واكتئاب، وفي المقدمة شباب الامة، فهل يعقل ان يحصل كل وزير في حكومة شرف علي »05« الف جنيه شهريا، ويقولون الاقتصاد منهار؟! أي أن كل وزير تقاضي نحو نصف مليون جنيه في عشرة اشهر هي عمر الثورة!! فالذين يقبضون بالملايين كما هم من عهد مبارك، والفقراء يتراجعون للخلف اكثر!! هل هذا معقول بعد ثورة الشعب المصري ايها السادة؟! أبشر يا شعب مصر، فقد هلت الموجة الثانية للثورة بقيادة الشباب ايضا قبل موعدها في 52 يناير القادم، فهنيئا للشهداء من شباب الامة الذين يدفعون الثمن وحدهم الآن، فهم ثمن التغيير لهذا الوطن الي الافضل وهنيئا لشعبنا بهذه الموجة الجديدة التي توقعتها اكثر من مرة، ومازلنا نحذر من ان عدم استيعاب ما يحدث، سيدخلنا في كارثة اكبر بل وحرب اهلية قادمة فالشباب مرة اخري وضع نهاية لحكومة عصام شرف، ووضع مهلة للمجلس العسكري، ووضع نهاية للانتخابات الوهمية، وبدأ الموجة الثانية للثورة فهل يفهم الجميع، ام سيتغافلون من اجل مصالحهم السياسية؟! اتمني ان يفهموا ومازال الحوار مستمرا ومتصلا.