المهندس طارق النبراوى فى حواره مع مها فودة محررة »الأخبار« بعد فرض حراسة قضائية علي نقابة المهندسين من النظام البائد السابق استمر خمسة عشر عاما ثم رفع الحراسة عنها منذ أيام .. ماهي الخسارة التي لحقت بالنقابة والفاتورة التي دفعتها مصر من جراء ذلك القرار الظالم؟ لقد خسرت مصر خسارة أكبر بكثير مما خسره المهندسون من فرض الحراسة.. لقد خسرت مصر عقولا هائلة كانت تستطيع أن تمدها بكل ما احتاجته في الفترة الماضية، خسرت مصر الاستفادة من هذه العقول لان نقابة المهندسين هي الاستشاري الاول المجاني للدولة في مشروعاتها الهندسية القومية، نظام مبارك استغني عن هذا لكي يدخل في عملية الخصخصة وهو يعلم أن التكوينات الصناعية الكبيرة في مصر فيها مهندسون نشطاء وأعداد كبيرة منهم سوف ترفض هذه السياسات، علي سبيل المثال مشروع توشكي تم إنفاق هائل عليه رغم العلم بأنه لن يحقق شيئا والعائد منه غير منظور. هل فرض الحراسة علي نقابة المهندسين أثر علي مهنة الهندسة؟ بالتأكيد.. فرض الحراسة أدي الي انهيار المهنة !! وهذا أيضا كلف مصر الكثير وسوف أضرب لك مثلا صارخا وهو مشروع معهد الاورام بعد أقل من 15 سنة أصبح آيلا للسقوط ويتم الانفاق الهائل عليه حتي الان لإصلاحه فلو أن المهنة سليمة .. لو أن النقابة كانت تقوم بدورها وواخده حقها الطبيعي في متابعة المهندس ورفع كفاءته لم تكن تحدث تلك الخسائر الفادحة التي لحقت بمصر. ما الهدف الاساسي من تعطيل نقابة هامة مثل نقابة المهندسين-وفرض الحراسة عليها؟ تم فرض الحراسة علي نقابة المهندسين في مايو 1995 من النظام البائد المستبد محاولة منهم لاخراج المهندسين من منظومة العمل الديمقراطي في مصر وقد حدث ذلك لكل النقابات المهنية باصدار قانون 100 الذي جمد العمل في كل النقابات المهنية.. لكن وضع نقابة المهندسين كان أشد من باقي النقابات لان مع قانون 100 تم فرض الحراسة علي النقابة ..استبعدوا المجلس كما استبعدوا النقيب .. وتولي زمام الامور في النقابة (حراس) كانوا يتم تعيينهم بموافقة أمن الدولة الذي كان دورهم مباشرا في نقابة المهندسين. هل معني ذلك أن دور النقابة قد توقف تماما عن تقديم خدمات ونشاط للمهندسين؟ نقابة المهندسين كانت تقدم الخدمات المباشرة للمهندس دون أن يكون هناك أي عمل نقابي ذي قيمة فالمهندسون كانوا ممنوعين من التواجد بمقر نقابتهم إلا لاداء أعمال محددة..!! لم يستطع المهندسون مناقشة أي ميزانية من ميزانياتهم طوال العشرين سنة الماضية..!!. الحراسة بحكم جائر لكن فرض الحراسة علي نقابة المهندسين كان له أسباب وتم بحكم قضائي؟ نعم الحراسة فعلا تمت بحكم قضائي لكنه كان حكما جائرا وغير منصف وهذا ما أكدته الاحكام النهائية فقد أثبتت محكمة النقض أنه لا يجوز فرض الحراسة علي النقابات المهنية لانها تعتبر من المرافق العامة للدولة شأنها شأن الوزارات والهيئات العامة اما السبب الذي من أجله تم فرض الحراسة فكان استغلال أخطاء مالية وخلافات وقع فيها المجلس القديم وأثبتها الجهاز المركزي للمحاسبات وكان ممكن التعامل معها دون فرض الحراسة علي النقابة. ولماذا انتظرتم طوال ال15 سنة والنقابة تحت الحراسة؟ لم ننتظر.. ولكن بدأنا النضال لرفع الحراسة بجهود فردية مستقلة عام2..1-2..2 .. ومع وجود الحالة السياسية المتدهورة العامة في المنطقة العربية وفي مصر بدأنا الحوار لترتيب الجهود والعمل بشكل متحد للنضال ضد النظام السابق في نقابة المهندسين بدأنا العمل بشكل منظم في عام 2..3 بضم كل القوي السياسية الفاعلة في نقابة المهندسين في تشكيل واحد هو (مهندسون ضد الحراسة) وكان تشكيلا متميزا لانه يضم كل الفصائل السياسية وكان الاخوان المسلمون أحد الفصائل الاساسية الفاعلة في هذا التجمع الذي أدي دورا هاما جدا منذ عام 1993 وكانت خطتنا الانتشار علي كل المحاور، المحور السياسي تم حشد المهندسين ضد النظام الفاسد المستبد .. المحور الاعلامي ركزنا فيه علي ضرورة أن يعرف الشعب المصري حقيقة الاستبداد المتمثل في دور الدولة المستبد في نقابة المهندسين وتحدثنا في الفضائيات وكل أجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.. اما المحور الثالث فكان الدخول بقوة الي المعترك القضائي لنزع الشرعية عن الحراسة علي نقابة المهندسين وأعتقد ان المشوار أثبت أننا قد نجحنا في كل هذه المحاور. وسائل للضغط ماهي وسائل الضغط التي استخدمها مهندسون ضد الحراسة الي جانب اللجوء الي القضاء؟ كانت فعاليات (مهندسون ضد الحراسة) كثيرة ومتعددة، فمن حشد للمهندسين في مظاهرات وإعتصامات إلي الدعوة للاضراب ولما رفض وزير الري السابق دعوتنا لعقد جمعية عمومية غير عادية حصلنا علي حكم بإلزامه بعقدها ولكنه رفض أيضا تنفيذ الحكم فتصدينا له وللحراس وأجبرناه علي عقد جمعية عمومية غير عادية لامعة في تاريخ العمل النقابي المصري يوم 13 فبراير 2..6 وهي اول جمعية عمومية تعقد بحكم قضائي واجب النفاذ وبتهديد وزير الري بالحبس إذا امتنع عن تنفيذ الحكم وتم بالفعل عقد الجمعية العمومية أخذنا فيها قرارات عظيمة أهمها إنهاء الحراسة ومطالبةب القضاء ورئيس محكمة جنوب بإجراء الانتخابات فورا بنقابة المهندسين وتم تشكيل لجنة للمتابعة كان علي رأسها العالم الرائع الاستاذ علي صبري الراحل واستمر نضالنا علي جميع المحاور الاخري من 2006 رفعنا دعوي بإلزام رئيس محكمة جنوب وهو بالمناسبة كان الشخص الوحيد الذي يحق له الدعوة الي إجراء الانتخابات وفقا لقانون 100 الذي كنا نعاني ويعاني منه كل النقابيين والمهنيين في هذا الوطن وعلي الرغم من هذه المشاكل حصلنا علي حكم قضائي واجب النفاذ في 3 فبراير 2..8 من القضاء الاداري بإلزام محكمة جنوب بإجراء الانتخابات فورا في نقابة المهندسين. مكافأة الامتناع عن التنفيذ إذن لماذا تأخر إجراء الانتخابات بنقابة المهندسين كل هذه المدة؟ من المخزي والمؤسف أن يصدر حكم قضائي بإلزام قاض ورئيس محكمة ويمتنع رئيس المحكمة والقاضي عن تنفيذ هذا الحكم وهو رئيس محكمة جنوب!!! أكثر من ذلك فقد تم مكافأته بأن أصبح رئيسا للمحكمة الدستورية العليا!!! في سابقة لم تحدث من قبل ولذلك نحن كمجموعة من القوي السياسية التي إختارت موقعها داخل النقابة كنا علي يقين بأن نقابة المهندسين لن تتحرر إلا إذا تحررت مصر من النظام الفاسد السابق ولما قامت ثورة يناير العظيمة أصبحنا علي ثقة بأن قضية نقابتنا سوف تنتهي وكذلك باقي النقابات بل قضية مصر كلها.. من ضمن النضال القانوني أيضا أننا حصلنا علي حكم قضائي آخر بإنهاء الحراسة تماما علي نقابة المهندسين في 27 ديسمبر 2..9 وهذا الحكم لم ينفذ أيضا وبعد استئناف الوزير السابق نجحنا في الحصول علي حكم نهائي في 14 أغسطس 2011 والذي نفذه الوزير الحالي الدكتور هشام قنديل وصدر قرار وزاري بإنهاء الحراسة وبتشكيل لجنة لاستلام النقابة تمهيدا لاجراء الانتخابات وإستلام المجلس المنتخب للنقابة. لقد خرجتم من الجهاد الاصغر الي الجهاد الاكبر إن جاز التعبير، وما أعنيه هو ماذا سوف تفعلون في صراع التيارات المختلفة ومحاولة سيطرة تيار معين علي النقابة؟ نضال المهندسين من 2..2 حتي 2011 اشترك فيه كل المهندسين بكافة التيارات والتي سوف تشارك في الانتخابات بشكل ضخم لان المهندسين أدركوا جيدا أن عدم مشاركتهم يؤدي الي كوارث ويكونون هم أول الخاسرين، أما عن صراع التيارات المختلفة بالنقابة فنحن (كمهندسين ضد الحراسة) كان شعارنا من أول يوم أننا ضد سيطرة أي تيار علي النقابة ولكننا أيضا ضد أي إقصاء، نحن كنا نسعي ولازلنا حتي هذه اللحظة أن يكون لدينا مجلس معبر عن كافة الاطياف والقوي والتكتلات الفاعلة في نقابة المهندسين لاننا عانينا طوال الفترة الماضية من سيطرة فئة واحدة أو تكتل واحد.. ولان في ذلك إلغاء لارادة المهندسين. بصراحة أكبر هل هناك خوف من الاخوان المسلمين؟ ولماذا حدث الخلاف معهم ؟ الاخوان المسلمون شاركوا معنا وبشكل يجب أن نقدره ونذكره في النضال حتي يناير 2011 وشاركنا في مسيرة يوم 25 يناير الي ميدان التحرير انطلقت من نقابة المهندسين وتشاركنا أيضا في مظاهرة لتأييد شباب الثورة من النقابة الي ميدان التحرير في أوائل شهر فبراير فالاخوان المسلمون فصيل أساسي من (مهندسين ضد الحراسة) وما حدث من خلاف بيننا كان منذ اليوم الثاني بعد تنحي الرئيس السابق يوم 12 فبراير وسبب الخلاف أننا فوجئنا بدعوة المجلس القديم الذي كان يحكم النقابة قبل عام 1995 وهو تاريخ فرض الحراسة وهو أيضا مجلس كان يسيطر عليه الاخوان المسلمون، هذه الدعوة تمت بشكل فردي ودون إبلاغ أي من الزملاء المشاركين في النضال ضد الحراسة وكان الهدف من هذه الدعوة لعقد هذا المجلس تمهيدا لاستلام مقاليد النقابة وطرد الحراسة بشكل منفرد لا يعبر عن المهندسين ! ولذلك اختلفنا معهم لان ذلك يخالف ما تعاهدنا عليه وإتفقنا عليه في العشر سنوات الماضية وهو أن تجمع (مهندسين ضد الحراسة) هو الشكل الوحيد الذي يعبر عن إرادة المهندسين في نقابة حرة ولم يكن مطروحا المجلس السابق خاصة وأن هذا المجلس هو المجلس الذي تسبب في فرض الحراسة وكان له بعض الاخطاء التي أدت إلي الحكم القضائي، إضافة الي أن هذا المجلس لم يقم بأي دور ملموس في إنهاء الحراسة طوال فترة النضال (15 سنة) الماضية كما أنهم كانوا طرفا رئيسيا في القضية وتوقيعهم علي الدعوي كان يعني موافقتهم علي ان المجلس السابق قد انتهي دوره وأصبح لا يعبر عن المهندسين، لكن الزملاء الاخوان أصروا علي التشبث بالمجلس القديم وقاموا بمحاولات مستمرة للسيطرة علي فروع النقابة المختلفة وعلي المقر الرئيسي للنقابة ولكنهم لم يتمكنوا من إتمام ذلك ومن هذه الفترة أصبح هناك خلاف واضح بيننا كتجمع (مهندسين ضد الحراسة) فتوقفوا عن المشاركة معنا وجمدوا عضويتهم في التجمع. ماذا عن الاشراف القضائي؟ أما عن الاشراف القضائي فلا شك انه يحقق نزاهة الانتخابات ولكن اللجنة المشكلة حاليا لادارة الانتخابات هي لجنة مكونة من أفضل الزملاء المهندسين الموجودين ولا مانع أن تتم العملية الانتخابية تحت إشرافهم وقد لانحتاج الي وجود إشراف قضائي. لو سألتك عن توقعك للانتخابات القادمة لمجلس الشعب والخوف من عودة فلول النظام السابق إليه فماذا تري؟ أري أنها لن تعيد نظام مبارك ولن يكون هناك نظام ديكتاتوري في مصر أما عن الخوف من الفلول فالحقيقة أن تلك الفلول لم تكن مخلصة لنظام مبارك وإنما هي تبحث عن مصالحها فهم حفنة من المستفيدين أصحاب المصالح والدليل علي ذلك أن المتحولين كانوا أسرع مما نتصور المشكلة الرئيسية في الانتخابات القادمة أن يسيطر تيار سياسي وأن يكون له الاغلبية في الفترة القادمة وهذا أمر متوقع ولكنه سوف يكون لفترة مؤقتة والشعب سوف يجدد نفسه ديمقراطيا في الفترة القادمة. القائمة السوداء هل أنت مع أن تكون هناك قائمة سوداء لمن شاركوا في النظام السابق؟ نعم .. لقد دعمنا منذ أربع سنوات أن تكون هناك قائمة سوداء لمن تخلوا عن النقابة في محنتها وسوف اضرب لك مثالا فمجلس الوزراء السابق كان به 12 وزيرا مهندسا وكانت نقابة المهندسين مفروضا عليها الحراسة لمدة تزيد عن 15 سنة هؤلاء الوزراء (المهندسون) لم يتحرك منهم أحد للدفاع عن النقابة.. بل إن أحد وزراء الري السابقين صرح في برنامج تليفزيوني علي الهواء بأنه لم يكن بيده شئ لان الامر كان بيد الامن ووزير الداخلية وانا اري ان كل من تخلي عن النقابة في محنتها يجب أن يوضع في قائمة سوداء تعرض علي المهندسين لمنعهم من التقدم بالترشيح لاي انتخابات قادمة.