كإحدي ضمانات نجاحهم في نسف وتصفية معمر القذافي داخل غرفة نومه، أو تحت خيمته، اختار سلاح الجو الأمريكي أحدث وأفضل قاذفاته 111 وأحدثها تطويراً بقنابلها وصواريخها بالغة الذكاء في بحثها عن أهدافها فوق أو تحت الأرض وتدميرها بدقة مذهلة. 81 طائرة من هذا الطراز توجهت إلي ليبيا صباح 51 أبريل 68 وتوزعت لضرب أهدافها العسكرية في بنغازي وطرابلس. تسع طائرات من ال18 توجهت لقصف معسكرات منطقة »باب العزيزية« في طرابلس وإسكات مصادر دفاعاتها الجوية والأرضية، واختراق تحصيناته المضادة للقنابل الذرية كما أوهمت شركة المقاولات التي قامت بإنشائها والوصول إلي القذافي الراقد فوق سريره بالجناح الرئاسي الذي أكدت وكالة المخابرات المركزية سي آي إيه وجود القذافي تحت سقفه في تلك الليلة. الغارة تمت بنجاح طبقاً للخطة الدقيقة التي رسمت لها ونفذت بها، لكن الصدمة أن أربع قاذفات من التسع واجهت مشكلة فنية في نظام التوجيه الآلي الليزر للقذائف الذكية الموجهة لمقر القذافي وجناحه الرئاسي! أفلت القذافي من الموت رغم أن صاروخاً اخترق سقف غرفة نومه ولم ينفجر، لكن الغارة الكثيفة أودت بحياة الكثيرين من العسكريين والمدنيين من بينهم طفلة رضيعة تبناها القذافي كما جُرح إثنان من أولاده الذين لا أعرف عددهم. سارع الرئيس الأمريكي ريجان بالظهور علي شاشة التليفزيون ليبرر لشعبه وشعوب العالم الغارة الجوية التي شنها علي ليبيا، فأكد أن لدي الأجهزة الأمريكية معلومات وأدلة ثابتة علي تورط النظام الإرهابي الليبي في تفجير العديد من الجنود الأمريكيين داخل ملهي ليلي في برلين. وهو ماأعطي الولاياتالمتحدة في رأي رئيسها الحق المشروع في الدفاع عن النفس. وهو بالضبط ما حدث، كما توعّد بتكرار الغارات إذا استمر القذافي في تخطيط وتنفيذ جرائمه الإرهابية. رد الفعل الخارجي كان بعضه معارضاً للغارة الأمريكية، أما رد فعل الرأي العام الأمريكي فجاء في معظمه راضياً، ومقتنعاً بما قاله الرئيس ريجان. في استطلاع رأي لحساب صحيفة نيويورك تايمز، والقناة التليفزيونية CBS أعلن 77٪ من الأمريكيين موافقتهم علي الانتقام من النظام الليبي الذي تكرر عدوانه علي الولاياتالمتحدة. معارضة الغارة الهجومية جاءت فقط من داخل الكونجرس وفي بعض مقالات الصحف وتعليقات تليفزيونية. انصب الاعتراض علي اتهام ريجان بتجاهل القانون الذي يحظر اغتيال رؤساء دول أجنبية أو شن الهجمات العسكرية السرية بدون موافقة الشعب ممثلاً في نوابه البرلمانيين. أبواق إدارة ريجان ردت علي الاتهام مؤكدة أن ليبيا ليست دولة طبيعية حتي تحترم سيادتها واستقلالها. فالنظام الحاكم الليبي دأب علي تكرار عملياته الإرهابية ضد المصالح الأمريكية، وهو ما أعطاها الحق في الرد دفاعاً عن النفس، طبقاً للمادة 15 من ميثاق الأممالمتحدة. ورداً علي اتهام ريجان بانتهاكه للقرار رقم 12333 الذي يحظراشتراك الأجهزة الحكومية الأمريكية من قريب أو بعيد في التخطيط لعملية اغتيال حاكم دولة أجنبية، أقسم الرئيس الأمريكي كذباً علي أنه لم يخطر علي باله مطلقاً التخطيط لاغتيال القذافي وتصفيته (..). وأضاف المستشار القانوني للبيت الأبيض آنذاك آبراهام سوفر قائلاً أن شخص القذافي لم يكن هدفاً مسبقاً في الغارة الجوية. وبالتالي فإن وجوده بالصدفة داخل أحد المواقع التي استهدفتها القاذفات F 111 وأدي إلي موته لا يمثل جريمة قتل وإنما مجرد تحصيل حاصل لتداعيات الغارة. .. وللحديث بقية.