أدعوك عزيزي القارئ لكي تضحك بملء فيك (فمك)، ويمكن أن تستلقي علي قفاك من شدة الضحك لأنني سأحكي لك بعض مشاهد الكوميديا السوداء التي يختلط فيها الضحك مع البكاء، وهي من انتاج واخراج اللجنة العليا للانتخابات التي تقود العمل من أجل انتخاب أول مجلس شعب بعد الثورة المجيدة. فقد أعلنت اللجنة المصونة عن الطريقة التي يتعين علي سيادتك وأي ناخب مثلي ومثلك أن يتبعها لكي يعرف الدائرة التي يسمح له بالادلاء بصوته فيها، فتقول له التوجيهات عليك أن تبحث عن الموقع الإليكتروني للجنة العليا للانتخابات علي الإنترنت، وإذا ما ألغيت سيادتك عقلك، وتوقفت عن التساؤل المنطقي عن كيف يتعامل الحاج »اسماعين« أو الحاجة »فاطمة« مع تكنولوجيا الانترنت قبل أن يتعلموا »فك الخط«، فإنك ستجد نفسك أمام مفاجأة أخري مثلما حدث لي شخصيا فقد توكلت علي الله ودخلت علي الموقع إياه، وبحثت عن الدائرة الانتخابية التي تحددها بطاقة الرقم القومي الخاصة بسيادتي، وفوجئت بأنها في »الاسماعيلية« بالرغم من أنني أسكن والله العظيم« في »مدينة الشيخ زايد« وتقول بطاقتي انني من سكانها، وقد تصورت في البداية انني حالة خاصة ربما لموقف شخصي من اللجنة ضد العبد لله، لكنني فوجئت بأن كل سكان الشيخ زايد مطالبون بالادلاء بأصواتهم في محافظة الاسماعيلية، ومعني ذلك باختصار الكلام أن اللجنة في غني عن أصواتنا نظرا لمشكلة السفر إلي الاسماعيلية ولأننا لا نعرف أحدا من المرشحين بنظام الفردي!!.. والمثير للضحك الباكي أن الوقت قد فاتك لكي تتظلم وتطلب تعديل دائرتك الانتخابية!! (تصفيق حاد!!). وهذا مشهد آخر يتعلق أيضا بالدوائر الانتخابية لكن ضحاياه من المرشحين، فقد حددت اللجنة المصونة حجم الدوائر بطريقة تتحدي المنطق والامكانيات فالدائرة الواحدة تتسع وتتسع حتي تضم العديد من المدن والقري بل يمكن أن تكون علي مستوي محافظة كاملة، وعلي المرشح »الفردي« أن يلهث جريا وراء مئات الآلاف من الناخبين، وعليه (المسكين) أن يقطع مئات الكيلومترات سعيا بين المدن والقري والشياخات بشرط أن يتم ذلك في زمن قياسي فالانتخابات ياسيد علي الأبواب، كما أنه مطالب بصرف الملايين من الجنيهات بغض النظر عن الحد الأقصي الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات، مع رجاء حار للمرشح تعس الحظ ألا يتفاءل كثيرا بإمكانية الحصول علي الأصوات المطلوبة ومعها الحصانة المنشودة، إلا إذا كان يستند سرا علي أحد الأحزاب أو الكيانات والجماعات، وبالمناسبة المشكلة لا تحاصر فقط مرشحي الفردي، فالأحزاب هي الأخري لا حول لها ولا قوة مع اتساع الدوائر، باستثناء حزب »الحرية والعدالة« لأن له قواعده وكوادره ما شاء الله في كل مكان من أنحاء الجمهورية، أما الأحزاب الوليدة التي لم تشب بعد عن الطوق لضيق الفترة المحددة للانتخابات وضيق ذات اليد (خاصة أحزاب الثورة) فعلي أعضاء قوائمها أن يكونوا واقعيين ويغتنموا السلامة بالاياب.. يعني يستريحوا في بيوتهم وعليه العوض، ومنه العوض، علي الوقت والجهد والمال اللي ضيعوه!! وينسحب ذلك أيضا علي مرشحي قوائم أحزاب المعارضة القديمة كالوفد والتجمع والناصري، فهم أيضا لهم الله والصبر والسلوان لأن حدود تحرك أحزابهم لا تتجاوز بضع قري ومدن صغيرة! وهكذا سيفتح الستار أخيرا عن المسرحية الكوميدية السوداء كما أعدتها وأخرجتها اللجنة العليا للانتخابات.. لنري ونحن يراودنا الضحك المبكي كيف تضيع منا فرصة انتخاب أول مجلس شعب دون تزوير لننطلق معه علي طريق الديموقراطية التي قامت من أجلها ثورتنا الرائعة!!