لإثبات أنه محصّن ضد الموت، تفرّغ معمر القذافي بعد نجاته من الغارة الأمريكية للقيام بجولات وزيارات في طول ليبيا وعرضها ليخاطب شعبه بأن الثورة لم ولن تتوقف، وأنه سيواصل كفاحه ضد الأعداء لردعهم والانتقام منهم علي جريمتهم العظمي التي استهدفت تصفيته. بعد التهديد بدأ التنفيذ. فقد تصاعدت الهجمات التي استهدفت الولاياتالمتحدة رعايا ومصالح في مناطق متفرقة خارج حدودها. فتم قتل أمريكي في لبنان. وهجمات بالرصاص ضد سفارات أمريكية في السودان واليمن وغيرهما. وقتها.. أكدت الأجهزة الأمنية الأمريكية أن مسئولية تخطيط وتمويل هذه الهجمات الإرهابية يتحملها نظام القذافي. ولم يصدر عن طرابلس نفي أو تأكيد.. لتعطي فرصة لأنصار القذافي وخصومه للتهليل له أو التنديد به. أفظع العمليات الإرهابية التي أذهلت وصدمت العالم.. حدثت يوم 21ديسمبر 1988عندما انفجرت طائرة ركاب من طراز بوينج747 تابعة لشركة بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي، الواقعة في مدينة دمفريز وجالواي الاسكتلندية غربي انجلترا. أسفر التفجير الإرهابي عن قتل جميع من كان علي متنها من ركاب، وطاقم القيادة وأفراد الخدمة عددهم 259شخصاً بالإضافة إلي 11 شخصاً من سكان القرية التي انفجرت الطائرة فوقها. في البداية .. تضاربت التكهنات حول الجهة المسئولة عن التفجير. واتجهت أصابع الاتهام ناحية العديد من الدول المعادية للولايات المتحدة، والمنظمات المتشددة، وحركات تحرير تضعها وكالة ال »سي آي إيه« علي قائمة الجماعات والمنظمات الارهابية. وفي الملف الضخم الذي خصصته الموسوعة الحرة، المميزة، بويكيبديا لهذه الفاجعة الإنسانية قرأت: بعد سنوات من التحقيق تنقلت الاتهامات شرقاً وغرباً بداية بإلقاء المسئولية علي منظمة فلسطينية، ثم علي سوريا، ثم علي إيران، وانتهاء بتركيزها علي ليبيا. في 13نوفمبر 1991 أصدرت الولاياتالمتحدة، من جهة، وبريطانيا، من جهة أخري، أمرا بالقبض علي مواطنين ليبيين يشتبه تورطهما في نسف الطائرة. المتهمان يعملان آنذاك بمكتب شركة الخطوط الجوية الليبية بمطار لوقا بمالطا، وتردد أنهما سهّلا شحن حقيبة تحتوي علي متفجرات. رفضت ليبيا تسليم المتهمين وإن أمرت بالتحفظ عليهما انتظاراً لوصول الأدلة ضدهما من واشنطون ولندن للتحقيق فيها أمام القضاء الليبي. الرفض الليبي قوبل بإصرار الولاياتالمتحدة وبريطانيا علي تنفيذ طلبهما وتسليمهما الليبيين المتهمين. تمسكت ليبيا برفضها بحجة أن واشنطون ولندن وجهتا الاتهام دون توافر أي دليل لديهما. ولم تتردد الدولتان العظميان في التصعيد ضد النظام الليبي وحشد المجتمع الدولي ضده. وعن وقائع هذا التصعيد تذكرنا موسوعة بويكيبديا بإحداها قائلة: بدأت الدولتان باستغلال تأثيرهما في التحرك داخل مجلس الأمن حتّي تمكنتا من إصدار قرار في 31مارس 1992 يحمل الرقم 748 بأغلبية 10أصوات وامتناع 5أعضاء عن التصويت من بينها المغرب يوجب علي ليبيا الاستجابة لطلب الدولتين، ويهدد بفرض عقوبات عليها من بينها حظر الطيران منها وإليها. مرة أخري.. رفضت ليبيا الاستجابة لهذا القرار وتم فعلاً توقيع العقوبات في الموعد المضروب كأجل نهائي وهو 15أبريل 1992. .. وللحديث بقية.