أكد الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية، نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، أنه لم يتراجع عن استقالته التي تقدم بها أمس إلى الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، حتى مع إعلان المتحدث باسم مجلس الوزراء رفض المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد قبولها. وقال الببلاوي في مقابلة مع برنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم" مساء الثلاثاء، إن استقالته جاءت لأسباب سياسية لأن "الحكومة لم تتخذ ما ينبغي في أحداث ماسبيرو"، التي أسفرت عن سقوط 25 قتيلاً وأكثر من 300 جريح. وأوضح أن سحب استقالته أمر غير وارد، وإن كان يرى أن من حق المجلس العسكري ألا يقبلها، لكن أكد أنه من الناحية القانونية لا يزال يعمل وهذا يجعله يشعر بأزمة حقيقية. وأضاف إن "أصحاب القرار رفضوا استقالته لأسباب لها وجاهتها، بسبب الأوضاع الصعبة التي تمر بها مصر فلا داعي لزيادة الأمور تعقيدا ومشاكل، هذا ما رأوه وقالوه لي". وعلى الرغم من تمسكه باستقالته إلا أنه قال "لا أرضى ان يؤثر قراري هذا على المسألة الاقتصادية وهذه هي الأزمة التي أعاني منها الآن". وأكد الببلاوي أن الاستقالة التي تقدم بها جاءت بعد أحداث ماسبيرو لشعوره "بالفزع "بسبب قصور الحكومة في حفظ الأمن في الشارع المصري ، وشعورا منه بالمسئولية أنه عندما يختل الأمن وعدم شعور الناس بالطمآنينة خاصة بعد أحداث ماسبيرو، فهذا "معناه أن الحكومة لم تستطع أن توفر الأمن للشارع المصري وبالتالي كان على حكومة شرف أن تعتذر وتستقيل". وأعلن الببلاوي أنه طالب الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بضرورة الاعتذار للشعب المصري وتحمل مسئولية القصور في حفظ الأمن، وترك الفرصة لحكومة أخرى قادرة على تحقيق الأمن والأمان للمصريين . واستطرد قائلا: "أتيت لهذا المنصب على أساس الازمة الإقتصادية الراهنة لأنه مشكلة ضخمة جدًا، ولكن ما حدث في ماسبيرو جعلني في حالة فزع و"خضة"، لم أكن متوقع ما يحدث وكنت في اجتماع مع المجلس العسكري وبعد ذهابي للبيت وعرفت ما حدث شعرت بالذهول. وأشار إلى أنه تحدث في مجلس الوزراء يوم الاثنين لأول مرة في مسائل سياسية وطالب بتحقيق الأمن للشارع المصري "كي يعمل الناس في هدوء"، وأشار إلى أنه في الاستراحة تحدث عن ضرورة أن تقدم الحكومة استقالتها للمجلس العسكري لو لم يتحقق الأمن للشارع المصري". وأردف: طالبت الدكتور عصام شرف بذلك وقلت: سنقول للشعب إننا حاولنا فعل ما نستطيعه لكن لم نقدر على تحقيق الأمن، وبعد ذهابي للبيت لم أكن مستريحا، وكتبت الاستقالة وقولت فيها نحن مسئولين كحكومة عن توفير الأمن وبسبب قصورنا في تحقيق الأمن للشارع المصري فكان علينا أن نعتذر ونعطي الفرصة لحكومة أخرى. وأكد أن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري والفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس أكدا خلال اتصال هاتفي معه أنهما يرفضان استقالته، وأضاف أنهما لم يعلقا عندما قال إن سبب الرفض سياسي. ووفق روايته، فإنهما قالا له: "أنك عينت من أجل الاقتصاد ولك اسمك وعلاقاتك وهذه مسئوليتك"، وأشار إلى أنه رد عليهما بأنه لم يسحب الاستقالة "وفي حال عدم الموافقة فهذا حقكم ولكني لن اتراجع فيها لعدم شعور المواطنين في الشارع المصري بالأمن"، ووصف الببلاوي نفسه بأنه "مُستقيل رُفِضت استقالته"!. وكان الببلاوي تقدم باستقالته أمس إلى رئيس مجلس الوزراء، احتجاجًا على معالجة الحكومة للأحداث الدموية بمنطقة ماسبيرو مساء الأحد. لكن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رفض قبول الاستقالة، كما أعلن السفير محمد حجازي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، وذلك بعد ساعات من الإعلان عن تقدم الببلاوي باستقالته. وقال الببلاوي إنه تقدم باستقالته في ضوء خلفيات أحداث ماسبيرو وما ترتب عليها من إخلال شديد بأمن وأمان المجتمع الذى هو من المسئولية الأساسية للحكومة. وأوضح أنه "على الرغم من أنه قد لا تكون هناك مسئولية مباشرة على الحكومة فى ذلك إلا أن المسئولية فى النهاية تقع على عاتقها"، وتابع "أن الظروف الحالية صعبه للغايه وتحتاج إلى فكر وعمل جديد ومختلف". لكن مصدرًا مقربًا من الببلاوي أبلغ "المصريون" أن الاستقالة المفاجئة جاءت لعدم قدرة الحكومة على الوفاء بكثير من التزاماتها، بالإضافة لصعوبة اللأوضاع الحالية، ووجود خلافات داخل مجلس الوزراء حول عدة أمور ابرزها قضية أموال التأمينات وتصريحات أحمد البرعي وزير القوى العاملة عن ضياعها، بالإضافة إلى عدم قدرة الدولة على جلب موارد إضافية لسد عجز الموازنة. كان الببلاوي وصل الوزارة أمس في الثامنة ونصف صباحا ولم يكن هناك ما يشير إلى نيته الاستقالة إذ كانت الأمور تسير بشكل طبيعي إلى أن غادر الوزارة في الواحدة ظهرا معلنًا استقالته دون توجيه أي خطاب . ولاحقًا، أعلن الدكتور عصام شرف في مؤتمر صحفي مع النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه، أن الدكتور حازم الببلاوي أرسل استقالته صباحًا، وأنها محل بحث، لكنه لم يكن قد التقاه حتى ذلك الوقت. وأعلن رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تضع استقالتها فى مثل هذه الظروف تحت إمرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة "وهو إجراء متبع لا يعني الاستقالة، مضيفًا: "نحن مستمرون الى أن يجد جديد".