أحسن الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية ونائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية التصرف بعدوله عن الاستقالة من وزارة الدكتور عصام شرف. ان هذا الموقف ولا جدال يعكس شعورا بالمسئولية تجاه الوطن في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه. لقد ادرك من ردود الفعل داخليا وخارجيا حجم التداعيات التي سوف يجسدها اصراره علي هذه الاستقالة في هذا الوقت العصيب الذي تعيشه مصر خاصة بعد احداث كارثة ماسبيرو التي عمقت جروح الوطن وأدمت جسده الذي يئن من غياب الأمن والاستقرار. لقد اعلن الدكتور الببلاوي ان سبب استقالته هو صدمته فيما جري أمام ماسبيرو وما ارتبط بتطوراته المأساوية من عجز في تجنبه أو معالجة مسبباته. ورغم ايماني بصدق هذه الرواية علي ضوء ما اصاب كل الوطنيين المصريين إلا انني اعتقد انه قد وضع في اعتباره التأثير السلبي لما حدث علي جهوده في انتشال الاقتصاد القومي من حالة الضياع التي يتعرض لها نتيجة الفوضي وعدم الاستقرار وغياب الشعور بالمسئولية الوطنية. من المؤكد ان تقييمه لآثار الدماء التي سالت وما يمكن ان يترتب علي ذلك من تأثيرات علي الجبهة الداخلية جعله في حالة احباط ويأس من الانعكاسات غير المحدودة علي الاوضاع الاقتصادية. لم يكن خافيا ان مقابلة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري له وما دار في هذا اللقاء من تأكيدات تتعلق باتخاذ اجراءات عاجلة ورادعة لاحتواء الموقف قد جعلته يجنح في اتجاه تغليب الصالح الوطني بالعدول عن الاستقالة. واذا كان الدكتور الببلاوي قد اعلن بأن استقالته من منصبه سببها عدم الرضا عن المعالجات السياسية ومشيرا بشكل اساسي الي احداث ماسبيرو التي تهدد وحدة ومستقبل الوطن.. فقد أوضح في تصريحاته ان لا علاقة بشكل مباشر لهذه الاستقالة بالاوضاع الاقتصادية التي وصفها بالواعدة ولكن بشرط ان يكون هناك عمل حقيقي من اجل توفير الامن والاستقرار. ان ما سجله نائب رئيس الوزراء المسئول عن المسيرة الاقتصادية لا يختلف ابدا عما سبق ان اتفق عليه جميع احباء مصر بأن لا امل في الخروج من المحنة الحالية دون وقف للسلوكيات الفوضوية وتوافر القدرة علي ضبط امن الشارع المصري. ان تحقيق هذا الانجاز يعني الاحساس الملموس بالامان وعودة الثقة للاستثمارات التي هربت من مصر. قال ان تدفق الاستثمارات والتي كانت 31 مليار دولار في عام 8002 قبل الازمة الاقتصادية وتجاوزت الثمانية مليارات دولار عام 0102 قبل ثورة 52 يناير وصلت حاليا إلي الصفر نتيجة اهتزاز عنصري الامن والاستقرار. اشار الي ان الفرصة مازالت متاحة لاستئناف عمليات التدفق الاستثماري لمعالجة الوضع الاقتصادي ولكن هذا مرهون بتضافر جهود الجميع من اجل انقاذ مصر. إذن فإن حل أزمة استقالة د. حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ليست سوي تجسيد للاخطار التي تهدد هذا الوطن. من المؤكد ان التوصل لانهاء هذه الازمة مرتبط بجدية التحرك للمواجهة والتصدي الحقيقي للمشاكل التي كانت وراءها.