البرلمان تحت الاختبار.. بين ضغوط الأسعار وحصن الأمن القومي    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    عبد المنعم سعيد يشيد بمشروعي النهر بتوشكى وقناة السويس: غيرا الجغرافيا المصرية    مادورو: فنزويلا لن يتم استعمارها أبدا وسنواصل تجارتنا الدولية    النواب الأمريكي يرفض مشروع قرار لتقييد صلاحيات ترامب    شوقي غريب: ودية نيجيريا اختبرت قوة المنتخب وحددت ملامح التشكيل الأساسي للكان    تعليق الدراسة حضوريا فى الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    ستار بوست| محي إسماعيل بخير.. وغياب الزعيم عن عزاء شقيقته    سين كاسيت| عمرو دياب يتصدر قائمة أكثر الأغاني رواجًا في 2025    أنشطة متنوعة لأهالي عزبة سلطان ضمن برنامج المواطنة والانتماء بالمنيا    نيفين مندور، أسرة الفنانة الراحلة تتسلم جثمانها اليوم    كأس العرب، موعد النهائي التاريخي بين الأردن والمغرب    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    كأس ملك إسبانيا – سقوط الكبار يتواصل.. ليفانتي وفيجو وإشبيلية وفياريال يودعون من دور ال 32    جمال الزهيري: كأس أمم أفريقيا أهم من المونديال بالنسبة لمنتخب مصر    مسؤول روسي: هجوم أوكراني يلحق أضراراً بسفينة في ميناء روستوف جنوب البلاد    ترامب يحضر مراسم إعادة جثامين ثلاثة أمريكيين سقطوا في سوريا    ثمن سلسلة فضية.. حبس شخص بتهمة قتل صديقه بسبب 500 جنيه في الإسكندرية    ماذا حدث في اللحظات الأخيرة قبل وفاة نيفين مندور؟    أول تعليق رسمى سورى على إقرار مجلس الشيوخ إلغاء قانون قيصر    إعلام فلسطيني: مصابان برصاص جيش الاحتلال في حي التفاح شرق مدينة غزة    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    هل تشتعل الحرب الباردة من جديد في أمريكا الجنوبية بعد فوز اليمين المتطرف برئاسة تشيلى؟    بالفيديو.. محمد رمضان يعتذر لعائلته وجمهوره وينفي شائعة سجنه ويستعد لحفله بنيويورك    بالصور.. الحماية المدنية تواصل رفع أنقاض عقار المنيا المنهار    ضبط 12 مخالفة خلال متابعة صرف المقررات التموينية بالوادي الجديد    اسأل والجمارك تُجيب| ما نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI»؟    خدعة دبلوماسية وصفقة فاشلة في مفاوضات أمريكا وإيران السرية    عالية المهدي تحذر الحكومة: 65% من الإنفاق العام في مصر يخصص لسداد الديون    محافظ قنا يعزي أسر ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بترعة الجبلاو.. ويوجه بحزمة إجراءات عاجلة    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر    نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى    مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير.. السيناريست محمد هشام عبيه يكشف رحلته بين الصحافة والدراما    ماستر كلاس بمهرجان القاهرة للفيلم القصير يكشف أسرار الإضاءة في السينما والسوشيال ميديا    التهاب مفصل الحوض: الأسباب الشائعة وأبرز أعراض الإصابة    إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر    رئيس الوزراء: خطة واضحة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي    وزير الاتصالات: ارتفاع الصادرات الرقمية إلى 7.4 مليار دولار وخطة لمضاعفة صادرات التعهيد    المتحدث باسم الحكومة: الأعوام المقبلة ستشهد تحسنا في معدلات الدخل ونمو ينعكس على المواطنين    مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان    نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر رزق يكتب: أطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ !‬
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 14 - 08 - 2014

على ‬أبواب ‬الفندق ‬الرئاسي ‬بمدينة ‬سوتشي ‬الروسية ‬على ‬شاطئ ‬البحر ‬الأسود، ‬وقف ‬الرئيس ‬فلاديمير ‬بوتين ‬يودع ‬ضيفه ‬الرئيس ‬عبد الفتاح ‬السيسي، ‬بعد ‬مباحثات ‬قمة ‬بدأت ‬في ‬الصباح، ‬وانتهت ‬مع ‬حلول ‬يوم ‬جديد.‬
شد ‬بوتين ‬على ‬يدي ‬السيسي ‬قائلا: ‬‮"‬نحن ‬معك.. ‬ندعم ‬كل ‬خطواتك .. ‬كنت ‬أعرف ‬بل ‬كنت ‬متأكداً ‬أنك ‬ستنجح ‬في ‬انتخابات ‬الرئاسة..‬أعلم ‬أن ‬شعبك ‬لديه ‬أمل ‬فيك، ‬وأنت ‬كما ‬سمعتك ‬وعرفتك ‬على ‬قدر ‬هذا ‬الأمل‮"‬.‬
تعانق ‬الرئيسان، ‬وغادر ‬بوتين ‬المكان.‬
كانت ‬الساعة ‬هى ‬الواحدة ‬من ‬صباح ‬الأربعاء.‬.‮12‬ ‬ساعة ‬كاملة ‬أمضاها ‬السيسي ‬مع ‬بوتين ‬في ‬مباحثات ‬قمة ‬لم ‬تنقطع، ‬في ‬البر ‬جلوسا ‬ومشيا، ‬وفي ‬الجو ‬على ‬متن ‬طائرة ‬هليكوبتر، ‬وفي ‬البحر ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬.‬
نصف ‬زمن ‬زيارة ‬ال‮24‬ ‬ساعة ‬التي ‬قضاها ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬سوتشي، ‬استغرقتها ‬القمة ‬المصرية ‬الروسية، ‬لتسجل ‬رقما ‬قياسيا ‬غير ‬مسبوق ‬كأطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ!‬ الزيارة ‬الخاطفة ‬كان ‬لها ‬ما ‬وراءها، ‬والمباحثات ‬المطولة ‬لها ‬بالقطع ‬ما ‬بعدها.‬

الاحتفاء ‬الهائل ‬بالرئيس ‬السيسي، ‬كان ‬مصدر ‬شعور ‬بالسعادة ‬والزهو ‬لدى ‬رجال ‬الأمن ‬والحراسة ‬المصريين، ‬وكان ‬مثار ‬اهتمام ‬نظرائهم ‬الروس، ‬الذين ‬قالوا ‬لهم: ‬‮"‬لقد ‬صدرت ‬لنا ‬وللأجهزة ‬في ‬الرئاسة ‬الروسية ‬تعليمات ‬مباشرة ‬من ‬الرئيس ‬بوتين، ‬بأن ‬يتم ‬استقبال ‬الرئيس ‬السيسي ‬والترحيب ‬به، ‬بصورة ‬لم ‬يسبق ‬حدوثها ‬لأي ‬رئيس ‬يزور ‬روسيا ‬في ‬أى ‬عهد‮"‬.‬
وبالفعل ‬لم ‬تنقطع ‬مظاهر ‬الحفاوة ‬بالسيسي ‬منذ ‬دخول ‬طائرته ‬الأجواء ‬الروسية ‬فوق ‬مياه ‬البحر ‬الأسود، ‬وحتى ‬مغادرتها ‬لها ‬في ‬طريق ‬العودة ‬إلى ‬القاهرة ‬ظهر ‬أمس ‬الأول.‬
من ‬نوافذ ‬طائرة ‬الرئاسة ‬المصرية، ‬عرف ‬السيسي ‬ومرافقوه، ‬أنهم ‬بلغوا ‬المجال ‬الجوى ‬الروسي ‬، ‬حينما ‬شاهدوا ‬سربا ‬من ‬مقاتلات ‬‮"‬السوخوي‮"‬ ‬تحلق ‬على ‬جانبي ‬الطائرة، ‬ومن ‬فوقها ‬وأسفلها، ‬ترحيبا ‬بطائرة ‬الرئاسة ‬ومستقليها، ‬في ‬مشهد ‬لا ‬يذكر ‬الجيل ‬الحالي ‬من ‬الطيارين ‬الروس ‬مثيلا ‬له.‬
وعندما ‬حطت ‬طائرة ‬الرئيس ‬على ‬أرض ‬مطار ‬‮"‬سوتشى‮"‬، ‬كانت ‬الموسيقات ‬العسكرية ‬وحرس ‬الشرف ‬في ‬انتظار ‬السيسي ‬، ‬لأول ‬مرة ‬في ‬تقاليد ‬استقبال ‬رؤساء ‬الدول ‬بهذه ‬المدينة، ‬بينما ‬كان ‬على ‬رأس ‬المستقبلين ‬سيرجى ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬أحد ‬أهم ‬أركان ‬حكم ‬بوتين.‬
في ‬المطار.. ‬تفقد ‬السيسي ‬ولافروف ‬معرضا ‬لبعض ‬من ‬أحدث ‬مركبات ‬القتال ‬المدرعة ‬ومنظومات ‬الدفاع ‬الجوى ‬الروسية، ‬وكان ‬اختيار ‬هذه ‬النوعيات ‬له ‬مغزى ‬يعرفه ‬الروس ‬والمصريون.‬
ثم ‬اصطحب ‬لافروف ‬الرئيس ‬السيسي، ‬في ‬موكب ‬من ‬السيارات، ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية ‬بسوتشي ‬التي ‬استضافت ‬دورة ‬الألعاب ‬الأوليمبية ‬الشتوية.‬
في ‬تمام ‬الواحدة ‬ظهرا.. ‬كان ‬بوتين ‬في ‬استقبال ‬السيسي، ‬عند ‬مدخل ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬لم ‬يكن ‬الرئيس ‬الروسي ‬يرتدي ‬‮"رابطة ‬عنق ‬‮"‬ ‬، ‬في ‬إشارة ‬لأن ‬الزيارة ‬وبرنامجها ‬خارج ‬‮"‬البروتوكول‮"‬.‬
في ‬القرية ‬الأوليمبية.. ‬شرح ‬بوتين ‬لرئيس ‬مصر ‬، ‬المنشآت ‬التي ‬تم ‬تشييدها ‬بالقرية ‬لرياضات ‬الرماية ‬والتزحلق ‬على ‬الجليد ‬وهوكي ‬الانزلاق ‬وغيرها.‬
ثم ‬اصطحب ‬الرئيس ‬الروسي، ‬ضيفه ‬الكبير ‬إلى ‬غرفة ‬صالون ‬في ‬إحدى ‬القاعات، ‬في ‬جلسة ‬مباحثات ‬مغلقة ‬اقتصرت ‬عليهما.‬
بعدها.. ‬توجه ‬الرئيسان ‬إلى ‬ممشى ‬في ‬قلب ‬المدينة، ‬وتجولا ‬معاً ‬وسط ‬المارة ‬الذين ‬تجمعوا ‬حولهما ‬يلتقطون ‬الصور، ‬ويشيرون ‬بأيديهم ‬مرحبين ‬بالرئيس ‬السيسي.‬
ثم ‬اصطحب ‬بوتين ‬السيسي ‬إلى ‬مقهى ‬سياحي ‬في ‬الممشى ‬، ‬لاستكمال ‬الحديث ‬على ‬أكواب ‬الشاي.‬
عاد ‬بوتين ‬والسيسي ‬بعد ‬ذلك ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬واستقلا ‬طائرة ‬هليكوبتر ‬إلى ‬مقر ‬الرئيس ‬الروسي ‬في ‬سوتشي، ‬وهناك ‬ركب ‬الرئيسان ‬سيارة ‬كهربائية ‬قادها ‬بوتين ‬بنفسه.‬
وترك ‬بوتين، ‬السيسي ‬بعض ‬الوقت، ‬ليبدل ‬ملابسه ‬في ‬غرفة ‬جانبية.‬
وهنا ‬تداعت ‬إلى ‬أذهان ‬بعض ‬رجال ‬الرئاسة ‬المصريين ‬، ‬ممن ‬عاصروا ‬زيارة ‬الرئيس ‬الأسبق ‬محمد ‬مرسى ‬إلى ‬سوتشى ‬، ‬ذكريات ‬تلك ‬الزيارة ‬الكارثية، ‬حينما ‬ألح ‬مرسى ‬على ‬أن ‬يلتقي ‬بوتين، ‬وجاء ‬إلى ‬هذه ‬الغرفة ‬بالذات، ‬وانتظر ‬ساعتين ‬فيها، ‬حتى ‬جاءه ‬الرئيس ‬الروسي، ‬وكان ‬أول ‬ما ‬طلبه ‬مرسى ‬أن ‬ترفع ‬جماعة ‬الإخوان ‬من ‬القائمة ‬الروسية ‬للمنظمات ‬الإرهابية، ‬ولم ‬يخف ‬بوتين ‬ضيقه ‬من ‬مرسى، ‬ولم ‬يقتصد ‬معاونو ‬بوتين ‬ووزراؤه ‬في ‬السخرية ‬في ‬تصريحاتهم ‬من ‬هذا ‬الرجل ‬الذي ‬لا ‬يرقى ‬بأي ‬حال ‬إلى ‬مستوى ‬بلد ‬كبير ‬بحجم ‬مصر.‬
في ‬المقر ‬الرئيسي ‬بسوتشي‬، ‬عقد ‬بوتين ‬والسيسي ‬جلسة ‬مباحثات ‬موسعة، ‬كانت ‬أقرب ‬ما ‬تكون ‬إلى ‬جلسة ‬مساءلة ‬أو ‬استجواب ‬من ‬جانب ‬الرئيس ‬الروسي ‬لوزرائه، ‬كل ‬في ‬اختصاصه، ‬عما ‬تم ‬إنجازه، ‬في ‬مجالات ‬التعاون ‬مع ‬مصر، ‬في ‬الزراعة، ‬والتجارة ‬والاستثمار، ‬والصناعة .
‬وطرح ‬بوتين ‬اقتراحا ‬بإقامة ‬مركز ‬لوجيستي ‬لمصر ‬في ‬روسيا ‬على ‬البحر ‬الأسود، ‬مثلما ‬رحب ‬بإقامة ‬منطقة ‬صناعية ‬روسية ‬في ‬مشروع ‬محور ‬قناة ‬السويس.‬
امتدت ‬المباحثات ‬على ‬مأدبة ‬غداء، ‬وتحدث ‬بوتين ‬عن ‬الوفر ‬الهائل ‬في ‬محصول ‬القمح ‬الروسي ‬الذي ‬يفيض ‬عن ‬الاحتياجات ‬الداخلية ‬بمقدار ‬خمسة ‬ملايين ‬طن، ‬وقال ‬إنه ‬يعلم ‬إن ‬مصر ‬هى ‬أكبر ‬مستورد ‬للقمح ‬في ‬العالم، ‬وإنه ‬مستعد ‬لتقديم ‬كل ‬هذه ‬الكمية ‬إلى ‬مصر، ‬لتأمين ‬كل ‬احتياجاتها.‬
إلى ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬الراسية ‬في ‬القاعدة ‬العسكرية ‬بسوتشي، ‬توجه ‬الرئيسان، ‬وهناك ‬جرى ‬استقبال ‬رسمي ‬لهما، ‬بحضور ‬قائد ‬الأسطول ‬الروسي ‬في ‬البحر ‬الأسود.‬
على ‬ظهر ‬الفرقاطة، ‬جرت ‬جلسة ‬جديدة ‬من ‬مباحثات ‬القمة، ‬تركزت ‬هذه ‬المرة ‬على ‬شق ‬التعاون ‬العسكري، ‬وهو ‬بالمناسبة، ‬وإن ‬خفت ‬وتيرته ‬في ‬بعض ‬العهود، ‬إلا ‬أنه ‬لم ‬ينقطع ‬أبداً ‬منذ ‬أول ‬صفقة ‬أسلحة ‬روسية ‬تلقتها ‬مصر ‬قبل ‬قرابة ‬‮60‬ ‬عاما ‬مضت!‬
ومثلما ‬جرى ‬مع ‬الوزراء ‬الروس ‬في ‬مباحثات ‬المقر ‬الرئاسي، ‬سأل ‬الرئيس ‬بوتين ‬كل ‬جنرال ‬روسي ‬في ‬اختصاصه ‬عما ‬تم ‬في ‬التعاون ‬العسكري ‬مع ‬مصر ‬في ‬مجالات ‬التسليح ‬والمنح ‬التدريبية ‬للمبعوثين ‬والتدريبات ‬العسكرية ‬المشتركة.‬
ودون ‬الخوض ‬في ‬تفاصيل.. ‬كانت ‬استجابة ‬الرئيس ‬بوتين ‬كاملة ‬لكل ‬مطالب ‬مصر.. ‬قائلا: ‬‮"إن ‬مصر ‬بلد ‬صديق ‬وكبير ‬، ‬ولها ‬وضعها ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬وقد ‬عادت ‬الآن ‬إلى ‬مكانها ‬ومكانتها‮"‬.‬
أكثر ‬من ‬ساعة، ‬استغرقتها ‬جلسة ‬المباحثات ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬ثم ‬غادر ‬الرئيسان ‬القاعدة ‬العسكرية.‬
ودعا ‬بوتين ‬السيسي ‬لحضور ‬عرض ‬للرقص ‬على ‬الجليد، ‬ولفت ‬الأداء ‬الراقي ‬انتباه ‬الرئيس ‬السيسي، ‬فأوضح ‬له ‬بوتين ‬أن ‬المشاركين ‬في ‬العرض ‬هم ‬أبطال ‬عالم ‬سابقون ‬في ‬التزحلق ‬والرقص ‬الإيقاعي ‬على ‬الجليد، ‬وتتم ‬الاستعانة ‬بهم ‬في ‬العروض ‬الفنية، ‬بعد ‬فوزهم ‬بالبطولات ‬الأوليمبية ‬والعالمية.‬
يحين ‬وقت ‬العشاء.. ‬ويكسر ‬بوتين ‬مجددا ‬قواعد ‬البروتوكول، ‬ويقرر ‬بدلا ‬من ‬أن ‬يتناول ‬الطعام ‬مع ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬أجواء ‬المقر ‬الرئاسي ‬الرسمية، ‬أن ‬يدعوه ‬إلى ‬مطعم ‬الأسماك ‬الشهير ‬بسوتشى ‬الذي ‬يعد ‬واحدا ‬من ‬أفخم ‬‮5‬ ‬مطاعم ‬في ‬العالم، ‬لتناول ‬عشاء ‬من ‬المأكولات ‬البحرية ‬التي ‬يشتهر ‬بها ‬البحر ‬الأسود.‬
وهناك ‬يكمل ‬الرئيسان ‬مباحثاتهما ‬على ‬العشاء ‬حتى ‬الواحدة ‬صباحا، ‬في ‬جلسة ‬منفردة، ‬لم ‬يحضرها ‬المترجم.‬
ويميل ‬أحد ‬أعضاء ‬الوفد ‬الروسي، ‬على ‬مسئول ‬مصري.. ‬مشيرا ‬إلى ‬الرئيسين ‬قائلا: ‬‮"هناك ‬أوجه ‬شبه ‬بين ‬الرجلين، ‬حتى ‬في ‬الهيئة ‬والقامة ‬وطريقة ‬المشي‮"‬.. ‬ثم ‬يضيف: ‬‮"‬أظن ‬أن ‬هناك ‬كيمياء ‬شخصية ‬وجدت ‬طريقها ‬بين ‬الرئيسين.
‬.فبوتين ‬يرى ‬في ‬السيسي ‬نفسه ‬حينما ‬تولى ‬رئاسة ‬روسيا ‬بعدما ‬شارفت ‬على ‬الانهيار ‬في ‬عهد ‬يلتسين.. ‬والسيسي ‬يرى ‬في ‬بوتين ‬نموذجاً ‬لقائد ‬استطاع ‬أن ‬ينتشل ‬بلاده ‬من ‬مصير ‬محتوم ‬وأن ‬ينهض ‬بها ‬لتعود ‬قوة ‬عظمى ‬من ‬جديد.‬
صباح ‬أول ‬أمس ‬الأربعاء.. ‬جاء ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬إلى ‬الفندق ‬الرئاسي ‬لاصطحاب ‬الرئيس ‬السيسي ‬ومرافقيه ‬إلى ‬مطار ‬سوتشى، ‬وهناك ‬جرت ‬مجددا ‬مراسم ‬رسمية ‬مصحوبة ‬بحرس ‬الشرف ‬الرئاسي ‬في ‬وداع ‬رئيس ‬مصر.‬
استقل ‬الرئيس ‬السيسي ‬طائرة ‬الرئاسة ‬عائدا ‬إلى ‬القاهرة، ‬حاملا ‬مشاعر ‬امتنان ‬لحفاوة ‬الاستقبال، ‬وقبلها ‬مشاعر ‬ارتياح ‬للنتائج ‬فوق ‬المتوقعة ‬التي ‬أسفرت ‬عنها ‬مباحثات ‬القمة، ‬وحاملا ‬معه ‬أيضا ‬هدية ‬ذات ‬مغزى ‬من ‬الرئيس ‬بوتين.‬
الهدية ‬تلقاها ‬السيسي ‬من ‬بوتين ‬عقب ‬مباحثات ‬الغداء ‬في ‬المقر ‬الرئاسي، ‬وهى ‬عبارة ‬عن ‬صورة ‬فوتوغرافية ‬فريدة ‬ليس ‬لها ‬نسخ ‬أخرى، ‬تجمع ‬بين ‬الزعيم ‬جمال ‬عبد الناصر، ‬والزعيم ‬السوفييتي ‬ميخائيل ‬خروشوف ‬في ‬مطلع ‬الستينيات.‬
لعل ‬بوتين ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬للسيسى ‬إن ‬علاقات ‬القاهرة ‬وموسكو ‬ستعود ‬إلى ‬ما ‬كانت ‬في ‬الستينيات، ‬أيام ‬بناء ‬السد ‬العالي ‬والتصنيع ‬الثقيل ‬والتسليح ‬غير ‬المشروط، ‬ولعله ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬الصداقة ‬الوليدة ‬بيني ‬وبينك، ‬ستكون ‬كتلك ‬التي ‬جمعت ‬ناصر ‬وخروشوف.‬
لعله ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬روسيا ‬كانت ‬وستعود ‬صديقا ‬حقيقيا ‬لمصر، ‬لا ‬يملك ‬أجندات ‬خفية ‬ولا ‬خرائط ‬تقسيم، ‬يفتح ‬ذراعيه ‬لمصر، ‬ولا ‬يستدير ‬ليطعنها ‬بغدر!.‬.
على ‬أبواب ‬الفندق ‬الرئاسي ‬بمدينة ‬سوتشي ‬الروسية ‬على ‬شاطئ ‬البحر ‬الأسود، ‬وقف ‬الرئيس ‬فلاديمير ‬بوتين ‬يودع ‬ضيفه ‬الرئيس ‬عبد الفتاح ‬السيسي، ‬بعد ‬مباحثات ‬قمة ‬بدأت ‬في ‬الصباح، ‬وانتهت ‬مع ‬حلول ‬يوم ‬جديد.‬
شد ‬بوتين ‬على ‬يدي ‬السيسي ‬قائلا: ‬‮"‬نحن ‬معك.. ‬ندعم ‬كل ‬خطواتك .. ‬كنت ‬أعرف ‬بل ‬كنت ‬متأكداً ‬أنك ‬ستنجح ‬في ‬انتخابات ‬الرئاسة..‬أعلم ‬أن ‬شعبك ‬لديه ‬أمل ‬فيك، ‬وأنت ‬كما ‬سمعتك ‬وعرفتك ‬على ‬قدر ‬هذا ‬الأمل‮"‬.‬
تعانق ‬الرئيسان، ‬وغادر ‬بوتين ‬المكان.‬
كانت ‬الساعة ‬هى ‬الواحدة ‬من ‬صباح ‬الأربعاء.‬.‮12‬ ‬ساعة ‬كاملة ‬أمضاها ‬السيسي ‬مع ‬بوتين ‬في ‬مباحثات ‬قمة ‬لم ‬تنقطع، ‬في ‬البر ‬جلوسا ‬ومشيا، ‬وفي ‬الجو ‬على ‬متن ‬طائرة ‬هليكوبتر، ‬وفي ‬البحر ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬.‬
نصف ‬زمن ‬زيارة ‬ال‮24‬ ‬ساعة ‬التي ‬قضاها ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬سوتشي، ‬استغرقتها ‬القمة ‬المصرية ‬الروسية، ‬لتسجل ‬رقما ‬قياسيا ‬غير ‬مسبوق ‬كأطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ!‬ الزيارة ‬الخاطفة ‬كان ‬لها ‬ما ‬وراءها، ‬والمباحثات ‬المطولة ‬لها ‬بالقطع ‬ما ‬بعدها.‬

الاحتفاء ‬الهائل ‬بالرئيس ‬السيسي، ‬كان ‬مصدر ‬شعور ‬بالسعادة ‬والزهو ‬لدى ‬رجال ‬الأمن ‬والحراسة ‬المصريين، ‬وكان ‬مثار ‬اهتمام ‬نظرائهم ‬الروس، ‬الذين ‬قالوا ‬لهم: ‬‮"‬لقد ‬صدرت ‬لنا ‬وللأجهزة ‬في ‬الرئاسة ‬الروسية ‬تعليمات ‬مباشرة ‬من ‬الرئيس ‬بوتين، ‬بأن ‬يتم ‬استقبال ‬الرئيس ‬السيسي ‬والترحيب ‬به، ‬بصورة ‬لم ‬يسبق ‬حدوثها ‬لأي ‬رئيس ‬يزور ‬روسيا ‬في ‬أى ‬عهد‮"‬.‬
وبالفعل ‬لم ‬تنقطع ‬مظاهر ‬الحفاوة ‬بالسيسي ‬منذ ‬دخول ‬طائرته ‬الأجواء ‬الروسية ‬فوق ‬مياه ‬البحر ‬الأسود، ‬وحتى ‬مغادرتها ‬لها ‬في ‬طريق ‬العودة ‬إلى ‬القاهرة ‬ظهر ‬أمس ‬الأول.‬
من ‬نوافذ ‬طائرة ‬الرئاسة ‬المصرية، ‬عرف ‬السيسي ‬ومرافقوه، ‬أنهم ‬بلغوا ‬المجال ‬الجوى ‬الروسي ‬، ‬حينما ‬شاهدوا ‬سربا ‬من ‬مقاتلات ‬‮"‬السوخوي‮"‬ ‬تحلق ‬على ‬جانبي ‬الطائرة، ‬ومن ‬فوقها ‬وأسفلها، ‬ترحيبا ‬بطائرة ‬الرئاسة ‬ومستقليها، ‬في ‬مشهد ‬لا ‬يذكر ‬الجيل ‬الحالي ‬من ‬الطيارين ‬الروس ‬مثيلا ‬له.‬
وعندما ‬حطت ‬طائرة ‬الرئيس ‬على ‬أرض ‬مطار ‬‮"‬سوتشى‮"‬، ‬كانت ‬الموسيقات ‬العسكرية ‬وحرس ‬الشرف ‬في ‬انتظار ‬السيسي ‬، ‬لأول ‬مرة ‬في ‬تقاليد ‬استقبال ‬رؤساء ‬الدول ‬بهذه ‬المدينة، ‬بينما ‬كان ‬على ‬رأس ‬المستقبلين ‬سيرجى ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬أحد ‬أهم ‬أركان ‬حكم ‬بوتين.‬
في ‬المطار.. ‬تفقد ‬السيسي ‬ولافروف ‬معرضا ‬لبعض ‬من ‬أحدث ‬مركبات ‬القتال ‬المدرعة ‬ومنظومات ‬الدفاع ‬الجوى ‬الروسية، ‬وكان ‬اختيار ‬هذه ‬النوعيات ‬له ‬مغزى ‬يعرفه ‬الروس ‬والمصريون.‬
ثم ‬اصطحب ‬لافروف ‬الرئيس ‬السيسي، ‬في ‬موكب ‬من ‬السيارات، ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية ‬بسوتشي ‬التي ‬استضافت ‬دورة ‬الألعاب ‬الأوليمبية ‬الشتوية.‬
في ‬تمام ‬الواحدة ‬ظهرا.. ‬كان ‬بوتين ‬في ‬استقبال ‬السيسي، ‬عند ‬مدخل ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬لم ‬يكن ‬الرئيس ‬الروسي ‬يرتدي ‬‮"رابطة ‬عنق ‬‮"‬ ‬، ‬في ‬إشارة ‬لأن ‬الزيارة ‬وبرنامجها ‬خارج ‬‮"‬البروتوكول‮"‬.‬
في ‬القرية ‬الأوليمبية.. ‬شرح ‬بوتين ‬لرئيس ‬مصر ‬، ‬المنشآت ‬التي ‬تم ‬تشييدها ‬بالقرية ‬لرياضات ‬الرماية ‬والتزحلق ‬على ‬الجليد ‬وهوكي ‬الانزلاق ‬وغيرها.‬
ثم ‬اصطحب ‬الرئيس ‬الروسي، ‬ضيفه ‬الكبير ‬إلى ‬غرفة ‬صالون ‬في ‬إحدى ‬القاعات، ‬في ‬جلسة ‬مباحثات ‬مغلقة ‬اقتصرت ‬عليهما.‬
بعدها.. ‬توجه ‬الرئيسان ‬إلى ‬ممشى ‬في ‬قلب ‬المدينة، ‬وتجولا ‬معاً ‬وسط ‬المارة ‬الذين ‬تجمعوا ‬حولهما ‬يلتقطون ‬الصور، ‬ويشيرون ‬بأيديهم ‬مرحبين ‬بالرئيس ‬السيسي.‬
ثم ‬اصطحب ‬بوتين ‬السيسي ‬إلى ‬مقهى ‬سياحي ‬في ‬الممشى ‬، ‬لاستكمال ‬الحديث ‬على ‬أكواب ‬الشاي.‬
عاد ‬بوتين ‬والسيسي ‬بعد ‬ذلك ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬واستقلا ‬طائرة ‬هليكوبتر ‬إلى ‬مقر ‬الرئيس ‬الروسي ‬في ‬سوتشي، ‬وهناك ‬ركب ‬الرئيسان ‬سيارة ‬كهربائية ‬قادها ‬بوتين ‬بنفسه.‬
وترك ‬بوتين، ‬السيسي ‬بعض ‬الوقت، ‬ليبدل ‬ملابسه ‬في ‬غرفة ‬جانبية.‬
وهنا ‬تداعت ‬إلى ‬أذهان ‬بعض ‬رجال ‬الرئاسة ‬المصريين ‬، ‬ممن ‬عاصروا ‬زيارة ‬الرئيس ‬الأسبق ‬محمد ‬مرسى ‬إلى ‬سوتشى ‬، ‬ذكريات ‬تلك ‬الزيارة ‬الكارثية، ‬حينما ‬ألح ‬مرسى ‬على ‬أن ‬يلتقي ‬بوتين، ‬وجاء ‬إلى ‬هذه ‬الغرفة ‬بالذات، ‬وانتظر ‬ساعتين ‬فيها، ‬حتى ‬جاءه ‬الرئيس ‬الروسي، ‬وكان ‬أول ‬ما ‬طلبه ‬مرسى ‬أن ‬ترفع ‬جماعة ‬الإخوان ‬من ‬القائمة ‬الروسية ‬للمنظمات ‬الإرهابية، ‬ولم ‬يخف ‬بوتين ‬ضيقه ‬من ‬مرسى، ‬ولم ‬يقتصد ‬معاونو ‬بوتين ‬ووزراؤه ‬في ‬السخرية ‬في ‬تصريحاتهم ‬من ‬هذا ‬الرجل ‬الذي ‬لا ‬يرقى ‬بأي ‬حال ‬إلى ‬مستوى ‬بلد ‬كبير ‬بحجم ‬مصر.‬
في ‬المقر ‬الرئيسي ‬بسوتشي‬، ‬عقد ‬بوتين ‬والسيسي ‬جلسة ‬مباحثات ‬موسعة، ‬كانت ‬أقرب ‬ما ‬تكون ‬إلى ‬جلسة ‬مساءلة ‬أو ‬استجواب ‬من ‬جانب ‬الرئيس ‬الروسي ‬لوزرائه، ‬كل ‬في ‬اختصاصه، ‬عما ‬تم ‬إنجازه، ‬في ‬مجالات ‬التعاون ‬مع ‬مصر، ‬في ‬الزراعة، ‬والتجارة ‬والاستثمار، ‬والصناعة .
‬وطرح ‬بوتين ‬اقتراحا ‬بإقامة ‬مركز ‬لوجيستي ‬لمصر ‬في ‬روسيا ‬على ‬البحر ‬الأسود، ‬مثلما ‬رحب ‬بإقامة ‬منطقة ‬صناعية ‬روسية ‬في ‬مشروع ‬محور ‬قناة ‬السويس.‬
امتدت ‬المباحثات ‬على ‬مأدبة ‬غداء، ‬وتحدث ‬بوتين ‬عن ‬الوفر ‬الهائل ‬في ‬محصول ‬القمح ‬الروسي ‬الذي ‬يفيض ‬عن ‬الاحتياجات ‬الداخلية ‬بمقدار ‬خمسة ‬ملايين ‬طن، ‬وقال ‬إنه ‬يعلم ‬إن ‬مصر ‬هى ‬أكبر ‬مستورد ‬للقمح ‬في ‬العالم، ‬وإنه ‬مستعد ‬لتقديم ‬كل ‬هذه ‬الكمية ‬إلى ‬مصر، ‬لتأمين ‬كل ‬احتياجاتها.‬
إلى ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬الراسية ‬في ‬القاعدة ‬العسكرية ‬بسوتشي، ‬توجه ‬الرئيسان، ‬وهناك ‬جرى ‬استقبال ‬رسمي ‬لهما، ‬بحضور ‬قائد ‬الأسطول ‬الروسي ‬في ‬البحر ‬الأسود.‬
على ‬ظهر ‬الفرقاطة، ‬جرت ‬جلسة ‬جديدة ‬من ‬مباحثات ‬القمة، ‬تركزت ‬هذه ‬المرة ‬على ‬شق ‬التعاون ‬العسكري، ‬وهو ‬بالمناسبة، ‬وإن ‬خفت ‬وتيرته ‬في ‬بعض ‬العهود، ‬إلا ‬أنه ‬لم ‬ينقطع ‬أبداً ‬منذ ‬أول ‬صفقة ‬أسلحة ‬روسية ‬تلقتها ‬مصر ‬قبل ‬قرابة ‬‮60‬ ‬عاما ‬مضت!‬
ومثلما ‬جرى ‬مع ‬الوزراء ‬الروس ‬في ‬مباحثات ‬المقر ‬الرئاسي، ‬سأل ‬الرئيس ‬بوتين ‬كل ‬جنرال ‬روسي ‬في ‬اختصاصه ‬عما ‬تم ‬في ‬التعاون ‬العسكري ‬مع ‬مصر ‬في ‬مجالات ‬التسليح ‬والمنح ‬التدريبية ‬للمبعوثين ‬والتدريبات ‬العسكرية ‬المشتركة.‬
ودون ‬الخوض ‬في ‬تفاصيل.. ‬كانت ‬استجابة ‬الرئيس ‬بوتين ‬كاملة ‬لكل ‬مطالب ‬مصر.. ‬قائلا: ‬‮"إن ‬مصر ‬بلد ‬صديق ‬وكبير ‬، ‬ولها ‬وضعها ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬وقد ‬عادت ‬الآن ‬إلى ‬مكانها ‬ومكانتها‮"‬.‬
أكثر ‬من ‬ساعة، ‬استغرقتها ‬جلسة ‬المباحثات ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬ثم ‬غادر ‬الرئيسان ‬القاعدة ‬العسكرية.‬
ودعا ‬بوتين ‬السيسي ‬لحضور ‬عرض ‬للرقص ‬على ‬الجليد، ‬ولفت ‬الأداء ‬الراقي ‬انتباه ‬الرئيس ‬السيسي، ‬فأوضح ‬له ‬بوتين ‬أن ‬المشاركين ‬في ‬العرض ‬هم ‬أبطال ‬عالم ‬سابقون ‬في ‬التزحلق ‬والرقص ‬الإيقاعي ‬على ‬الجليد، ‬وتتم ‬الاستعانة ‬بهم ‬في ‬العروض ‬الفنية، ‬بعد ‬فوزهم ‬بالبطولات ‬الأوليمبية ‬والعالمية.‬
يحين ‬وقت ‬العشاء.. ‬ويكسر ‬بوتين ‬مجددا ‬قواعد ‬البروتوكول، ‬ويقرر ‬بدلا ‬من ‬أن ‬يتناول ‬الطعام ‬مع ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬أجواء ‬المقر ‬الرئاسي ‬الرسمية، ‬أن ‬يدعوه ‬إلى ‬مطعم ‬الأسماك ‬الشهير ‬بسوتشى ‬الذي ‬يعد ‬واحدا ‬من ‬أفخم ‬‮5‬ ‬مطاعم ‬في ‬العالم، ‬لتناول ‬عشاء ‬من ‬المأكولات ‬البحرية ‬التي ‬يشتهر ‬بها ‬البحر ‬الأسود.‬
وهناك ‬يكمل ‬الرئيسان ‬مباحثاتهما ‬على ‬العشاء ‬حتى ‬الواحدة ‬صباحا، ‬في ‬جلسة ‬منفردة، ‬لم ‬يحضرها ‬المترجم.‬
ويميل ‬أحد ‬أعضاء ‬الوفد ‬الروسي، ‬على ‬مسئول ‬مصري.. ‬مشيرا ‬إلى ‬الرئيسين ‬قائلا: ‬‮"هناك ‬أوجه ‬شبه ‬بين ‬الرجلين، ‬حتى ‬في ‬الهيئة ‬والقامة ‬وطريقة ‬المشي‮"‬.. ‬ثم ‬يضيف: ‬‮"‬أظن ‬أن ‬هناك ‬كيمياء ‬شخصية ‬وجدت ‬طريقها ‬بين ‬الرئيسين.
‬.فبوتين ‬يرى ‬في ‬السيسي ‬نفسه ‬حينما ‬تولى ‬رئاسة ‬روسيا ‬بعدما ‬شارفت ‬على ‬الانهيار ‬في ‬عهد ‬يلتسين.. ‬والسيسي ‬يرى ‬في ‬بوتين ‬نموذجاً ‬لقائد ‬استطاع ‬أن ‬ينتشل ‬بلاده ‬من ‬مصير ‬محتوم ‬وأن ‬ينهض ‬بها ‬لتعود ‬قوة ‬عظمى ‬من ‬جديد.‬
صباح ‬أول ‬أمس ‬الأربعاء.. ‬جاء ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬إلى ‬الفندق ‬الرئاسي ‬لاصطحاب ‬الرئيس ‬السيسي ‬ومرافقيه ‬إلى ‬مطار ‬سوتشى، ‬وهناك ‬جرت ‬مجددا ‬مراسم ‬رسمية ‬مصحوبة ‬بحرس ‬الشرف ‬الرئاسي ‬في ‬وداع ‬رئيس ‬مصر.‬
استقل ‬الرئيس ‬السيسي ‬طائرة ‬الرئاسة ‬عائدا ‬إلى ‬القاهرة، ‬حاملا ‬مشاعر ‬امتنان ‬لحفاوة ‬الاستقبال، ‬وقبلها ‬مشاعر ‬ارتياح ‬للنتائج ‬فوق ‬المتوقعة ‬التي ‬أسفرت ‬عنها ‬مباحثات ‬القمة، ‬وحاملا ‬معه ‬أيضا ‬هدية ‬ذات ‬مغزى ‬من ‬الرئيس ‬بوتين.‬
الهدية ‬تلقاها ‬السيسي ‬من ‬بوتين ‬عقب ‬مباحثات ‬الغداء ‬في ‬المقر ‬الرئاسي، ‬وهى ‬عبارة ‬عن ‬صورة ‬فوتوغرافية ‬فريدة ‬ليس ‬لها ‬نسخ ‬أخرى، ‬تجمع ‬بين ‬الزعيم ‬جمال ‬عبد الناصر، ‬والزعيم ‬السوفييتي ‬ميخائيل ‬خروشوف ‬في ‬مطلع ‬الستينيات.‬
لعل ‬بوتين ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬للسيسى ‬إن ‬علاقات ‬القاهرة ‬وموسكو ‬ستعود ‬إلى ‬ما ‬كانت ‬في ‬الستينيات، ‬أيام ‬بناء ‬السد ‬العالي ‬والتصنيع ‬الثقيل ‬والتسليح ‬غير ‬المشروط، ‬ولعله ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬الصداقة ‬الوليدة ‬بيني ‬وبينك، ‬ستكون ‬كتلك ‬التي ‬جمعت ‬ناصر ‬وخروشوف.‬
لعله ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬روسيا ‬كانت ‬وستعود ‬صديقا ‬حقيقيا ‬لمصر، ‬لا ‬يملك ‬أجندات ‬خفية ‬ولا ‬خرائط ‬تقسيم، ‬يفتح ‬ذراعيه ‬لمصر، ‬ولا ‬يستدير ‬ليطعنها ‬بغدر!.‬.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.