ظهرت في الأفق منذ حوالي ثلاثة أعوام ظاهرة غريبة، ولكنها تزايدت اكثر في الفترة الاخيرة عندما انفتح الطريق امام الصحفيين ليكونوا جميعا وجوها إعلامية ومعدين، في حين غاب عن المجال وظيفة المعد التي تحولت بمرور الزمان إلي مجرد مهنة ريجيسر كل وظيفته الاتصال بالضيف والتنسيق معه. البعض ارجع هذه الظاهرة إلي انها ضعف في مستوي المعدين والبعض اكد انها نتيجة للتطور في وسائل الاعلام. سألنا الاعلاميين المختصين بهذه الظاهرة وقالوا تغيير مسار الدكتور صفوت العالم أستاذ الاعلام والاعلان في جامعة القاهرة اكد أن دخول الصحفي في الاعداد والتقديم غير مسار الاعلام المصري لأنه اصبح المتحكم في كل الوسائل حتي الاذاعية منها وانا اري أن برامج التوك شو أغلبها اصبح ليس له اهمية لأنه مجرد اعادة لكل مايقدم في اليوم فيكفي للجمهور أن يقرأ جريدة أو يشاهد برنامجاً واحداً يعرفه بكل الاحداث التي تجري في المجتمع اما بخصوص مستوي المعد فحدث ولا حرج اصبح وضعه حرجاً بعد أن تحول إلي مجرد ريجيسير لأنه يعتمد علي الدراسة الاكاديمية فالبرغم من اننا نقدم في جامعاتنا مادة الاعداد الا أن الدراسة الاكاديمية ليست الاساس ولذلك اسعي دائما لتدريب الطالب عمليا اثناء الدراسة وحثه علي الحصول علي دورات حتي يستطيع مواكبة العصر لأن غياب الثقافة لدي المعدين والصحفيين مع تطور الحاجة إلي وسائل الاعلام اصبح امراً غير مقبول حتي في الدول النامية . اما محمد خضير معد ببرنامج «سينما كافيه» علي القناة الاولي وصحفي بأكاديمية اخبار النجوم قال ان هناك الكثير من الصحفيين اخذوا كارنية النقابة ونسوا الصحافة ولجئوا إلي الاعداد خاصة لو كان هذا الاعداد في قناة فضائية محترمة والعائد فيها كبير وقتها سينسي الصحافة التي فقدت رونقها ولم تعد مؤثرة في المجتمع كما كانت، لأن اجور الصحف الآن اصبحت غير قادرة علي فتح البيت ايضا ان العمل كمعد بالفضائيات اصبح يعطي فرصة أن يتعرف علي مصادر كثيرة ويساعده في ذلك العمل في اكثر من برنامج وفتح طريق له لاننا الآن في عصر الاعلام التليفزيوني. كاتب رائع المذيعة مني الحسيني أكدت أن المعد التليفزيوني في الاساس هو كاتب رائع ولديه «سنس» عال وفي نفس الوقت يعرف فنون الكتابة جيدا جدا عكس الصحفي فهو في كتاباته مباشر جدا لأن الكتابة بالنسبة له عمل يومي فحياته كلها ورقة وقلم، وهنا يأتي الاختلاف ولكن نجد في حين اخر أن الصحفي لديه القدرة علي كتابة حلقة كاملة في ساعة فقط في الوقت الذي يأخذ المعد العادي اكثر من يومين ويمكن أن يأخذ وقتاً أطول للاعداد لنفس الحلقة لأنه تعود أن يجهز للحلقة ويقرأ عنها ويتابع كل ماكتب عنها عكس الصحفي المتابع أساسا والذي يملك معلومات متدفقة. ولكن علي الجانب الاخر نجد أن الصحفي لا يمكنه الاعداد بسهولة لموضوع قديم فهو تعود علي السرعة عكس المعد الذي يملك ارشيفاً كبيراً عن الموضوعات القديمة هذا الفارق بين الصحفي والمعد في كيفية الاعداد ولابد أن نعترف أن اي صحفي اعد برنامجاً هو اضافة لهذا البرنامج ولكن الجديد أن كل الصحفيين اصبحوا في سعي دائم للظهور علي شاشات التليفزيون. تعميم جائر ياسر رزق رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون أكد أن التعميم في هذه الظاهرة غير مطلوب ببساطة لأن هناك برامج فيها اطقم اعداد مهمة وكبيرة ومحترمة ولدينا ايضا معدون ومذيعون في الاصل صحفيون ولا يمكن الفصل بين المهنتين ففي برنامج «حالة حوار» فريق اعداد متميز بقيادة عمرو عبد السميع وهو صحفي في الاصل ايضا عبد اللطيف المناوي يشرف علي اعداد عدة برامج منها وجهة نظر وغيره وهو في الاصل صحفي، ايضا برنامج مصر النهاردة المشرف العام عليه صحفي مهم لذلك فدخول الصحفي إلي التليفزيون افاد البرامج جدا وفي نفس الوقت نجد قنوات اخري بها معدون مهمون منهم مثلا في قنوات المتخصصة تتكون من فرق اعداد متميزة وليسوا صحفيين من الاساس ونلاحظ أن القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري تمر بحالة تطور مهم وحدثت بها نقلة علي مستوي عال جدا نتيجة للمعدين الموجودين فيها وهم ليسوا صحفيين ونجد أن الاختلاف ليس من هو المعد؟ ولكن الاختلاف هو اسلوب التقديم وتأثيره في تطور الاداء، فدخول الصحفيين مسألة طبيعية إلي عالم الاعداد والتقديم لأن عناصر العملية الاعلامية كلها مرتبطة ببعضها وكلهم «يخدموا» علي بعض لأن البرنامج يناقش ماتناقشه الصحافة ايضا، وانا اعتقد أن كل الاعلاميين يحتاجون إلي تدريب علي كل المستويات حتي الكاميرا مان والمصوريين والمخرجين لابد أن يتدربوا علي احدث الاساليب، ويتعلموا كل أساليب التكنولوجيا الحديثة لأن العمل الاعلامي لا يكتفي بالشهادة فقط فلابد من تعليم العمل العملي، بمعني أن الصحفي مثلا أو المذيع لايمكن أن يظهر علي شاشة التليفزيون الا اذا اخذ كورسات في الظهور علي الشاشة لأن الكاميرا غير القلم فهذه وسيلة مختلفة ولابد أن يتعلم النظرة للكاميرا ايضا يتعلم قطع الفواصل ولدينا معهد الاذاعة والتليفزيون للاعداد علي ذلك وليس عيبا للانسان أن يكون علي تدريب مستمر والاعداد مفتوح في السوق لاننا لايمكن أن نقول للمعد انت وظيفتك الاعداد وللصحفي انت وظيفتك الصحافة، نحن لدينا فضائيات لن يكفيها كل الصحفيين في مصر ليظهروا معدين واعلاميين. الدكتورة دينا حامد استاذ الاذاعة والتليفزيون بكلية الاعلام أكدت أن دخول الصحفيين إلي عالم الاعداد له جوانب سلبية وجوانب ايجابية تقع الايجابية في اننا نري اوضاعاً اسرع في نقل الخبر والمواظبة علي سرعة الاحداث الجارية وعرضها علي الشاشة لأن الصحفي دائما لديه كل الاخبار السريعة ولكن السلبيات وراء هذه الظاهرة كثيرة حيث يختفي المعد نفسه وغياب المعد يجعل المضمون يطغي علي الصورة التليفزيونية وبرامج التوك شو اصبح الكلام فيها كثيراً جدا عن الصورة وأصبحت مجرد مواد صحفية تقال مثلما نقرأها في ثاني يوم علي صفحات الجرائد والمجلات وأصبحت هذه هي السمة الرئيسية للبرامج وابتعدوا عن النزول للشوارع ونقل صورة حية من الشارع فالمعد كان فرصة لنقل الاحداث وأصبح يغلب علي التليفزيون الطابع الصحفي واللغة التي يخاطب بها الجمهور واصبحت لغته صحفية اعلي من عقل الجمهور لأن المعد كان من المفترض أن يستخدم لغة سهلة يفهمها الجمهورالعادي، لأن المثقفين فقط هم من يشترون الجرائد وهم من يتقبلون ويفهمون لغتها وليس عامة الشعب حتي الضيوف انفسهم أصبح اغلبهم رؤساء تحرير للصحف أو المحررين الذين كتبوا الخبر وناقشته الجرائد . الحل أن المعد اصبح يحتاج لتدريب لأن الموضوع اصبح به تسيب لأن المذيع هو نفسه المعد وهو في نفس الوقت صحفي وهو لايملك دراية بالصورة التليفزيونية ولا قواعد الظهور علي الشاشة واصبحت الصورة صحفية بدلا منها تليفزيونية، وهنا يفقد المذيع أو الصحفي ثقته مع الجمهور. حالة غير مرضية الدكتور محمد مهني استاذ الاعلام فأكد أن حالة المعدين في التليفزيون اصبحت غير مرضية لأنه لابد أن يكون مؤهلاً اعلاميا بالاضافة إلي أنه لابد أن تكون لديه ثقافة عامة وثقافة خاصة في الموضوع الذي سيتخصص فيه لأن الثقافة في الاعداد امر مهم جدا بالاضافة إلي أن الصحفي أو المعد عادة احيانا يكون غير مؤهل للوسيلة التي يظهر عليها والتي يتعامل معها في نوعية البرامج التي يقدمها حيث دخلت علي البرامج نوعية المذيع المعد والمعد المذيع أو المخرج يكون معداً بمعني أن الاعداد اصبح مهنة لاي شخص ولكن كلما يتناول المعد قضية هو مقتنع بها يستطيع أن يحاور ضيفه بصورة افضل ويكون متمكناً من مادته. وعادة يختلف الصحفي في الاعداد عن المعد العادي لأن الصحفي عندما يعد برنامجاً هو معتاد علي الورقة ولا يفرق بين الورقة والشاشة عكس المعد الذي يتخيل المادة علي الشاشة . وشروط المعد الجيد أن تكون لديه القدرة علي جمع المعلومات الصحيحية عن الفكرة التي يختارها ولابد أن تتسم هذه المواد بالدقة والموضوعية. الإعلام المرئي بشير حسن رئيس تحرير برنامج 48 ساعة اكد اننا الآن في عصر الإعلام المرئي اكثر من المقروء وفي ظل التكنولوجيا التي تتطور في كل دقيقة نجد أنه لا طريق امامنا سوي الاعلام المرئي، واضاف بشير أن الصحفي ليس السبب في تحول الاعلام التليفزيوني إلي مادة صحفية ولكن وجود برامج التوك شو وتفاعل الجمهور مع المذيع علي الشاشة هو من فرض ذلك لأن هناك اكثر من برنامج توك شو يعرض يوميا ومن الطبيعي أن تكون الرسالة الخاصة بهم يوميا هي من قلب الاحداث وهي نفس الموضوعات التي تناقشها الصحافة فلا يمكننا الفصل بين الاثنين.