.. ومع استمرار ضغوط الصقور الامريكية علي الرئيس ريجان، إلي جانب أن الأخير وضع القذافي »في دماغه« منذ توليه رئاسة أمريكا وحتي نهايتها وبالتالي لم يكن ريجان في حاجة إلي المزيد من الضغوط ليوقع قرار تصفية »الكلب المجنون« .. كما تعود علي وصف القذافي! أطلقوا علي عملية التصفية اسم: الدورادو El Dorado Canyon وحددوا ساعة الصفر في14أبريل 86 ، حيث أقلعت 18 قاذقة طراز F-111 من قاعدة ليكينهيث البريطانية في طريقها إلي ليبيا. فرنسا رفضت السماح للقاذفات الأمريكية بعبور أراضيها مما اضطرها إلي تعديل خط مسارها. وكانت وكالة المخابرات الأمريكية CIA تقوم بإخطار قائدي القاذفات بآخر المعلومات التي تتوالي عليها من عملائها أو عملاء الموساد الإسرائيلي داخل ليبيا الخاصة بتحركات وانتقالات القذافي في ذلك اليوم وعلي أساسها يقوم الطيارون بضبط أو تغيير أو تعديل الأهداف المطلوب تدميرها. آخر معلومة وصلت للطيارين في الساعة 23.15 أي قبل ساعتين من التوقيت الذي سبق تحديده لقصف مقر القذافي في باب العزيزية والخيمة الشهيرة التي نصبها داخل أسوار المقر ويستقبل زواره داخلها. في مساء 14أبريل تناول القذافي عشاءه بمفرده، ثم تربع آمناً مطمئناً في انتظار لقاء سكرتير عام الحزب الشيوعي اللبناني آنذاك: »جورج حاوي« عند منتصف الليل. رغم أن الصحف الأمريكية تحدثت خلال اليومين السابقين عن ضربة جوية وشيكة تستهدف القائد الليبي شخصياً! الأغرب أنه في الساعة السابعة من مساء نفس اليوم تلقي مراسل صحيفة أمريكية في غرفته بفندق بطرابلس مكالمة من مدير تحرير الصحيفة ينبهه فيها إلي أن الضربة ستكون قبل منتصف الليل أو فجراً علي أقصي تقدير! بعدها تلقي صحفي أمريكي آخر معلومة عاجلة من نيويورك تؤكد له أن الضربة ستبدأ بعد دقائق! هذه المعلومات الخطيرة التي تتردد وتنتشر لم يصل منها حرف إلي سمع الأخ العقيد المشغول لشوشته بإدارة شئون الكرة الأرضية عن بعد! وحتي لو علم بها فلن يصدقها لأنه يثق أن الولاياتالمتحدة مثلها مثل غيرها لا ولن تجرؤ علي المساس به من قريب أو بعيد(..). الغريب والمثير للشكوك أن حلفاء القذافي علي رأسهم الاتحاد السوفيتي لم يهتم واحد منهم بتحذيره مما يخطط ضده ولم يعد سراً علي كثيرين! في الساعة الواحدة والنصف من صباح اليوم التالي 15 أبريل 86 وصلت أول مجموعة من المقاتلات القاذفات التابعة للأسطول السادس في مياه المتوسط وقصفت أهدافاً في مدينة بنغازي. بعدها بنصف ساعة وصلت طائرات ال:F-111 إلي طرابلس حيث قصفت خلال 11 دقيقة مطار طرابلس وقلعة باب العزيزية التي يتخذ القذافي منها مقراً من مقاره المنتشرة في طول ليبيا وعرضها. استخدمت القاذفات صواريخ ذكية موجهة بالليزر إلي أهدافها بدقة متناهية. حظيت الخيمة البيضاء التي يقيم فيها القذافي في باب العزيزية تشبها بالرئيس الأمريكي الذي يقيم في البيت الأبيض ما فيش حد أبيض من الأبيض بأحد تلك الصواريخ، وتردد لحظتها أن قائد الثورة قد لقي حتفه نسفاً وحرقاً داخل خيمته. وهو الخبر الذي أسعد الإدارة الأمريكية لدرجة أن المسئول عن شئون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي جي.تيشر دعا جميع الحاضرين والمتابعين لما يجري في ليبيا لحظة بعد أخري، إلي وجبة فاخرة في مطعم شهير بواشنطون احتفالاً بتصفية الإرهابي عدو أمريكا الأول (..). الفرحة لم تستمر طويلاً. معلومة خاطفة تلقتها واشنطون من عميل لل سي آي إيه في طرابلس أكدت سلامة القذافي وخروجه سالماً من الغارة الجوية. .. وللحديث بقية