هذه المشاركة الواسعة للقادة العرب في القمة الطارئة بمكةالمكرمة أمس تعكس التوحد العربي في مواجهة الأخطار الملحة، عندما يتوحد العرب يدا بيد فهم قطعا قادرون علي الدفاع عن مصالحهم والوقوف في وجه أية أخطار أو تحديات. زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي كان حريصا علي المشاركة في القمتين العربية الطارئة والإسلامية العادية، فمصر حريصة دوما علي وحدة الصف العربي والإسلامي، والعلاقات المصرية السعودية هي الأقوي والأكثر تكاملا وتنسيقا وتعاونا في مواجهة كل التحديات ومختلف القضايا. وكانت كلمة زعيم مصر أمام القمة العربية مساء أمس والتي احتضنتها مكةالمكرمة أطهر بقاع الأرض، كلمة جامعة برؤية شاملة لمحاور الحفاظ علي أمن واستقرار المنطقة العربية في مواجهة التحديات، وتعزيز التشاور والتنسيق بين الأشقاء في كل القضايا. القمتان العربية والخليجية بالأمس كانت قضيتهما الأولي مواجهة التدخل الإيراني في شئون الدول العربية بالخليج، فالتقارير الأمريكية أكدت أن ألغاما بحرية إيرانية وراء الاعتداء علي السفن الإماراتية بالخليج، كما أن الحوثيين ذراع إيران باليمن باتوا يستهدفون الأشقاء بالسعودية بشكل غير مسبوق في تصعيد إجرامي إرهابي للاعتداءات، ورسالة العرب من القمتين كانت واضحة نحن أهل سلام ودعاة سلام، لكننا قادرون علي الدفاع عن مصالحنا وأرضنا وشعوبنا بكل الطرق، نعم العرب لا يريدون بدء حرب ولا يسعون إليها، لكن إيران عليها أن تري الحقيقة.. فلا يمكن السكوت علي تدخلاتها بعد اليوم ولا يمكن السماح باستمرار سياستها العدائية التوسعية، العرب قالوا كلمتهم في مواجهة إيران، والكرة الآن في ملعب الإيرانيين وعليهم قبول السلام والتعايش والاحترام المتبادل ولكن العرب جاهزون لمواجهة أي سيناريو. وكانت كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام القمتين بالأمس واضحة تماما في مواجهة الأخطار التي تهدد أمن الخليج والدول العربية، نعم نحن أهل السلام ولكننا قادرون علي الدفاع عن حقوقنا وأمننا. وفي نفس الوقت الذي خرجت فيه الرسالة العربية القوية كانت أمريكا أيضا تواصل حصار مصالح إيران، والإجراءات الأمريكية يبدو أنها ستسير في طريقها إلي النهاية، حتي تقبل إيران بكامل شروطهم ولا تعود خطرا علي جيرانها أو الاقتصاد والتجارة في العالم. واليوم يتواصل اللقاء في ليلة القدر مع القمة الثالثة التي تستضيفها مكةالمكرمة، القمة الإسلامية ال 14 العادية، والتي تنعقد بمناسبة مرور نصف قرن علي إنشاء منظمة التعاون الإسلامي، تحت شعار يدا بيد نحو المستقبل، ويشارك زعيم مصر الرئيس السيسي في القمة الإسلامية، حيث ستركز كلمته علي بلورة موقف موحد تجاه القضايا والأحداث التي يمر بها العالم الإسلامي.. والتصدي لخطاب التمييز والكراهية ضد الجاليات المسلمة. القمة الإسلامية ستؤكد من جديد أن فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولي، وأنه لا حل إلا وفقا لقواعد الشرعية الدولية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية وعلي حدود 1967، كما أن قادة الدول الإسلامية متفقون علي ضرورة تكثيف وتوحيد الجهود لمواجهة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابع التمويل وتجنيد الشباب، وأيضا ضرورة مواجهة ظاهرة (الإسلاموفوبيا)، حيث يتصاعد خطاب الكراهية ضد الجاليات المسلمة.. وهي قضايا تحتاج جهدا جماعيا قويا لضمان النجاح في مواجهتها. فوق أطهر بقاع الأرض مكةالمكرمة وفي ليلة القدر اجتمع قادة العرب والخليج بالأمس، ويجتمع قادة المسلمين اليوم.. القضايا والتحديات واضحة لا لَبْس فيها، وكل القادة حريصون علي أن تمثل قمة مكة انطلاقة قوية لتعاون عربي إسلامي كامل، تعاون يحفظ حقوقنا ويصون أمننا ويحافظ علي السلام والبناء ويوفر الرخاء للشعوب، لكنه أيضا يرفع راية التحدي في وجه من يفكر في التعدي، بوحدتنا وتعاوننا وتكاملنا نستطيع أن نحفظ أمننا ونوفر لشعوبنا مستقبلاً من الرخاء تستحقه. أمام الكعبة المشرفة ينطلق القلب بالدعاء ولا يتوقف اللسان عن الذكر، فاللهم استجب دعاءنا وحقق رجاءنا وأعتق رقابنا من النيران، واحفظ لدولنا وشعوبنا أمنها وسلامها وقوتها ووحدتها.