تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات تكنولوجيا الصناعة والطاقة ومعاهد الهندسة المتاحة صنايع 3 سنوات (قائمة كاملة)    سعر اليورو اليوم الأحد 24 أغسطس 2025.. العملة الأوروبية بكام الآن؟    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة جنوب مخيم المغازي وسط قطاع غزة    إعلام فلسطيني: سماع دوي انفجارات ضخمة جراء تفجير روبوتات مفخخة في مدينة غزة    طارق النهري: نطقت الشهادتين وكنت أنتظر الموت في السجن.. ولم أتواجد بالميدان يوم حريق المجمع العلمي    انتشال جثمان طفلة من أسفل أنقاض منزل بسمنود بعد انهياره الجزئي    شديد الحرارة ورياح.. بيان من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    تشييع جثمان بهاء الخطيب في البدرشين ودفنه بمقابر ميت رهينة    نقابة مديري المواقع الدولية تمنج إيلت جونز جائزة إنجاز العمل    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 24 أغسطس 2025.. يوم مليء بالمفاجآت والتغييرات    تامر حسني يشعل الأجواء لحظة صعوده مسرح مهرجان مراسي بأغنية «قرب كمان» (صور)    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    ملف يلا كورة.. تغريم الزمالك.. صفقة كهربا.. وأزمة السوبر السعودي    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    "هزائم قليلة".. ماذا يفعل الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لأمين عمر؟    عقوبة تزوير الكود التعريفي للمعتمر وفقًا للقانون    وداعًا للبطاريات.. خلايا شمسية جديدة تشغل الأجهزة من إضاءة الغرف    فينجادا: حزنت من انتقال زيزو إلى الأهلي.. والكرة المصرية تعاني من عدم الاحترافية    تنسيق المرحلة الثالثة، الأخطاء الشائعة عند تسجيل الرغبات وتحذير من الرقم السري    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    "وول ستريت جورنال": البنتاجون يمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي    في 12 مقاطعة ب موسكو.. الدفاع الروسية تُسقط 57 مسيرة أوكرانية    تصل كييف خلال 6 أسابيع.. إدارة ترامب توافق على بيع 3350 صاروخا بعيد المدى ل أوكرانيا    فرنسا تستدعى السفيرة الإيطالية بعد تصريحات نائب رئيس الحكومة الإيطالية ضد ماكرون    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    محمد رمضان يحيي حفلًا غنائيًا بالساحل الشمالي في هذا الموعد    بينهم مصريون.. بنك HSBC يُغلق حسابات 1000 من أثرياء الشرق الأوسط    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    مهرجان القلعة.. أحمد جمال يطوي الصفحة الأخيرة للدورة 33 (صور)    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 محليًا وعالميًا    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    كيرمونيسي يفجر المفاجأة ويفوز على ميلان في الدوري الإيطالي    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    حصاد الأسبوع    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكل أدب
مصر المنسية خلف الكاميرا
نشر في الأخبار يوم 20 - 11 - 2011

لو طلبنا من غريب تقديم وصف جديد ومختصر لمصر سيقول إنها دولة خيالية تتكون من عدة فضائيات، بعدد سكان يبلغ الثلاثين نسمة هم مذيعو ومذيعات وضيوف الفضائيات، يمارسون جميعًا مهنة الكلام والتقاط الصور.
ولا يحق لنا أن نتهم الغريب بالجهل أو الإساءة؛ فهذه هي الصورة التي تبدو عليها مصر؛ البلد مترامي الأطراف الذي تم اختصار جغرافيته في المدينة الإعلامية طوال الأسبوع وميدان التحرير يوم الجمعة، وتم اختصار قواه السياسية إلي نحو عشرين ضيفًا يتطابق عددهم مع عدد برامج التوك شو، ويتنقلون داخل المدينة الإعلامية من قناة إلي قناة، يقولون الكلام ذاته، بينما ينتظرهم نفس البلطجية علي المحور ليجردوهم من سياراتهم وموبايلاتهم ويتركونهم في العراء ويتركون المشاهد في رعب من مصر الفلتانة.
تلك النخبة السياسية التي لا تتوب عن استخدام طريق المحور ليلاً، لا تتوب عن فخ الكلام، مدفوعة إلي الشاشة مثلما تندفع الفراشات إلي النار. وليس الكلام بالنشاط الهين؛ فهو ضروري لترتيبات المستقبل في السياسة التي هي مخ المجتمع، لكنه يصبح خطيرًا عندما يكون هو النشاط الوحيد، وعندما يتشابه الكلام ويدور حول قضايا لا تمس حياة الناس العاجلة؛ فتبدو عصية علي أفهامهم.
والكلام بلا جمارك، والفضائيات ذوات الأهداف والنوايا المختلفة تتسع للثوار والفلول معًا في توازن مهيب، فتبدو مصر من خلال تلك البرامج في ليل غطيس، لأن الكلام يظل كلامًا بلا قفلة وبلا وضع أي من الآراء موضع اختبار.
وعندما يكون الكلام هو المنتج الوحيد للبلاد فتلك هي الكارثة. وعندما يكون التليفزيون هو وسيلة التغيير الوحيدة يتحول من أداة للرقابة علي مؤسسات السياسة إلي طاعون أول أعراضه غثيان المشاهدين.
الضيوف أنفسهم كانوا هناك في الفضائيات نفسها قبل الثورة، وقيل الكثير في عهد الرئيس المخلوع طيب الله سريره.
ولو استعاد المتحدثون تسجيلات حلقاتهم السابقة ربما سيكتشفون أنهم قالوا آنذاك كل شيء عن الفساد والاستبداد.
ولا لوم علي ضيوف الفضائيات؛ لأن كلامهم لم يجد من يأخذ به. كما أن انتقاد المكلمات ليس دعوة لانسحاب المتحدثين باسم الثورة وترك دولة الفضائيات للفلول، لكنها دعوة للانتباه والحذر.
الإعلام جزء من نظام سياسي متكامل يجب أن تمتلك قواه الفاعلة إرادة التغيير، ممثلة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مع رقابة الناخب فوق كل هذه المؤسسات. وإرادة التغيير لم تكن موجودة في السابق أو في اللاحق عند السلطة وكان الناخب غير موجود. والآن تغيرت المعادلة بعد أن تقدم المواطن صاحب المصلحة وأصبح لاعبًا أساسيًا في الحياة السياسية، حتي لو لم تره الكاميرا أو السلطة أو ضيوف ومذيعات الفضائيات الذين تدهورت أوضاعهم في ظل الثورة وغرقوا أو بالأحري تم إغراقهم في موضوعات فوق حياتية؛ إذا ما استعرنا تعبير الإسلاميين عن المباديء الحاكمة للدستور باعتبارها فوق دستورية.
الدستور مهم، والبرلمان مهم، وترتيبات تسليم السلطة مهمة، والجميع يعرف مخاطر عدم الوضوح بشأنها، لكن أهميتها لا يجب أن تسقط الأسئلة البسيطة المتعلقة بالحياة اليومية للمواطن الذي أصبح طرفًا أساسيًا في المعادلة.
هذا المواطن يبدو بعيدًا عن النخبة الثورية التليفزيونية بمختلف أطيافها السياسية والدينية التي تتصور أنه كائن افتراضي يعيش بالمواد الحاكمة وفوق الدستورية بلا مطالب في التعليم والعمل والمياه النظيفة والصحة، بينما تتحدث نخبة الفلول التليفزيونية والصحفية باسمه تعميمًا، وتدعي أنه مل من الثورة ومن أيامها السوداء، لأنها تعطل مصالحه وتجعل من المرور جحيمًا بعد أن كان جنة قبل الثورة!
المواطن الذي هو من لحم ودم، ليس ذلك الذي يتصوره الثوار أو الذي يغتصب الفلول الكلام باسمه. هذا المواطن الذي هو من لحم ودم في أعماق الريف أنصح وأذكي مما تتصور النخب المتحاربة عبر الأثير؛ فهو يعرف أن الأمن مفلوت بفعل فاعلين وليس فلتانًا من تلقاء نفسه، ويعرف أن استيعاب المزيد من الوظائف ليس معجزة إذا ما تم الاستغناء عن نحو عشرين ألف مستشار من المسنين الذين لا يفعلون شيئًا وتكفي مكافأة الواحد منهم لتعيين عشرين موظفًا وعاملاً بمتوسط خمسمائة جنيه في الشهر!
الشعب الحقيقي (لا المتوهم عند المتكلمين باسم الثورة ولا المختلق عن المتكلمين باسم الفلول) يعرف أن الكثير من القري تختنق بالأموال القادمة من السفر، ولكنها ممنوعة من العمل لأن ترخيص معلف تسمين عجول كان يتطلب عشر موافقات علي أيام المخلوع طيب الله سريره، ولم يزل الوضع علي ما هو عليه.
وهذا الشعب هو الذي يعرف الفارق الشنيع بين سعر ما ينتجه من الخضر والفاكهة وسعر ما يباع به هذا المنتج للمستهلك. وأن أحدًا لم يمد اليد لتغيير هذا الوضع البائس للمنتجين الزراعيين والمستهلكين علي السواء.
وهذا الشعب هو الذي يعرف أن مصر لم تخسر شيئًا من اقتصادها الحقيقي، لأن قيراطًا من الأرض لم يترك بورًا. وأن المخاسر التي يتحدث عنها الفلول، هي مخاسر افتراضية وقعت بسماسرة وفاسدي البورصة والعقارات المبنية علي أرض مجانية.
هذا الشعب، المنسي خلف الكاميرا، لم يكره الثورة، وستكون ثورته علي الجميع إذا لم ينتبه المتحدثون باسم الثورة إلي خطورة فخ الاندفاع في التقاتل علي المباديء فوق الحياتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.