تلتزم بعض اسر ذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين ذهنياً بتعليم أبنائهم الفروض الدينية الواجبة علي المسلمين من صلاة وصوم ... وتعتبر ذلك نوعاً من إدماج المعاق في المجتمع والمساواة بينه وبين الأسوياء رغبة في عدم اشعاره بالاختلاف عنهم.. ولكن كيف يتم التعامل مع المعاق في شهر رمضان؟ وما حكم صوم المعاق ذهنياً؟ هذه الأسئلة التي تتردد علي أذهان الكثيرين طرحتها روزاليوسف علي أولياء الأمور والجمعيات وعلماء الدين. تقول السيدة نورا عبد الناصر والدة أحمد شعراوي معاق ذهنياً (داون) 21 سنة أنه مرتبط بشهر رمضان روحانياً بشكل كبير حتي أنه يصوم أكثر من عشر سنوات ويصمم علي شهر رمضان كاملاً رغم عدم اقتناعنا بذلك وطلبنا منه الإفطار أكثر من مرة ولكنه يدرك أنه مسلم ويرفض اسقاط فريضة الصيام، وعن يوم أحمد في رمضان تستطرد والدته أنه يذهب إلي مدرسة التربية الفكرية بجمعية بر الأمان ثم يعود للمنزل يساعدني في إعداد الإفطار ثم يتناول وجبة الإفطار وينظف المائدة بالإضافة إلي الذهاب 3 مرات اسبوعياً لمعهد الموسيقي وثلاثة أيام للتدريب علي حمل الاثقال. كذلك يهتم أحمد بالمواظبة علي صلاة التراويح والركوع والسجود علي الرغم من عدم حفظه للتشهد، ولكنه يحفظ سورة الفاتحة والإخلاص ويستمع للقرآن الكريم في شهر رمضان من والده أو المقرئين. بينما تبين فاطمة محمد الشيمي والدة محمد معاق ذهنياً و22 سنة أن كثير من أولياء أمور المعاقين ذهنياً يحكمون علي تجربة صيام أبنائهم بالفشل دون تطبيقها علي الرغم من أن الصيام يكون تبعاً للتعود، ومن واقع تجربتها مع ابنها في الأيام الأولي من الصيام واجهت بعض الصعوبات مثل عدم التزامه التام بالصيام وعندما تراه يأكل أو يشرب في نهار رمضان تحاول عدم مواجهته بهذا الفعل أو معاقبته حتي لا ينفر من الصيام، كما أنها لا تأمره بالصوم وانما تشرح له بأسلوب بسيط أهمية فرض الصيام والعبادات الدينية الأخري وتعلمه كيفية القيام بها بالإضافة إلي تحفيزه علي ذلك بتحضير الوجبات والأصناف التي يفضلها. وعن دور جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة تشير رانيا كرم مسئولة وحدة المعاقين ذهنياً بإحدي الجمعيات الخيرية أشارت إلي أن خلال شهر رمضان الكريم تقوم بالوحدة بمشاركة ذوي الاعاقات الذهنية بتزيين المكان وهو أسلوب مبسط لتعريفهم بأن شهر رمضان مختلف عن شهور السنة إلي جانب توزيع فوانيس عليهم لإدراك أحد مظاهر شهر رمضان وبعد ذلك تبدأ في شرح طقوس وعادات شهر رمضان من صيام وصلاة من خلال سرد قصص بسيطة تحتوي علي قيم وسلوكيات عليهم الالتزام بها في شهر رمضان الكريم بالإضافة إلي تنظيم إفطار جماعي لتشجيعهم علي الصيام. وعن صيام المعاقين تضيف رانيا كرم أنه يكون تبعاً لدرجة الإعاقة فهناك حالات إعاقة شديدة لا تدرك معني شهر رمضان وفريضة الصيام ولذلك لا تلتزم بالفروض الدينية نظراً لعدم الوعي والادراك للذين يتمتع بهما الأسوياء. نموذج آخر هو جمعية براعم التحدي لذوي الاحتياجات الخاصة التي تهتم بالجانب الديني حيث تحرص علي تحفيظ القرآن الكريم للمعاقين من خلال أحد الشيوخ علاوة علي اصطحابهم إلي المسجد بشكل منتظم لتعلم كيفية أداء فريضة الصلاة والحديث معهم عن الجنة ومحبة الله والرسول الكريم، وقبل شهر رمضان يكون هناك دروس دينية والتي يراعي فيها الشرح بأسلوب بسيط حتي يتم فهمه من جانب المعاقين وتعليمهم الصيام بشكل تدريجي ولكن ذلك تطلب فترة طويلة، والجمعية تحرص دائماً علي تحفيزهم علي الصيام والصلاة. رأي نفسي وعن وجهة النظر النفسية تؤكد دكتورة نهلة السيد ناجي - أستاذ الطب النفسي جامعة عين شمس - إن ذوي الاعاقات الذهنية لا يوجد ما يمنعهم صحياً أو نفسياً من الصيام ولكن المشكلة تكمن في عدم ادراك قيمة عبادة الصوم، وعلي الرغم من ذلك لا مانع من تعليمه أنشطة اجتماعية ودينية معينة ومن بينها صيام شهر رمضان عن طريق تأهيله علي تناول الوجبات الغذائية في أوقات محددة للسحور والإفطار، كما ينبغي علي الوالدين عدم اجبار ابنائهما علي الصيام أو تأنيبهم علي عدم الالتزام بالعبادات ومراعاة أن المعاق ذهنياً نسبة ذكائه أقل من الأسوياء. وتنصح دكتورة نهلة ناجي أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة بتدريبهم علي سلوكيات وقيم الخير وطقوس دينية وممارستها في أوقات محددة بشكل مستمر كالصلوات الخمس أو صوم شهر رمضان لأن الانتظام في القيام ببعض الأفعال وتكرارها مع مرور الوقت يجعلهم يمارسونها تلقائياً. رفض ديني ومع ذلك كانت هناك وجهة نظر مختلفة لعلماء الدين يوضح الدكتور مبروك عطية الاستاذ بجامعة الأزهر أن ذوي الاعاقات الذهنية غير مكلفين بالفروض التي امر الله سبحانه وتعالي بها كل مسلم وذلك لأن الإعاقة الذهنية هي فرع من فروع الأمراض المزمنة التي يصاب بها العقل البشري ويترتب عليها عدم التمييز والادراك السليم بأمور الحياة والدين، فإذا صام أحدهم أو صلي فلا يحسن أداء العبادة ولا يلتزم بها وهناك قاعدة شرعية يجب الالتزام بها إذا أخذ الله ما وعظ بعباده من الصحة والسلامة اسقط عنه ما أوجبه عليه من العبادة ولذلك علي الوالدين عدم التضييق علي أبنائهما من ذوي الاعاقات الذهنية أو اجبارهم علي أداء الفروض التي اسقطها الله سبحانه وتعالي عنهم. الدكتور عبد الله سعيد أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر - أشار أيضاً إلي أن الله سبحانه وتعالي حث كل مسلم علي الصيام وجاء في كتابه الكريم أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ومن هنا يتضح لنا أن الحالات المرضية المزمنة اسقط عنها صيام شهر رمضان لعدم القدرة علي الالتزام بالصوم وتعويضاً عن ذلك إفطار مسكين عن كل يوم وهذا ينطبق علي المعاقين ذهنياً خاصة في حالة العجز عن التمييز ومن رحمة الله سبحانه وتعالي أنه اسقط عنهم فريضة الصوم ولكنه إذا استطاع التمييز بين الأشياء وبعضها يجب عليه الصوم.