الثقافة دائما هي جسر التواصل بين الشعوب، والشعوب العريقة هي التي تستطيع أن توظف خبراتها وتراثها الثقافي والفني في خدمة علاقاتها الدولية، وعندما نتحدث عن دولتين بحجم مصر وروسيا، فمن الصعب أن يكون البعد الثقافي والفني والفكري غائبا عن رؤية العلاقات المشتركة بين البلدين الكبيرين. لذلك جاءت استراتيجية التعاون الشامل بين مصر ورسيا التي وقعها الرئيسان عبدالفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لتشمل البعد الثقافي، وليكون عام 2020 عاما ثقافيا مصريا روسيا. في البداية يؤكد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الاسبق، علي اهميةالعلاقات المصرية الروسية، وعمق تلك العلاقات علي مدي سنوات طويلة، ويشير إلي أن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة لروسيا تأتي تعزيزا لتلك العلاقات الممتدة، فقد بدأت علاقة مصر بالاتحاد السوفيتي منذ أكثر من 75 سنة لذلك يمكن القول أن علاقتنا وثيقة الصلة مع روسيا، وقد آن الأوان ان تتحول بالفعل إلي علاقة استراتيجية شاملة، وهو ما حققته الزيارة الأخيرة للرئيس السيسي، حيث تفتح صفحة جديدة لطريق طويل ممتد لتاريخ الصفحات المضيئة والصداقة القائمة علي التوافق بين الطرفين. وتابع قائلاً: القمة المصرية الروسية تظهر حسن النوايا في كل الملفات وأن هناك شراكة استراتيجية مفتوحة لتحقيق مصالح مشتركة، والعلاقات الثقافية يمكن أن يكون لها نصيب وافر من تلك الشراكة الاستراتيجية، فمصر وروسيا من الدول ذات التاريخ الثقافي العريق، والتعاون المشترك يمكن ان يعزز التعاون في مختلف المجالات، والفن والثقافة المصرية يمكن أن يكون لها حضور قوي علي الساحة الروسية، إضافة إلي الحضور الثقافي الروسي في دولة عريقة مثل مصر. ومن جانبه تشير د. ليلي عبدالمجيد، عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا، إلي أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي روسيا لها تأثير كبير في دعم الجانب الثقافي بين البلدين، حيث تم الاتفاق علي تخصيص عام 2020 عاما ثقافيا بين مصر وروسيا، موضحة ان التعاون الثقافي بين الدولتين مصر وروسيا ضروري لتحقيق الفهم المشترك وتذليل الصعاب الفكرية. وتؤكد أن المصريين تأثروا بالتجربة الروسية في مجال القصة والرواية والشعر وذلك منذ بداية العقد الثالث في القرن التاسع عشر، بالاضافة إلي تأثرهم في مجال المسرح والاوركسترا والموسيقي بالروس، وتضيف أن روسيا بلد متميز في كافة المجالات، فمنذ بداية التعاون الثقافي بين البلدين والتي في المقابل بدأت معها حركة الترجمة للعديد من الكتب الروسية والكتاب الكبار الي اللغة العربية مما ساعد المثقف المصري علي تحديد نقاط التقارب والاختلاف بين الثقافة المصرية والروسية.. وتختتم عميدة كلية الاعلام جامعة القاهرة سابقا بالإعراب عن أملها في ان يكون هذا العام عاما مثمرا وناجحا بين البلدين وعلي كافة الاصعدة. ويؤكد د. أسامة أبوطالب أستاذ الدراما والنقد بمعهد الفنون المسرحية، أن مصر وروسيا تتمتعان بعلاقات ثقافية قديمة وعميقة فكثير من كتب الادب الروسي الكلاسيكي تمت ترجمتها وقراءتها والتعليق عليها نقدياً في مصر منذ أكثر من خمسين عاما، كما أن هناك علاقات اكثر قدما من ذلك وهي علاقة الاديب الروسي الكبير تولستوي بالإمام محمد عبده وتعد علاقة تاريخية وثيقة تم خلالها تبادل الافكار حول الشرق العربي والفكر الاسلامي المستنير وتم مناقشه دور مصر وذلك في رسائل ذات قيمة فكرية وأدبية عالية. ويؤكد أبو طالب أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لروسيا وتناوله لهذه العلاقات الثقافية التاريخية هو بمثابة إحياء واستعادة وتقوية لهذه العلاقات، مشيرا إلي أن عددا كبيرا من المصريين درسوا الأدب الروسي، واستفادوا من الخبرات الروسية في جميع التخصصات. ويضيف أستاذ الدراما والنقد بمعهد الفنون المسرحية أن دعم وتبادل العلاقات الثقافية مع العالم الخارجي وخاصة الدول ذات التاريح الثقافي والفني والحضاري مثل روسيا هي مسألة بالغة الفائده لمصر وللمواطن المصري في ظل ما نادي به الرئيس في وجود الوعي التنويري وهي مهمة لا يستقر المجتمع المصري بدونها.