حتي يصدق المواطنون مسلسل انخفاض سعر الدولار مقارنة بقيمة الجنيه المصري.. فإنه لابد ان ينعكس ذلك بشكل محسوس علي اسعار احتياجاتهم المعيشية. كما هو معروف فإن هذه الاسعار تصاعدت بشكل جنوني بعد ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه. جاء ذلك بعد اطلاق البنك المركزي لحرية صرف العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار. في اعقاب هذا التطور المصاحب لبرنامج الاصلاح الاقتصادي جري استغلال هذا التفاوت الكبير بين سعري الدولار والجنيه في موجة غلاء هائلة. تمثل ذلك في انفلات اسعار كل المنتجات المحلية والمستوردة بالإضافة الي الخدمات. علي ضوء هذا فإن من حق المواطنين الذين يعانون من اعباء ارتفاع تكاليف المعيشة.. التساؤل عما يمكن ان تصبح عليه الاسعار بعد انخفاض سعر الدولار الواحد بما يتجاوز المائة قرش. أرجو أن يكون صحيحاً ما تضمنته تصريحات أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية. قال ان أسعار المنتجات سوف تنخفض في الفترة القادمة تأثراً بهذا التطور في سعر الدولار. أشار الي ان ذلك سوف يحدث بعد انتهاء مخزون الدورة الاستيرادية التي تستغرق ثلاثة شهور واشرفت علي الانتهاء. الوكيل ركز في تصريحاته علي الاستيراد ولم يوضح لنا ماذا بشأن اسعار المنتجات المحلية الصناعية والزراعية التي شهدت هي الاخري انفلاتاً استغلالياً واحتكارياً قاده المنتجون والوسطاء والتجار.. هذه الطفرة غير الطبيعية في الاسعار تم إرجاعها الي ارتفاع سعر الدولار. لا يجب بأي حال الاكتفاء بهذه التصريحات المبشرة من جانب رئيس اتحاد الغرف التجارية. المسئولية تقتضي ان يكون للدولة دور فاعل وحازم في متابعة ومراقبة ما سوف تتجه اليه الاسعار بما يحقق صالح المواطنين المستهلكين. إذا كانت حجتها لعدم التدخل يعود إلي خلل تعاملها مع مبدأ اقتصاديات السوق.. أي عدم التدخل في تحديد الاسعار.. وترك ذلك للعرض والطلب.. فإنها بذلك تخدع نفسها وتتخلي عن واجباتها ومسئولياتها تجاه مصلحة المواطنين. إن اجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة بأن تتعلم وتستفيد من تجارب الدول الاخري التي تعد الشفافية والنزاهة والاخلاق ركنا اساسياً في تعاملات التجارة سواء كانت استيرادا أو عرضاً للسلع للبيع. ما شهدناه ولمسناه وعشناه في هذه الدول التي تستحق وصفها بالمتقدمة.. ان الاسعار في الاسواق ترتفع وتهبط بالنسبة للمستهلكين وفقاً للاسعار المعلنة في البورصات العالمية.. ان ذلك يحدث فوراً في أعقاب أي ارتفاع وتنخفض عملا وفعلاً في حالة انخفاضها. الالتزام بهذه المنظومة لابد ان يكون شعاراً واجب التنفيذ من جانب الغرف التجارية. إن علي المسئولين فيها القيام بحملات توجيه وتوعية تحتم علي التجار الالتزام بهذه القاعدة. من المؤكد أن حدوث ذلك سوف تكون له انعكاسات إيجابية علي انضباط الاسعار والتزامها بالعدالة الاخلاقية. »وللحديث بقية»