عادت الوجوه القديمة الكالحة تطل علينا من جديد عبر شاشات التليفزيون يتحدثون بكل صفاقة وغطرسة عن تاريخهم المشرف في معارضة النظام السابق ويعددون عيوبه وسقطاته ويمجدون ثورة يناير وشبابها الأبطال ويصورون أنفسهم كأبطال خاضوا معارك ضارية ضد الفساد الذي لم يستطيعوا مقاومته واضطروا مرغمين أن يصبحوا جزءا من منظومته .. تصوروا أن الشعب المصري فقد ذاكرته ونسي ما ذاقه من فساد وذل وتزوير للانتخابات واستيلاء علي ثرواته..تصوروا أن نجاتهم من المحاسبة علي مكاسبهم غير المشروعة- بعد ان ستفوا أوراقهم- كاف لتبرئة ساحتهم من الفساد السياسي الذي عرقل مسيرة بلدنا وعاد بها الي الخلف بينما تقدمت دول أصغر وسبقتنا لأن حكامها أحسنوا استغلال مواردها ولم يسهلوا استيلاء الأقارب والمحاسيب علي ثروات بلادهم ..عاد تليفزيون الدولة لسابق عهده يروج لأفكار عفي عليها الزمن ويستضيف رموز الحزب الوطني المنحل بحكم القضاء لا بحكم الشعب فقط متصورين أن هذا الشعب الذكي اللماح يمكن أن يلدغ من جحر مرتين ! وهل نصدقهم بعد ما عايشناه علي امتداد سنوات هي الأسوأ في تاريخ تزوير ارادة الشعب وقهره وسرقة ثرواته ..ولو استرجعنا أحاديث نفس الأشخاص منذ ثمانية أشهر لسمعنا العكس ..فسبحان مغير الأحوال ومبدل القلوب والمصالح ،ولا تتعجب ان وجدت هؤلاء المتحولين من النخبة العلمية الذين تولوا مناصب رفيعة في عهد النظام السابق .. فكما وظفوا علمهم الاكاديمي لخدمة النظام وتمجيد قراراته الحكيمة ..هاهم يفعلون الآن نفس الشيء فيوظفون قدراتهم علي الاقناع للدفاع عن أنفسهم دون خجل أو حياء ..بل لجأ بعضهم لإنشاء أحزاب جديدة بمسميات مختلفة ليخوضوا الانتخابات البرلمانية القادمة كأن الحزب الوطني خلية إنقسمت لعدة خلايا متشابهة ..فكيف نسمح لقوي الفلول بالعودة لكراسي الحكم من جديد؟ العزل السياسي لقيادات الحزب الوطني المنحل ليس إجراء انتقاميا وليس مبعثه الخوف من شعبيتهم الكاسحة في الشارع وإنما هو إجراء إحترازي حتي لا تتاح لهم الفرصة للإفساد والتسلق لإعادة عقارب الساعة للوراء ..لقد سبق وطبقت ثورة 1952 العزل السياسي علي بعض الشخصيات المنتمية للعهد الملكي ..وطالبت به العديد من القوي الوطنية بعد نجاح ثورة يناير في الإطاحة برأس النظام الفاسد وتعددت ألاعيب ذيوله وفلوله لإجهاض الثورة ليعودوا في ثياب جديدة من( أحمد الي الحاج أحمد )! والآن وبعد مرور ثمانية أشهر علي الثورة تبين ضرورة العزل السياسي خاصة بعد الإصرار الشعبي في جمعة استرداد الثورة ..وأكد المجلس العسكري إنه يدرس إصدار قرار بحرمان قيادات الحزب الوطني المنحل لمدة عامين وإلغاء حالة الطواريء التي لم تعد مقبولة من الشعب الذي عاني من انتهاكات حقوقه ويتطلع للتخلص من البلطجة واستعادة الأمن والنظام في ظل قوانين عادية وليست استثنائية .. نتمني أن يصدر قريبا قانون العزل السياسي لغلق الأبواب الخلفية لعودة أعضاء مجلسي الشعب والشوري الذين خاضوا انتخابات أعوام 2000 و2005 و2010 وأعضاء المجالس الشعبية المحلية مع تحديدهم بالأسم.. تعجبت لطبيب شهير من أقطاب الحزب ورئيس لاحدي لجان مجلس الشعب لسنوات طويلة صرح لبرنامج علي قناة خاصة رافضا العزل السياسي ومؤكدا أن لجنة السياسات كانت تضم صفوة عقول مصر في جميع المجالات وليس لها علاقة بفكرة التوريث! للمرة السادسة خلال شهور قليلة يتمكن مجهولون من تفجير خط الغاز في سيناء ويتكرر نفس السيناريو: أربعة ملثمين وسيارة دفع رباعي بدون أرقام وقنابل تفجر عن بعد ومحطة غاز يحرسها حارسان من الطبيعي أن يهربا تحت التهديد ..ألا توجد وسيلة فعالة لايقاف هذا التحدي لسلطة الدولة ؟