اختارت الأديبة نورا ناجي محل مصفف الشعر »الكوافير» مكانا لأحداث روايتها الجديدة »بنات الباشا» التي تعبر عن حياة المرأة اليومية، وتري نورا أن الكوافير عالم سري للمرأة، وما يحدث داخله لا يتسرب إلي الخارج أبداً، هناك تكون كل امرأة علي طبيعتها، تخلع حجابها بالمعنيين الحرفي والمجازي، تتحدث مع غرباء، تعترف بأمور خاصة، تجلس لساعات تحت يد مصفف الشعر أو خبيرة التجميل، لتفكر في حياتها وما يحدث لها. تتعري-حرفياً ومجازيا-أمام غرباء، وتنزع كل الأقنعة ودروع الحماية التي تحيط بها نفسها في العالم الخارجي. وقد قابلت نورا الكثير من السيدات في الكوافير، وتعرفت علي العديد من القصص، فاكتشفت أن هذا المكان ملهم وثري بالحكايات، ومن هنا بدأت بذور الرواية التي صدرت عن دار أجيال، وسوف تحدثنا صاحبتها عنها أكثر في السطور التالية وهي تجيب عن أسئلتنا: • أغلب شخصيات الرواية يحاولون الهروب من حياتهم، ويعيشون أحلام اليقظة، ويصنعون عالمهم السري، فمتي يهرب الإنسان ويصنع عالمه السري؟ - عندما يصبح سجين مجتمعه، السيدات في مصر والعالم حتي الشرقي والغربي، يعانين من الكثير، علي الرغم من كل الحملات الداعمة، والمطالبة بالحقوق، والحديث في كل مكان عما يحدث لهن، لايزلن مهضومات الحق، لا شيئ يجدي أمام ضغط المجتمع، هناك نظرة استخفاف بقضايا المرأة، التحرش إلي اليوم لا يزال يُنظر له كقضية درجة رابعة، لذلك تستعين بعض السيدات بخيالهن ليهربن من الواقع، ليشعرن بأنهن قادرات علي التنفس ولو قليلاً. كيف اخترت شخصيات روايتك لتكون معبرة عن معاناة المرأة؟ - القصص كلها عشتها أو سمعتها أوقرأت عنها، أي عمل إبداعي له بذور واقعية، هذه الحكايات ليست مبالغا فيها ولا هي وليدة انفعال بقضايا المرأة أو تحيّز لهن، إنها أمور تحدث كل يوم، لكن لا أحد يتحدث عنها صراحة، وكل قصة تتناول موضوعا ما مثل الخيانة، القهر، الضياع، الهوية، الوحدة، المرض. من بين أبطال الرواية شخصية قادمة من الحرب السورية،لماذا وقع الاختيارعليها لتكون ضمن الشخصيات؟ - أنا مهمومة بمعاناة البشر، اللاجئون في مصر باتوا جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، أقابل سوريات كثيرات، وأتحدث معهن وأشعر بما يعانين منه، إنهن يحاولن التأقلم لكن الانتماء إلي أرض معينة أقوي من أيّ شيء، أشعر بمشاعرهن وتشتتهن، وأعرف جيداً ما يعانين منه حتي لو لم يقلنه صراحة، أحببت الإشارة إلي مايحدث لهن لعل الوضع يتحسن ولو قليلاً. منذ فترة قريبة تداولت الصحف ومواقع التواصل خبرا عن عجوز ترتدي فستان زفاف وتسير وحيدة في أحد الشوارع المصرية، ما سر انجذابك لتلك الشخصية لتحويلها إلي شخصية روائية؟ - ليست هي فحسب، صفحات الحوادث ووسائل التواصل الاجتماعي في مصر باتت مصدراً مضموناً للعثور علي القصص والحكايات، سخر الجميع من هذه السيدة التي تدعي »نوال» بالمناسبة، إلا قلة كنت من بينهن، هذه السيدة تعاني من وحدة قاتلة، كانت لها أحلام وآمال ضاعت مع الزمن، وهذه محاولتها للشعور بأنها قادرة علي لمس هذه الأحلام، ولو من الخارج، أضع نفسي مكان هؤلاء السيدات، الهائمات في الشارع بلا هدف، والجالسات في بيوتهن وحيدات، اللاتي فاتتهن الفرصة لتحقيق أحلامهن بسبب ظروف لا يد لهن فيها. وأريد أن يشعرن بأن هناك من يساندهن ولو معنوياً. ماهو مشروعك الإبداعي الجديد؟ أفضل مرور وقت كاف بين عمل وآخر، وفي هذه الفترة أقرأ كثيراً، وأضع أفكاراً كثيرة وخطوطا عريضة، وأنتظر اللحظة المناسبة للبدء في تحويل هذه الأفكار إلي رواية.