ونحن نتأهب لتوديع عام 2018 واستقبال العام الجديد، ثمة توقعات لعدد من الخبراء الاقتصاديين بأن هذا العام ( 2019 ) سوف يأتي حاملا معه أزمة اقتصادية عالمية جديدة أشد وطأة من تلك الأزمة الاقتصادية التي تعرض لها العالم عام 2008 والتي لم تبرأ العديد من الدول من كل آثارها حتي الآن بعد ! وهذه التوقعات تستند إلي ذلك الخلاف الذي يتحول إلي صدام بين أكبر اقتصادين في العالم، وهما الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني، وحالة عدم الاستقرار في أسواق النفط، فضلا عن عدم وجود رغبة عالمية لاحتواء تلك الأزمة الاقتصادية الجديدة، مثلما كان الحال عام 2008، رغم الهدنة التي اتفق عليها الرئيسان الأمريكي والصيني في قمة مجموعة العشرين لتجميد الحرب التجارية التي بدأت بعقوبات اقتصادية بادرت أمريكا بفرضها علي الصين التي ردت عليها بالمثل. وإذا صحت هده التوقعات فإن ذلك سوف يترك أثره سلبا علي حركة التجارة العالمية، وعلي حركة الاستثمار العالمي، وأيضاً علي حركة السياحة العالمية، وسوف يؤدي أيضا إلي حدوث انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي العالمي، مما سيؤدي إلي انخفاض فرص توفير فرص العمل، وأيضاً انخفاض الدخل الحقيقي في العديد من بلاد العالم، وهو الأمر الذي سينتج بالتأكيد مناخا مواتيا لشيوع حالة من عدم الاستقرار السياسي في عدد من دول العالم، ولعل ما شهدته فرنسا وانتقلت عدواه إلي بعض الدول الأوربية يشي بذلك. المهم أن كل هذه الآثار التي سوف تصاحب تلك الأزمة الاقتصادية العالمية الجديدة إذا صحت توقعات هؤلاء الخبراء بحدوثها فسوف تمتد آثارها لتطال اقتصادنا، كما حدث في أزمة 2008، والتي تمثلت في حدوث انخفاض في معدل النمو الاقتصادي المصري من 7 في المائة قبلها إلي 5٫5 في المائة بعدها.. صحيح أن مصر نجحت في أن تتفادي الآثار السلبية التي تعرضت لها الاقتصاديات الناشئة العام الماضي، وحققت زيادة في معدل النمو الاقتصادي العام المالي الماضي.. وصحيح أيضا أن المؤسسات الاقتصادية العالمية تتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في مصر نحو 5٫6 في المائة.. ولكن ذلك لا يعني أن الاقتصاد المصري لن تطاله الآثار السلبية لأية أزمة عالمية جديدة.. بالقطع سوف يكون لنا نصيب من هذه الآثار، والشطارة هي أن نقلل من هذه الآثار السلبية. ولذلك علي من يديرون اقتصادنا الوطني أن يستعدوا لاحتمال حدوث أزمة اقتصادية عالمية، ويبدأون الآن في دراسة ما قد يتعرض له اقتصادنا من جراء مثل هذه الأزمة إذا حدثت بالفعل، ويضعون الخطط والتدابير المناسبة والضرورية لتفادي هذه الآثار، أو علي الأقل تخفيضها إلي أدني حد ممكن، حتي لا تضاف أعباء اقتصادية جديدة علي عموم المصريين فوق ما تحملوه من أعباء الإصلاح الاقتصادي، وحتي يستمر صعود اقتصادنا. باختصار نحن نحتاج لليقظة التامة حتي لا يفاجئنا العام الجديد بغير ما نرجو ونتمني.