رغم التحسن النسبي الذي شهده الاقتصاد العالمي عام2010 تصاعدت المخاوف من احتمال عودة شبح الركود الاقتصادي- الذي شهده العالم عام2008- مجددا العام الحالي نتيجة التداعيات السلبية الناجمة عن عدد من الازمات الدولية وفي مقدمتها أزمة الديون الاوروبية وتذبذب آداء أسواق المال الدوليةوارتفاع أسعار الاغذية والنفطوتسونامي الاموال الامريكية. ودفعت تلك المخاوف البنك الدولي مؤخرا الي اصدار تحذير بشأن احتمال تفاقم معاناة الاقتصاد العالمي عام2011 نتيجة التراجع المتوقع في معدل النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع الغذائية بالسوق الدولية. وتوضح توقعات العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية ومن بينها البنك الدولي ان معدل النمو الاقتصادي العالمي سوف يبلغ3 ر3 في المائة عام2011 مقابل9 ر3 في المائة عام2010 بينما ستنمو اقتصاديات الدول الناشئة بنحو ستة في المائة العام الحالي مقابل سبعة في المائة العام الماضي. وأشارت تلك المؤسسات الي أن معدل النمو المتوقع عام2011 لن يكون كافيا لمواجهة المتاعب الاقتصادية التي تجابه الاقتصاد العالمي ومن بينها تزايد معدلات البطالة سواء بالدول الكبري أو النامية منوهة الي ان احتمال زيادة معدل النمو الاقتصادي بالدول الكبري التي تواجه ازمات اقتصادية علي المدي القصير تبدو ضيئلة. وأبدت مؤسسات دولية أيضا قلقا بالغا بشأن التداعيات المتوقعة لارتفاع أسعار النفط والاغذية- والذي عززته السياسات المالية غير الناجعة بالدول الغنية وزيادة معدلات الطلب بالدول ذات الاقتصاديات الناشئة- علي اقتصاديات الدول النامية محذرة من احتمال تنامي معدلات الفقر وحالة عدم الاستقرار السياسي بالدول النامية. ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي الدولي هانز تيمر أن الاوضاع الاقتصادية العالمية الحالية تعيد الاذهان الوضع الذي كان سائدا عام2008 والذي شهدت فيه أسعار السلع الغذائية والنفط زيادة قياسية فاقمت معدلات التضخم بالدول النامية مشددا علي ضرورة بذل المزيد من الجهود لتجنب سيناريو ازمة عام2008 من اجل منع الاقتصاد العالمي من الانزلاق الي هوة الركود وتحقيق التوازن بين معدلات العرض والطلب بالسوق الدولية. وأوضحت مؤسسات اقتصادية دولية أن المخزون الغذائي الذي تمتلكه العديد من الدول يمكن أن يسهم في مواجهة التداعيات الناجمة عن تراجع المعروض الغذائي بالسوق الدولية مشددة علي ن عددا كبيرا من الدول سواء المتقدمة أو النامية استوعبت الدورس التي افرزتها ازمة ارتفاع اسعار الاغذية والطاقة عام2008 حيث عمدت الي زيادة مخزونها من الاغذية. ومن جهة أخري تشكل أزمة الديون الاوروبية تحديا يجابه الاقتصاد العالمي في ضوء التوقعات المتعلقة باحتمال انتقال عدوي الديون السيادية الي الدول الاوروبية الكبري كأسبانيا وتاثيرها الازمة علي النمو الاقتصادي المتوقع بالولاياتالمتحدة والقارة الاسيوية. وتري مؤسسات اقتصادية دولية أن الاقتصاد العالمي يواجه حاليا عددا من التحديات المزمنة يقتضي مواجهتها تعزيز التعاون بين الدول النامية والغنية ونبذ الاجراءات الحمائية والمنفردة.. وتتمثل أبرز تلك التحديات فيما يلي: أولا: التباين الاقتصادي الذي يرتبط بالتحديات السكانية والهجرة والامراض الوبائية والمزمنة والمياه الملوثة وعدم كفاية مصادر المياه وارتفاع أسعار الاغذية. ثانيا: فشل نظم الحوكمة والادارة الرشيدة والشفافية الدوليةوهو ما تسبب في تفاقم مشكلات الفساد والجريمة المنظمةواساليب التجارة غير المشروعة والدول الهشة والنزاعات الجغرافية والارهاب. ثالثا: التغيرات المناخية والتي تؤثر سلبا علي موارد المياه والزراعة وتتسبب في حدوث كوارث الفيضانات وفقدان التنوع البيولوجي. وفي ذلك الصدد أوضح المحلل الاقتصادي الدولي جون دريك أن ندرة الموارد الطبيعيةتشكل تحديا للنمو الاقتصادي العالمي في ضوءتضاعفمعدلات الطلب علي الغذاء والمياه والطاقة مشددا علي ضرورة تعزيز التعاون الدولي من أجل ضمان الاستغلال الامثل للموارد الطبيعية وتفادي النزاعات المسلحة. وتري مؤسسات اقتصادية دولية أن اقتصاد الولاياتالمتحدة لا يقف بعيدا عن دائرة الخطر في ضوء زيادة معدل الديون السيادية الي حوالي90 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي محذرة من احتمال ارتفاع معدل تلك الديون الي اكثر من200 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام2020. وفي ذلك الصدد أوضح المحلل الاقتصادي الدولي كريستيان مامنتيلر أنه توجد تحديات تؤثر سلبا علي ثقة المستثمرين وأسواق المال علي المستوي العالمي تتمثل ابرزها في التوقعات المتعلقة بمؤشرات النمو الاقتصادي بالولاياتالمتحدة والصين وأزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو. ومن جانبه قال المحلل الاقتصادي الامريكي ستيوارد هوفمان أن توقعات عدد من المؤسسات الاقتصادية الدولية- ومن بينها مؤسسة ميريل لينش- بشان نمو الاقتصاد الامريكي بنحو3.3 في المائة عام2011 ترتكز علي تعزيز مساهمة القطاع الخاص بدرجة أكبر من الحوافز المالية توقع البنك الدولي زيادة معدل النمو الاقتصادي بالولاياتالمتحدة الي2.8 في المائة عام2011. وفي السياق ذاته دعت دوائر اقتصادية أوروبية وأسيوية الولاياتالمتحدة الي تجنب الحلول المنفردة في التعاطي مع تداعيات الازمة المالية الدولية مشددة علي ان التعاون يعد السبيل الوحيد لدرأ الحرب التجارية ودعم النمو الاقتصادي العالمي. وفي المقابل يري بنك الاحتياط الفيدرالي الامريكي أن' حزمة التحفيز الثانية' والتي تتضمن شراء البنكسندات الخزانة بقيمة600 مليار دولار بهدف اغراق الاسواق الامريكية والدولية بالدولارات سوف تسهم فيمواجهة الانكماش الاقتصادي ودعم نمو الناتج المحلي الاجمالي عن طريق دفع المصارف الي زيادة معدلات الاقراض للشركات لمساعدتها علي تعزيز استثماراتها وتوفير المزيد من فرص العمل لخفض معدلات البطالة رغم تنامي المعارضة الدولية لذلك الاجراء التحفيزي. وتري واشنطن ان إقتصاديات الدول الكبري لم تنمو بالمعدلات التي تؤهلها لإصلاح الأضرار الناجمة عن الأزمة المالية الدولية والركود الإقتصادي, مشددة علي أن الدول النامية ذات الفائض التجاري الضخم ينبغي عليها إتخاذ إجراءات فعالة لدعم معدلات الطلب المحلية وتبني أنظمة صرف مرنة لعملاتها- في اشارة الي الصين-. وفي المقابل اتهمت بكينواشنطنبالتسبب جزئيا في حالة عدم التوازن المالي بالسوق الدولية نتيجة تقليصها لقيمة الدولار إلا أنها في الوقت ذاته أوضحت أن تجاوز حالة عدم التوازن في السوق المالية الدولية يستلزم زيادة معدلات النمو الإقتصادي والتوظيف بالولاياتالمتحدة.