لاجدال ان السياسة النقدية السليمة تحتاج إلي الحرفية سواء من البنك المركزي أو من البنوك الدائرة في فلكه.. ان العنصر الاساسي في هذه السياسة يعتمد علي الفائدة علي المدخرات خاصة في عملية كبح جماح الارتفاعات التجاوزية في اسعار العملات الاجنبية. كما تلجأ البنوك إلي هذا السلاح ايضا من اجل تحقيق سيولة مالية مناسبة تسمح لها بممارسة انشطتها الائتمانية والاستثمارية. في هذا المجال وعلي مدي شهور طويلة حرص البنك المركزي المصري في الابقاء علي سعر الفائدة دون تغيير عند 5.8٪ ورغم ذلك فقد ترك للبنوك الحرية في زيادة قيمة هذه الفائدة وفقا لاحتياجات كل بنك من السيولة. كان من نتيجة ذلك لجوء البنوك إلي انشاء الشهادات الادخارية بما يسمح بتجاوز حد الفائدة التي حددها البنك المركزي كأساس للتعامل الائتماني. وفي الاونة الاخيرة يدور الحديث منذ فترة في الاوساط البنكية عن نقص في السيولة المالية يقابله اتجاه إلي تنشيط الحركة الاستثمارية التي تعتمد علي الاقراض والتمويل الاستثماري للمشروعات. في نفس الوقت ونتيجة للهبوط الكبير في موارد الدولة المالية توافقا مع حالة عدم الاستقرار والانفلات الامني وتأثير ذلك علي الانشطة التي تتحقق منها هذه الموارد.. فقد كان من الطبيعي ان تتجه إلي الاقتراض من البنوك. وحتي تتمكن هذه البنوك من الاستجابة فقد كان عليها ان تعمل علي تحفيز عملية الادخار التي تأتي من خلالها السيولة اللازمة. لقد كانت الرغبة في الحد من الاتجاه التصاعدي لقيمة العملات الاجنبية تجاه الجنيه المصري ضمن مبررات، منع الاخلال بسياسة التوازن التي تبناها البنك المركزي في سوق تجارة العملة. تطلبت هذه الاستراتيجية السماح بزيادة الفائدة لجذب المدخرات. تجاوبا مع هذا الاتجاه قامت البنوك الوطنية برفع الفائدة علي الشهادات ذات العائد. وبداية من هذا الشهر جرت عملية تحريك قوية لاسعار الفائدة بما يجاوز ال 2٪ مرة واحدة وهو الامر الذي رفع الفائدة فيما يتعلق باحدي الشهادات لمدة 3 سنوات التي تصدر تحت اسمين مختلفين عن البنك الأهلي وبنك مصر إلي 5،11٪. من المتوقع وعلي ضوء التجارب السابقة ان يشجع هذا القرار علي تدفق الاستثمار في هذه الشهادة وهو ما يترتب عليه في نفس الوقت قيام من يملكون مدخرات بالعملات الاجنبية إلي بيعها للاستفادة من فرق العائد الكبيرالذي سيحصلون عليه من زيادة الفائدة. طبعا وكما هو معروف فان عملية البيع للعملات الاجنبية التي في حوزة هؤلاء المدخرين سوف تؤدي إلي انخفاض في اسعارها أو علي الاقل انضباطها وعدم الميل إلي الارتفاع. بناء علي ذلك فان التحليلات تتوقع بعض الانخفاض في قيمة العملات الرئيسية . في نفس الوقت فان هناك توقعا بان تزيد ارصدة البنك المركزي من العملات الاجنبية التي فقدت ما يقرب من 12 مليار دولار منذ قيام الثورة نتيجة القصور الاقتصادي الناتج عن عدم الاستقرار.