قضت طفولتها داخل قصر أبيها الذي حكم حوالي 30 عاماً. وتولي الحكم وعمره 40 عامًا. وبلا شك كان فخورًا أن يصبح ملكاً علي مصر بعد أن استطاع أجداده أن يطردوا الهكسوس من مصر قد حاول منذ البداية أن يوطد حكمه؛ لذلك ذهب إلي جنوبًا حتي وصل إلي دنقلا ودخلت مدينة »نباتا» لأول مرة التي دخلت ضمن حدود مصر التي صارت إمبراطوية عظيمة علي يديه بعد مرور حوالي ألف وخمسمائة علي تأسيس الدولة المصرية، ولأول مرة يصل الجيش المصري إلي أعماق الجنوب؛ ولذلك أعلن الملك عن تعيين أحد رجاله كي يكون مسئولاً عن الجنوب (النوبة العليا) وأطلق عليه اسم »الابن الملكي في كوش». وبعد ذلك وُلدت هذه الطفلة، التي لم تكن جميلة، لكنها كانت قوية وصارمة. وقد تزوج الملك تحتمس الأول من الأميرة أحمس وكانت من الأسرة الحاكمة ولها الحق في العرش؛ ولذلك كان زواج تحتمس الأول منها يعطي له شرعية الحكم أمام الشعب والكهنة. ولكن الملكة أحمس لم تلد له ولدًا. وأعتقد أن هذا الملك لم يكن تعيساً بسبب ذلك؛ لأنه أنجب ذكورًا من زوجات ثانويات، ومنهم أكبر أبنائه الأمير تحتمس. ولكن التاريخ والعلماء يشيرون إلي أن الطفلة، التي نشأت وترعرعت بين إخوة من الذكور، كانت قوية وورثت عن أبيها الاعتزاز بالنفس. وكان الجميع يعتقدون أنها لو كانت ولدًا لأصبحت أقوي ملوك مصر. وبعد ذلك تزوج الأمير تحتمس، ابن الملك تحتمس الأول، من الأميرة حتشبسوت، وهو الذي عُرف بعد ذلك باسم تحتمس الثاني. وكانت أمه هي الملكة »موت نفرت». أما المهندس العبقري الذي لاحظته حتشبسوت الطفلة أثناء حكم أبيها فهو المهندس العبقري »إنيني»، الذي بني مقبرة الملك تحتمس الأول. ويعتقد أن وادي الملوك قد تم اختياره عن طريق هذا المهندس. وكتب داخل المقبرة هذا النص الشهير الذي يقول: »بنيت مقبرة ملكي ولا من شاف ولا من دري». وهنا كتب البعض كيف قام هذا المهندس ببناء المقبرة دون أن يعرف أحد. واعتقد البعض بالخطأ أنه قد تخلص من العمال الذين بنوا المقبرة. وليس هناك أي دليل علي صحة هذا الاعتقاد؛ نظرًا لوجود قرية عاش فيها العمال الذين بنوا ورسموا مقابر ملوك الدولة الحديثة، وهي قرب دير المدينة. ويُعتقد أن مقبرة الملك تحتمس الأول لم تُبن بوادي الملوك، بل في مكان مجاور له. والمهندس العبقري الآخر هو سننموت الذي اختار هذا المكان الهادئ البعيد ليكون مقرًا لدفن الملكة العظيمة حتشبسوت. وقد شاهدت الطفلة إنيني وهو يبني الصرح الرابع بمعابد الكرنك، وهو عبارة عن برجين ضخمين مستطيلين. وخلف هذا الصرح العظيم، شيد إنيني قاعة غريبة الشكل، ضيقة ومستطيلة يستند نصفها علي أساطين خشبية، وكأنها زهرات لوتس. وبعد ذلك قام إنيني بتشييد الصرح الخامس بمعابد الكرنك. وفي غرب النيل، أمر المهندس المعماري العظيم بأن يتم حفر بحيرة وتزرع بجوارها الزهور والأشجار. كل هذا شاهدته الطفلة وهي تنمو وتحلم بأن تتولي عرش مصر.