تمنيت أن لو صام المسلمون مع المسيحيين صوم رجاء لله سبحانه وتعالي، أن يحفظ وطننا وأن يجعل بأسنا علي عدونا شديداً، والرحمة والمودة بيننا ملء الأرض والسماء.. تمنيت أن لو نادي الأزهر الشريف ودار الإفتاء والأحزاب والائتلافات والتنظيمات لصيام المسلمين جماعة في الوقت نفسه الذي نادي فيه البابا شنودة المسيحيين بالصوم.. ومع الصيام المشترك تمنيت أن لو خرجنا جميعا إلي الميادين في مختلف أرجاء الوطن، لإقامة الصلوات.. صلوات طلب الرحمة والوئام.. صلوات الاستغاثة به سبحانه ليغيثنا من الجفاف والتصحر.. جفاف المشاعر.. وتصحر الأفئدة، اللذين هما أقسي من نقص المطر وجفاف الأرض وتصحر الخضرة! إن الوقت لم يمض بعد.. ومازالت هناك فرص بعدد أنفاسنا، لكي تتحول عاداتنا إلي عبادات وعباداتنا إلي عادات، فنمارس علاقاتنا اليومية في المنازل والحواري والشوارع والمواصلات وأماكن العمل والتعليم والمستشفيات والمحلات والنوادي وكأننا أمام الله سبحانه وتعالي نؤدي طاعة ونهجر معصية، ثم وبالدرجة نفسها نمارس عباداتنا في الكنائس والمساجد راكعين وساجدين لله، وفي خلفية مشاعرنا وتفكيرنا أن الدين هو المعاملة ومخالقة الناس بخلق حسن. إنني لم أجد في كتاب الله سبحانه وتعالي آية واحدة تتضمن عبارة أو إشارة إلي محو كنيسة أو دير بل وجدت أن القرآن الكريم يذكر بالنص في الآية رقم 40 من سورة الحج :"الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" صدق الله العظيم.. هذا الجمع الإلهي بين الصوامع والبيع والصلوات والمساجد .. وهذا التقرير الإلهي أنها جميعها يذكر فيها اسم الله، يجعلنا نتساءل تساؤل الاستنكار حول الذين يقومون بهدم الصوامع والبيع والصلوات التي قدمها القرآن في الترتيب علي المساجد.. وحول الذين يتنطعون، فيصدرون الفتاوي ويحرضون الشباب والعامة علي هدم دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله، كما يجعلنا نتساءل تساؤل الندم حول تقاعسنا عن عدم دفعنا لهؤلاء لمنعهم من جريمة هدم دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله كثيراً.. ودفعنا لهم لابد أن يتم بالقانون وبمؤسسات الدولة وسلطاتها وأجهزتها. إنني لا أريد أن أستفيض فيما يجب أن يوفيه أهل الذكر والعلم من علمائنا الأجلاء الذين ينحدرون من أنساب علمية وفقيهة تنحدر من الأئمة الأعلام المجددين المتنورين الذين سعوا لمصلحة الأمة، وقالوا حيثما تكون مصلحة الأمة فثمة شرع الله، وأصلوا للأمر فعلمونا أن درء المفسدة مقدم علي جلب المصلحة.. وأن الضرورات تبيح المحظورات! إن جهاز مناعتنا الوطنية أصابه الوهن، وأصبح ضعيفا في مواجهة فيروسات الاختراق الخارجي الشرير وجراثيم التحلل الحضاري والثقافي والاجتماعي التي تتكاثر وتنمو في بيئتنا الداخلية، ومن البكتيريا الخبيثة التي تأكل خلايانا الحية وتدمر وظائف أعضائنا الاجتماعية والثقافية، ولذلك فإن أول وأقدس المهام هو أن نعيد لجهاز مناعتنا قوته وسرعة استجابته، ولنبدأ بصوم مشترك وصلوات مشتركة وأدعية متواصلة ، ولنبدأ أيضا بخلق مجالات العمل المشتركة في خدمة قرانا ونجوعنا ومدننا وصحارينا، وبدلا من الصراخ لهدم دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله كثيراً يكون النداء لبناء النوادي والساحات الشعبية المشتركة.. ولمعسكرات العمل لردم المستنقعات وجمع القمامة وتصنيفها وتصنيعها.. وقوافل الخدمات التعليمية والطبية والثقافية! تعالوا نتنادي لنفعل ذلك.. وعندها لن يستطيع متنطع أن يمس صومعة ولا بيعة ولا صلاة ولا مسجداً.