جاهزية 550 مقر انتخابي و586 لجنة فرعية لإجراء انتخابات الإعادة لمجلس النواب2025 بسوهاج    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 ديسمبر وعيار 21 يتجاوز 6000 جنيه    وزارة الزراعة تطلق أول "مختبر حي" كأحدث التقنيات العالمية في الإرشاد الزراعي    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 26 ديسمبر 2025.. المملكة تدين الهجوم الإرهابي بمسجد الإمام علي في سوريا    إعادة تدوير التشدد.. كيف يغذي خطاب "النبأ" اليمين المتطرف في الغرب؟    الصين تفرض عقوبات على 20 شركة دفاع أمريكية.. «NBC» تكشف السبب    تشكيل جنوب أفريقيا ضد مصر في كأس أمم إفريقيا 2025    مودرن سبورت يعلن أحمد سامي مديرا فنيا    جوارديولا: صدارة البريميرليج أفضل من المطاردة.. وكل شيء وارد في يناير    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    10 آلاف جنيه مخالفة السرعة.. احذر قانون المرور الجديد    انهيار منزل ينهي حياة 3 أشخاص خلال تنقيب غير مشروع عن الآثار بالفيوم    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    وزيرا التعليم العالي والأوقاف ومحافظ بورسعيد يفتتحون مستشفى جامعة بورسعيد بتكلفة مليار جنيه    ننشر حصاد وزارة الإسكان خلال أسبوع| فيديو جراف    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    جيش الاحتلال الإسرائيلى يشن غارات عنيفة على قرى ومحافظات جنوب لبنان    الجيش الأوكراني: أسقطنا 73 مسيرة روسية استهدفت مناطق متفرقة في البلاد    وكيل الصحة بالإسماعيلية تفاجئ مستشفى الحميات    بمشاركة 60 ألف متسابق.. وزير الرياضة يطلق إشارة البدء لماراثون زايد الخيري    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    السياحة تنظم قافلة ترويجية كبرى في السوق الصيني ببكين وشنغهاي    غداً.. فصل التيار عن 9 مناطق بمركز بيلا في كفر الشيخ    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    حبس موظف 4 أيام بتهمة تصنيع الأسلحة والذخائر داخل منزله بقنا    اختل توازنه.. كواليس مصرع طفل سوداني سقط من علو بالطالبية    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    تحسن صحة محمود حميدة وخروجه من المستشفى.. ويستعد لطرح فيلمه الجديد "الملحد" الأربعاء المقبل    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    بعد مغادرته المستشفى، تفاصيل الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    إطلاق غرفة عمليات لمتابعة مشاركة المرأة في جولة الإعادة بالدوائر ال19 الملغاة    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    أسباب انتشار مشاكل الجهاز التنفسي العلوي والسفلي بين الأطفال في الشتاء    افتتاح 3 مساجد بعد الإحلال والتجديد بسوهاج    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    زامبيا وجزر القمر في مهمة الأهداف المشتركة ب أمم أفريقيا 2025    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد العباسي ببورسعيد (بث مباشر)    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    وزيرا الإنتاج الحربي وقطاع الأعمال يبحثان تعزيز التعاون لتعظيم الاستفادة من القدرات الصناعية الوطنية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 12- 2025 والقنوات الناقلة    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لقاء «ناطحة السحاب» إلي جولة بسيارة يقودها قيصر روسيا المنتخب
نشر في الأخبار يوم 18 - 10 - 2018


خبايا قمة السيسي وبوتين في 24 ساعة
ماذا تحقق للتعاون المصري الروسي في اللقاء التاسع بين الصديقين
مع نسمات ليلية ندية، آتية من ساحل البحر الأسود، المشاطئ لمقر إقامة الرئيس الروسي في مدينة »سوتشي»‬ الروسية، افترق الرئيسان فلاديمير بوتين وعبدالفتاح السيسي الليلة قبل الماضية في ختام زيارة السيسي إلي روسيا، بمودة وإعزاز، مثلما اعتاد الصديقان في ثمانية لقاءات جمعت بينهما منذ فبراير عام 2014.
هذه المرة.. لم يكن بوتين بحاجة لأن يؤكد للسيسي عند الوداع، وقوف روسيا بجانب مصر، أو مساندتها لها في جهودها لتحقيق التنمية، ولا لأن يعبر للسيسي عن تقديره الشخصي له واعتزازه بصداقته.
المواقف علي مدار السنوات الماضية جسدت الأقوال ولم تخاصمها.. وانطلقت العلاقات المصرية الروسية من مرحلة الاستشفاء وإعادة الإطلاق، إلي مرحلة عبور إلي المستقبل، علي حد قول مسئول روسي كبير.
لخص بوتين وهو يودع السيسي ليل الأربعاء نتائج قمة سوتشي واللقاء التاسع بينهما، قائلا: »‬إن كل طلبات مصر مجابة»، ثم أضاف »‬إنني اتطلع يا صديقي العزيز إلي لقاء جديد قادم بيننا». وقال له الرئيس: »‬إنني أتمني أن يكون ذلك اللقاء علي أرض مصر».
أوجه شبه عديدة تجمع القمة الأولي بين الزعيمين، واللقاء التاسع بينهما، في مكان الانعقاد وهو منتجع »‬سوتشي» الذي يعشقه الرئيس الروسي بوتين، بقدر عشقه لمسقط رأسه »‬سان بطرسبرج» - مدينة ليننجراد القديمة- ولعاصمة بلاده موسكو التاريخية، وربما أكثر. وكذلك في حجم الحفاوة التي أحاط بها بوتين صديقه وضيفه، استمراراً لحفاوة احتضنت الرئيس المصري منذ وصوله إلي موسكو يوم الاثنين الماضي، وصفها مسئولون ومحللون روس بأنها لم تحدث من قبل لأي زعيم.
أما وجه الشبه الأكثر وضوحاً، فهو قدر ساعات المباحثات واللقاءات والجولات التي جمعت الرئيسين في قمتي »‬سوتشي». ففي القمة الأولي ظلا معا لمدة 12 ساعة منذ الصباح وحتي الساعة الأولي من صباح يوم جديد.
وفي هذه القمة، لم يفترقا علي مدي 24 ساعة، إلا في ساعات النوم.

منذ 50 شهراً بالضبط، جرت مباحثات القمة الأولي بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
اختار بوتين مدينة »‬سوتشي» الرائعة الدافئة المطلة علي البحر الأسود، مكانا لهذه القمة بينه وبين السيسي، بعد شهرين من توليه منصب الرئيس، وبعد ستة أشهر من أول لقاء جمعهما معا في موسكو حينما كان السيسي وزيراً للدفاع.
تلك القمة الأولي أعادت النبض إلي العلاقات المصرية الروسية وأنعشتها، بعد سنوات طويلة عانت فيها من الانزواء والجمود، حتي شارفت علي الموات أثناء الزيارة الكارثية للرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي إلي سوتشي، ولعلك لم تنس وقائعها!
12 ساعة كاملة، جمعت الرئيسين في مباحثات يوم 13 أغسطس عام 2014، التي وصفتها يومئذ بأنها أطول مباحثات قمة في التاريخ.
في نهاية القمة الأولي ومع نسيم صباح جديد يتنفس، ودع بوتين صديقه السيسي الذي شجعه قبلها بنحو ستة أشهر علي اتخاذ قراره بخوض انتخابات الرئاسة استجابة لنداء جماهير شعبه.
يومها.. قال بوتين لصديقه وهو يشد علي يديه: »‬نحن معك، ندعم كل خطواتك، كنت أعرف بل كنت متأكداً أنك ستنجح في الانتخابات. إنني أعلم أن شعبك يعلق عليك أمله، وأنت كما سمعتك وعرفتك علي قدر هذا الأمل».
أيام مضت، وأسابيع، وسنوات أربع، علي القمة الأولي بين الزعيمين واللقاء الثاني بين الرجلين.. وتعددت اللقاءات بين السيسي وبوتين.
كان اللقاء الثالث في القاهرة خلال فبراير عام 2015، حين رد السيسي حفاوة استقباله في سوتشي، باستقبال غير مسبوق لبوتين لم يشهده أي زعيم أجنبي من قبل في مصر، وكذلك بعشاء خاص في الطابق الأخير من »‬برج الجزيرة» أعلي مبني علي أرض مصر، وهو العشاء الذي أسست مداولاته لبناء جديد للعلاقات المصرية الروسية، يقوم علي صداقة لا تزعزعها أنواء.
وتواصلت اللقاءات في موسكو خلال مايو 2015، أثناء احتفالات روسيا بالذكري السبعين لانتصارها في الحرب العالمية الثانية، ثم بعدها في أغسطس بالعاصمة الروسية أيضا في زيارة رسمية، ثم في سبتمبر 2016 خلال قمة العشرين بمدينة هانغجو الصينية، ثم علي هامش قمة دول »‬البريكس» في مدينة »‬شيامن» الصينية في سبتمبر 2017.
وانعقد اللقاء الثامن بالقاهرة في ديسمبر من العام الماضي، وكان جوهر قمة الزعيمين في هذا اللقاء هو توقيع اتفاق إنشاء المحطة النووية بالضبعة التي تعد أهم علامات الصداقة المصرية الروسية في القرن الحادي والعشرين، مثلما كان السد العالي أبرز علامات هذه العلاقات في القرن العشرين، والتي نحتفل هذه الأيام بمرور 75 عاماً علي تدشينها في جانبها الدبلوماسي.
ظهر الاثنين الماضي، حطت طائرة الرئيس السيسي بموسكو، في مستهل زيارة رسمية له إلي روسيا بدعوة من بوتين. كان مقدراً لهذه الزيارة أن تستمر حتي مغرب يوم الأربعاء، ولكنها امتدت ثلاث ساعات.
»‬المرة الأولي».. كان عنوانا أحاط هذه الزيارة وظلل أنشطتها وفعالياتها.
فهي المرة الأولي التي يدعي فيها رئيس دولة لزيارة مدينتين روسيتين في نفس الزيارة.
وهي المرة الأولي التي يتحدث فيها زعيم أجنبي أمام البرلمان الروسي ويلقي كلمة في قاعة مجلس الفيدرالية »‬مجلس الاتحاد الروسي» وهو الغرفة الأعلي في البرلمان الذي يضم بجانب هذا المجلس مجلس نواب الشعب »‬الدوما».
وبرغم أن مجلس الفيدرالية كان في فترة الإجازة البرلمانية ولم يكن في حالة انعقاد، فقد دعي لحضور الجلسة والاستماع إلي كلمة الرئيس، رؤساء اللجان وأبرز النواب.
أيضا هي المرة الأولي التي يدعي فيها رئيس دولة إلي منزل رئيس وزراء روسي للتباحث معه والالتقاء في حفل غداء خاص. ورئيس الوزراء هنا ليس كأي رئيس حكومة في الدول الأخري. ذلك أن ميدفيديف هو طرف في ثنائية تميز حكم بوتين قيصر روسيا المنتخب، والرئيس المناوب - كما يوصف - لإحدي دولتين هما الأقوي عسكرياً في العالم.
وإذا كانت هذه هي المرة الثانية التي يدعي فيها رئيس دولة إلي عشاء خاص في مكان عام مع الرئيس الروسي.. ففي المرة الأولي كان المدعو أيضا هو الرئيس السيسي وفي نفس المدينة »‬سوتشي».
غابة شجرية ذهبية اللون تحيط بالعاصمة موسكو التي تعد أكبر عاصمة في العالم من حيث المساحة، في هذا الوقت من العام.
شمس الخريف هذه السنة تعد الأكثر دفئاً منذ أعوام مضت، وأشعتها الصريحة المباشرة تلمع فوق أوراق الشجر الصفراء التي تتأهب للسقوط في محيط موسكو وداخل جنباتها، وأكسبتها لوناً ذهبياً في الشوارع والميادين، وعلي ضفتي نهر »‬موسكوفا» الذي يخترق العاصمة الروسية وأهداها اسمها.
في اليوم الأول للزيارة.. التقي الرئيس السيسي بمقر إقامته في فندق »‬لوتي»، مع تيجران سركسيان رئيس المفوضية الاقتصادية للاتحاد الأوراسي ورئيس وزراء أرمينيا الأسبق.
خلال اللقاء.. تقرر إجراء الجولة الأولي لمفاوضات انشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوراسي في أقرب وقت.
الاتحاد الأوراسي هو تجمع اقتصادي يجمع روسيا وبيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقيرجيزيا.
اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وهذا الاتحاد، تعطي للصادرات المصرية دخولاً حرا وتدفقا واسعا إلي الدول الخمس مما يدفع بها ويزيد من حجمها بنسب عالية، كما يعطي لمنتجات هذه الدول ميزة كبري في دخول أسواق الدول الإفريقية، لاسيما الأعضاء في منطقة »‬الكوميسا».
استهل الرئيس صباح الثلاثاء في اليوم الثاني للزيارة، بإلقاء كلمته أمام مجلس الفيدرالية، عقب قيامه بوضع إكليل زهور علي قبر الجندي الروسي المجهول.
في ترحيبها بالرئيس السيسي.. قالت السيدة فالنتينا مدفينينكا رئيس المجلس وهي المسئول الثالث في سلم القيادة الروسية، للنواب الروس: »‬إنني أقدم لكم رجلا كرس حياته لقيادة بلاده وحظي بتأييد تام من جانب الشعب المصري. ومازلت أذكر نداءه في 26 مارس 2014 للشعب المصري حين قال: كنت جنديا وفيا يخدم وطنه وسأظل أخدم وطني عندما أنزع ردائي العسكري».
وفي أول إطلالة لرئيس أجنبي علي البرلمان الروسي.. قوطع الرئيس المصري بالتصفيق سبع مرات، وهو يلقي كلمته، بالذات وهو يتحدث عن العلاقات المصرية الروسية، ويقول إن مصر لن تنسي أبداً الدعم الروسي لها.
وكان في ذاكرة الحضور، ونحن نعيش أجواء الذكري الخامسة والأربعين لنصر أكتوبر، أن مصر خاضت الحرب بالسلاح الروسي وحققت به النصر.
ومن مقر مجلس الفيدرالية المطل علي نهر »‬موسكوفا»، إلي منزل رئيس الوزراء ميدفيديف في إحدي ضواحي موسكو.. توجه الرئيس والتقي ميدفيديف علي حفل غداء خاص، تركز خلاله النقاش علي علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر وروسيا، بالأخص فيما يتعلق بإنشاء منطقة صناعية روسية في شرق بورسعيد باستثمارات 6٫7 مليار دولار، من المتوقع أن توفر 35 ألف فرصة عمل، والمنتظر أن تقوم جهات تابعة للحكومة الروسية بإقامة البنية الداخلية لهذه المنطقة وترويجها بين الشركات الخاصة في مجالات صناعية كالدواء والمركبات والمعدات الزراعية.
مساء يوم الثلاثاء.. وصل الرئيس السيسي إلي سوتشي، قادما بطائرته من موسكو.
يوصف منتجع »‬سوتشي» بأنه أكبر فندق في العالم، إذ يضم قري سياحية وفنادق تسع مائة ألف سائح في وقت واحد.
يحيط سوتشي من الشمال جبال القوقاز، بينما تطل من الجنوب علي البحر الأسود.
لا البحر الأسود أسود. ولا البحر الأبيض أبيض، ولا البحر الأحمر أحمر!
إذا مددت البصر إلي البحر الأسود في هذه الأيام من العام، ستجده أزرق اللون، يلمع زغب أمواجه تحت شمس صريحة وسماء صافية.
لا وجود لسحب الشتاء الداكنة والضباب الذي يحجب السماء عن الأرض في ذلك الفصل، والذي يضفي لونا داكنا علي صفحة البحر، ويكسبه اسمه: »‬الأسود».
من مطار »‬سوتشي» إلي شاطئ المدينة، توجه ركب الرئيس السيسي.
هناك.. كان الرئيس بوتين في انتظار الرئيس السيسي بترحاب ظاهر، وحفاوة تنطق بها مصافحة حارة، ومودة تفصح عنها قسمات الوجه.
أشياء كثيرة تجمع الرئيسين، منها الهيئة والقامة والمشية وحركات اليدين، كذلك الخبرة الأمنية/ المعلوماتية. فبوتين كان رئيسا لجهاز المخابرات الروسي بينما السيسي كان مديرا للمخابرات الحربية المصرية.
والسيسي تولي مصر في حال أمنية واقتصادية متردية، مثلما كان الوضع تقريبا في روسيا حين ترأسها بوتين.
وبوتين أعاد لروسيا مكانتها وهيبتها ودورها، مثلما يعيد السيسي لمصر مكانتها ودورها ويبني لها نهضة اقتصادية وعمرانية غير مسبوقة.
أمام شاطئ »‬سوتشي»، اصطحب بوتين صديقه العزيز، في جولة وسط المصطافين الروس والسياح الأجانب.. سأل بوتين، السيسي عن لقاءاته صباح نفس اليوم في موسكو، ثم قابل الزعيمان بعض المصطافين، وتبادلا معهم الحوارات وكان جانب منهم قد سبق له زيارة مصر.
ثم استضاف الرئيس الروسي صديقه السيسي في عشاء خاص لم يحضره إلا المترجمون، بمطعم »‬فيسوتا 5642» أو »‬ناطحة السحاب»، وهو من أرقي مطاعم الأسماك والمشويات في العالم، ويقدم طعامه علي الطريقة »‬القوقازية» حيث إن أصحابه من جمهورية »‬داغستان» الروسية ذات الأغلبية المسلمة.
لا أحد يستطيع الادعاء بمعرفة فحوي الحوارات التي دارت خلال العشاء، لكن مصادر روسية قالت إنه تطرق إلي جوانب في العلاقات الثنائية، وتركز أساسا علي قضايا إقليمية ودولية.
صباح اليوم التالي.. وقعت حادثة إطلاق النار والتفجير في كلية »‬البوليتيكنيك» بمدينة »‬كيرتش» الروسية في شبه جزيرة القرم والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 50 بين قتيل وجريح.
برغم وقع هذا الحادث الدموي، علي روسيا والرئيس بوتين، إلا أن برنامج الزيارة لم يتغير، إلا في إلغاء حفل فني لفرقة من أبناء القوقاز، احتراما لضحايا الحادث.
كان لقاء العشاء، في الليلة السابقة، هو لقاء القمة المغلق بين الزعيمين.
أما لقاء قمة الأربعاء، فكان لقاء مصغراً حضره بعض أعضاء الوفدين، وتناول بشكل موسع موضوعات خاصة بالتعاون المصري الروسي، لاسيما ما يتعلق بمشروع إنشاء المحطة النووية في الضبعة التي قال لي الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء إنها ستبدأ العمل بعد ثماني سنوات. ودار الحديث عن تيسير اجراءات التمويل التي تم الاتفاق عليها والسداد علي 22 عاما بعد فترة سماح 13 عاما.
وتناولت المباحثات اتخاذ إجراءات إنشاء المنطقة الصناعية الروسية شرق بورسعيد، كذلك اتفاق توريد وتصنيع 1300 عربة قطار بتكلفة 1٫2 مليار يورو، وأوضح لي الدكتور هشام عرفات وزير النقل أن الاتفاق الذي وقع مع كونسورتيوم روسي- مجري يشمل تصنيع بعض المكونات والعربات في مصنع »‬200 الحربي» ويستهدف أيضا الوصول إلي الأسواق الإفريقية. كما تطرقت المباحثات إلي سبل زيادة التبادل التجاري الذي بلغ حجمه 6٫7 مليار دولار، وفي هذا الصدد جرت مناقشة آفاق التعاون بعد التوقيع المرتقب علي اتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي.
كان هناك أيضا الاتفاق علي اعتبار عام 2020 عاما للتبادل الثقافي والإنساني وأعلن بوتين عن قرب استئناف الرحلات الجوية بين روسيا وكل من شرم الشيخ والغردقة.
علي طاولة اللقاء المصغر الذي استغرق ساعتين، تناول الزعيمان بالتفصيل الأزمة الليبية والجهود المصرية المبذولة لتوحيد الجيش الليبي.
واستعرض الرئيس جهود مصر الناجحة في القضاء علي الإرهاب من خلال العملية الشاملة »‬سيناء 2018».
عقب لقاء القمة المصغر، ألقي الرئيسان بيانين صحفيين عن نتائج المباحثات أمام الإعلام المصري والروسي.
واستهل الرئيس الروسي بيانه بالحديث عن حادث القرم، بينما استهل الرئيس المصري بيانه بتقديم العزاء إلي روسيا في ضحايا الحادث.
شمل البيانان سردا شاملا تفصيليا لمجريات المباحثات ونتائجها، خاصة بعد أن وقع الرئيسان في مطلع اللقاء الصحفي علي اتفاقية بين البلدين بشأن الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي.
ووصف بوتين العلاقات المصرية الروسية بأنها علاقات صداقة واحترام متبادل تقوم علي المصالح المشتركة.
وأكد السيسي متانة العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، وتطلع البلدين لمواصلة العمل بما يلبي طموحات الشعبين.
علي مدي ساعة جرت وقائع اللقاء الصحفي بحضور أعضاء الوفدين، وظهر من بين الوفد الروسي سيرجي لافروف وزير الخارجية وسيرجي شويجو وزير الدفاع.
وضم الوفد المصري وزير الخارجية سامح شكري واللواء مصطفي شريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والدكتور هشام عرفات وزير النقل والدكتور عمرو نصار وزير التجارة والصناعة. كما ضم الوفد اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة واللواء محسن عبدالنبي مدير مكتب رئيس الجمهورية، والدكتور أحمد كوجك نائب وزير المالية والسفير إيهاب نصر سفير مصر في بكين والسفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
امتدت المباحثات بعد ذلك، علي غداء عمل أقامه الرئيس بوتين تكريما للرئيس السيسي والوفد المرافق له.
وخلال الغداء.. تطرق الرئيسان للتركيز علي الأزمة السورية، وأطلع بوتين الرئيس السيسي علي الجهود الروسية المبذولة في هذا الصدد. واتفقا علي تبادل المعلومات في مجال التصدي للإرهاب والحيلولة دون انتقال العناصر الإرهابية من سوريا إلي مناطق أخري، بالتعاون مع المنظمات الدولية والدول المعنية.
عقب الغداء.. اصطحب الرئيس بوتين صديقه العزيز بسيارة روسية الصنع من طراز »‬أوروس» إلي معرض للسيارات حيث يقام سباق »‬الفورميولا-1» الروسي، وقدم وزير الصناعة والتجارة الروسي شرحا لفئات أخري من السيارات من هذا الطراز الذي يجري انتاجه ضمن مشروع سيارات »‬كورتيج» الروسية الذي يرعاه الرئيس الروسي.
قبيل مغادرة الرئيس السيسي »‬سوتشي» عائدا إلي القاهرة.. سألت وزير الخارجية سامح شكري عن نتائج المباحثات، قال: إنها أظهرت اتفاقا واسعا في وجهات النظر، بل تطابقا في الرؤي تجاه قضايا إقليمية ودولية.
وقلت للواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.. هل حققنا ما نريد من هذه الزيارة؟.. قال: الحمد لله، كانت زيارة ناجحة للغاية، وحققنا ما هو متوقع وأكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.