وفد رسمي وشعبي بسفاجا لتهنئة الإخوة الأقباط بعيد القيامة    سعر جرام الذهب اليوم الأحد في مصر خلال التعاملات المسائية    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    وزير السياحة يستعرض مبادرات دعم القطاع    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي على وسط غزة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    تزامنا مع شم النسيم.. تحرير 80 محضرا في حملات تموينية بجنوب سيناء    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    أمين الفتوى: بركة دعاء السيدة زينب تحمي مصر إلى يومنا    من شريهان إلى محمد عبده.. رحلة 8 فنانين حاربوا السرطان (تقرير)    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    إصابة الفنان محمد عبده بالسرطان ونقله إلى باريس لتلقي العلاج.. (رسالة صوتية)    "الصحة" تشارك بالتأمين الطبى لعيد القيامة المجيد بكنائس الطور وشرم الشيخ    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    منافس الأهلي.. سقوط جديد للترجي قبل نهائي أفريقيا على يد الملعب التونسي (فيديو)    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    السلطات الإسرائيلية تداهم مقرا لقناة الجزيرة فى القدس المحتلة بعد قرار وقف عملها    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    مع اقتراب شم النسيم.. أسرع طريقة لتنظيف الفسيخ والرنجة في المنزل في ثواني    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    كل سنه وانتم طيبين.. عمرو سعد يهنئ متابعيه بمناسبة شم النسيم    التحية لأهالى سيناء    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    «أنا أهم من طه حسين».. يوسف زيدان يوضح تفاصيل حديثه عن عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    البابا تواضروس الثاني: يمكن للتسامح إنهاء كل النزاعات    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر رزق يكتب: أطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ !‬
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 14 - 08 - 2014

على ‬أبواب ‬الفندق ‬الرئاسي ‬بمدينة ‬سوتشي ‬الروسية ‬على ‬شاطئ ‬البحر ‬الأسود، ‬وقف ‬الرئيس ‬فلاديمير ‬بوتين ‬يودع ‬ضيفه ‬الرئيس ‬عبد الفتاح ‬السيسي، ‬بعد ‬مباحثات ‬قمة ‬بدأت ‬في ‬الصباح، ‬وانتهت ‬مع ‬حلول ‬يوم ‬جديد.‬
شد ‬بوتين ‬على ‬يدي ‬السيسي ‬قائلا: ‬‮"‬نحن ‬معك.. ‬ندعم ‬كل ‬خطواتك .. ‬كنت ‬أعرف ‬بل ‬كنت ‬متأكداً ‬أنك ‬ستنجح ‬في ‬انتخابات ‬الرئاسة..‬أعلم ‬أن ‬شعبك ‬لديه ‬أمل ‬فيك، ‬وأنت ‬كما ‬سمعتك ‬وعرفتك ‬على ‬قدر ‬هذا ‬الأمل‮"‬.‬
تعانق ‬الرئيسان، ‬وغادر ‬بوتين ‬المكان.‬
كانت ‬الساعة ‬هى ‬الواحدة ‬من ‬صباح ‬الأربعاء.‬.‮12‬ ‬ساعة ‬كاملة ‬أمضاها ‬السيسي ‬مع ‬بوتين ‬في ‬مباحثات ‬قمة ‬لم ‬تنقطع، ‬في ‬البر ‬جلوسا ‬ومشيا، ‬وفي ‬الجو ‬على ‬متن ‬طائرة ‬هليكوبتر، ‬وفي ‬البحر ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬.‬
نصف ‬زمن ‬زيارة ‬ال‮24‬ ‬ساعة ‬التي ‬قضاها ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬سوتشي، ‬استغرقتها ‬القمة ‬المصرية ‬الروسية، ‬لتسجل ‬رقما ‬قياسيا ‬غير ‬مسبوق ‬كأطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ!‬ الزيارة ‬الخاطفة ‬كان ‬لها ‬ما ‬وراءها، ‬والمباحثات ‬المطولة ‬لها ‬بالقطع ‬ما ‬بعدها.‬

الاحتفاء ‬الهائل ‬بالرئيس ‬السيسي، ‬كان ‬مصدر ‬شعور ‬بالسعادة ‬والزهو ‬لدى ‬رجال ‬الأمن ‬والحراسة ‬المصريين، ‬وكان ‬مثار ‬اهتمام ‬نظرائهم ‬الروس، ‬الذين ‬قالوا ‬لهم: ‬‮"‬لقد ‬صدرت ‬لنا ‬وللأجهزة ‬في ‬الرئاسة ‬الروسية ‬تعليمات ‬مباشرة ‬من ‬الرئيس ‬بوتين، ‬بأن ‬يتم ‬استقبال ‬الرئيس ‬السيسي ‬والترحيب ‬به، ‬بصورة ‬لم ‬يسبق ‬حدوثها ‬لأي ‬رئيس ‬يزور ‬روسيا ‬في ‬أى ‬عهد‮"‬.‬
وبالفعل ‬لم ‬تنقطع ‬مظاهر ‬الحفاوة ‬بالسيسي ‬منذ ‬دخول ‬طائرته ‬الأجواء ‬الروسية ‬فوق ‬مياه ‬البحر ‬الأسود، ‬وحتى ‬مغادرتها ‬لها ‬في ‬طريق ‬العودة ‬إلى ‬القاهرة ‬ظهر ‬أمس ‬الأول.‬
من ‬نوافذ ‬طائرة ‬الرئاسة ‬المصرية، ‬عرف ‬السيسي ‬ومرافقوه، ‬أنهم ‬بلغوا ‬المجال ‬الجوى ‬الروسي ‬، ‬حينما ‬شاهدوا ‬سربا ‬من ‬مقاتلات ‬‮"‬السوخوي‮"‬ ‬تحلق ‬على ‬جانبي ‬الطائرة، ‬ومن ‬فوقها ‬وأسفلها، ‬ترحيبا ‬بطائرة ‬الرئاسة ‬ومستقليها، ‬في ‬مشهد ‬لا ‬يذكر ‬الجيل ‬الحالي ‬من ‬الطيارين ‬الروس ‬مثيلا ‬له.‬
وعندما ‬حطت ‬طائرة ‬الرئيس ‬على ‬أرض ‬مطار ‬‮"‬سوتشى‮"‬، ‬كانت ‬الموسيقات ‬العسكرية ‬وحرس ‬الشرف ‬في ‬انتظار ‬السيسي ‬، ‬لأول ‬مرة ‬في ‬تقاليد ‬استقبال ‬رؤساء ‬الدول ‬بهذه ‬المدينة، ‬بينما ‬كان ‬على ‬رأس ‬المستقبلين ‬سيرجى ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬أحد ‬أهم ‬أركان ‬حكم ‬بوتين.‬
في ‬المطار.. ‬تفقد ‬السيسي ‬ولافروف ‬معرضا ‬لبعض ‬من ‬أحدث ‬مركبات ‬القتال ‬المدرعة ‬ومنظومات ‬الدفاع ‬الجوى ‬الروسية، ‬وكان ‬اختيار ‬هذه ‬النوعيات ‬له ‬مغزى ‬يعرفه ‬الروس ‬والمصريون.‬
ثم ‬اصطحب ‬لافروف ‬الرئيس ‬السيسي، ‬في ‬موكب ‬من ‬السيارات، ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية ‬بسوتشي ‬التي ‬استضافت ‬دورة ‬الألعاب ‬الأوليمبية ‬الشتوية.‬
في ‬تمام ‬الواحدة ‬ظهرا.. ‬كان ‬بوتين ‬في ‬استقبال ‬السيسي، ‬عند ‬مدخل ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬لم ‬يكن ‬الرئيس ‬الروسي ‬يرتدي ‬‮"رابطة ‬عنق ‬‮"‬ ‬، ‬في ‬إشارة ‬لأن ‬الزيارة ‬وبرنامجها ‬خارج ‬‮"‬البروتوكول‮"‬.‬
في ‬القرية ‬الأوليمبية.. ‬شرح ‬بوتين ‬لرئيس ‬مصر ‬، ‬المنشآت ‬التي ‬تم ‬تشييدها ‬بالقرية ‬لرياضات ‬الرماية ‬والتزحلق ‬على ‬الجليد ‬وهوكي ‬الانزلاق ‬وغيرها.‬
ثم ‬اصطحب ‬الرئيس ‬الروسي، ‬ضيفه ‬الكبير ‬إلى ‬غرفة ‬صالون ‬في ‬إحدى ‬القاعات، ‬في ‬جلسة ‬مباحثات ‬مغلقة ‬اقتصرت ‬عليهما.‬
بعدها.. ‬توجه ‬الرئيسان ‬إلى ‬ممشى ‬في ‬قلب ‬المدينة، ‬وتجولا ‬معاً ‬وسط ‬المارة ‬الذين ‬تجمعوا ‬حولهما ‬يلتقطون ‬الصور، ‬ويشيرون ‬بأيديهم ‬مرحبين ‬بالرئيس ‬السيسي.‬
ثم ‬اصطحب ‬بوتين ‬السيسي ‬إلى ‬مقهى ‬سياحي ‬في ‬الممشى ‬، ‬لاستكمال ‬الحديث ‬على ‬أكواب ‬الشاي.‬
عاد ‬بوتين ‬والسيسي ‬بعد ‬ذلك ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬واستقلا ‬طائرة ‬هليكوبتر ‬إلى ‬مقر ‬الرئيس ‬الروسي ‬في ‬سوتشي، ‬وهناك ‬ركب ‬الرئيسان ‬سيارة ‬كهربائية ‬قادها ‬بوتين ‬بنفسه.‬
وترك ‬بوتين، ‬السيسي ‬بعض ‬الوقت، ‬ليبدل ‬ملابسه ‬في ‬غرفة ‬جانبية.‬
وهنا ‬تداعت ‬إلى ‬أذهان ‬بعض ‬رجال ‬الرئاسة ‬المصريين ‬، ‬ممن ‬عاصروا ‬زيارة ‬الرئيس ‬الأسبق ‬محمد ‬مرسى ‬إلى ‬سوتشى ‬، ‬ذكريات ‬تلك ‬الزيارة ‬الكارثية، ‬حينما ‬ألح ‬مرسى ‬على ‬أن ‬يلتقي ‬بوتين، ‬وجاء ‬إلى ‬هذه ‬الغرفة ‬بالذات، ‬وانتظر ‬ساعتين ‬فيها، ‬حتى ‬جاءه ‬الرئيس ‬الروسي، ‬وكان ‬أول ‬ما ‬طلبه ‬مرسى ‬أن ‬ترفع ‬جماعة ‬الإخوان ‬من ‬القائمة ‬الروسية ‬للمنظمات ‬الإرهابية، ‬ولم ‬يخف ‬بوتين ‬ضيقه ‬من ‬مرسى، ‬ولم ‬يقتصد ‬معاونو ‬بوتين ‬ووزراؤه ‬في ‬السخرية ‬في ‬تصريحاتهم ‬من ‬هذا ‬الرجل ‬الذي ‬لا ‬يرقى ‬بأي ‬حال ‬إلى ‬مستوى ‬بلد ‬كبير ‬بحجم ‬مصر.‬
في ‬المقر ‬الرئيسي ‬بسوتشي‬، ‬عقد ‬بوتين ‬والسيسي ‬جلسة ‬مباحثات ‬موسعة، ‬كانت ‬أقرب ‬ما ‬تكون ‬إلى ‬جلسة ‬مساءلة ‬أو ‬استجواب ‬من ‬جانب ‬الرئيس ‬الروسي ‬لوزرائه، ‬كل ‬في ‬اختصاصه، ‬عما ‬تم ‬إنجازه، ‬في ‬مجالات ‬التعاون ‬مع ‬مصر، ‬في ‬الزراعة، ‬والتجارة ‬والاستثمار، ‬والصناعة .
‬وطرح ‬بوتين ‬اقتراحا ‬بإقامة ‬مركز ‬لوجيستي ‬لمصر ‬في ‬روسيا ‬على ‬البحر ‬الأسود، ‬مثلما ‬رحب ‬بإقامة ‬منطقة ‬صناعية ‬روسية ‬في ‬مشروع ‬محور ‬قناة ‬السويس.‬
امتدت ‬المباحثات ‬على ‬مأدبة ‬غداء، ‬وتحدث ‬بوتين ‬عن ‬الوفر ‬الهائل ‬في ‬محصول ‬القمح ‬الروسي ‬الذي ‬يفيض ‬عن ‬الاحتياجات ‬الداخلية ‬بمقدار ‬خمسة ‬ملايين ‬طن، ‬وقال ‬إنه ‬يعلم ‬إن ‬مصر ‬هى ‬أكبر ‬مستورد ‬للقمح ‬في ‬العالم، ‬وإنه ‬مستعد ‬لتقديم ‬كل ‬هذه ‬الكمية ‬إلى ‬مصر، ‬لتأمين ‬كل ‬احتياجاتها.‬
إلى ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬الراسية ‬في ‬القاعدة ‬العسكرية ‬بسوتشي، ‬توجه ‬الرئيسان، ‬وهناك ‬جرى ‬استقبال ‬رسمي ‬لهما، ‬بحضور ‬قائد ‬الأسطول ‬الروسي ‬في ‬البحر ‬الأسود.‬
على ‬ظهر ‬الفرقاطة، ‬جرت ‬جلسة ‬جديدة ‬من ‬مباحثات ‬القمة، ‬تركزت ‬هذه ‬المرة ‬على ‬شق ‬التعاون ‬العسكري، ‬وهو ‬بالمناسبة، ‬وإن ‬خفت ‬وتيرته ‬في ‬بعض ‬العهود، ‬إلا ‬أنه ‬لم ‬ينقطع ‬أبداً ‬منذ ‬أول ‬صفقة ‬أسلحة ‬روسية ‬تلقتها ‬مصر ‬قبل ‬قرابة ‬‮60‬ ‬عاما ‬مضت!‬
ومثلما ‬جرى ‬مع ‬الوزراء ‬الروس ‬في ‬مباحثات ‬المقر ‬الرئاسي، ‬سأل ‬الرئيس ‬بوتين ‬كل ‬جنرال ‬روسي ‬في ‬اختصاصه ‬عما ‬تم ‬في ‬التعاون ‬العسكري ‬مع ‬مصر ‬في ‬مجالات ‬التسليح ‬والمنح ‬التدريبية ‬للمبعوثين ‬والتدريبات ‬العسكرية ‬المشتركة.‬
ودون ‬الخوض ‬في ‬تفاصيل.. ‬كانت ‬استجابة ‬الرئيس ‬بوتين ‬كاملة ‬لكل ‬مطالب ‬مصر.. ‬قائلا: ‬‮"إن ‬مصر ‬بلد ‬صديق ‬وكبير ‬، ‬ولها ‬وضعها ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬وقد ‬عادت ‬الآن ‬إلى ‬مكانها ‬ومكانتها‮"‬.‬
أكثر ‬من ‬ساعة، ‬استغرقتها ‬جلسة ‬المباحثات ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬ثم ‬غادر ‬الرئيسان ‬القاعدة ‬العسكرية.‬
ودعا ‬بوتين ‬السيسي ‬لحضور ‬عرض ‬للرقص ‬على ‬الجليد، ‬ولفت ‬الأداء ‬الراقي ‬انتباه ‬الرئيس ‬السيسي، ‬فأوضح ‬له ‬بوتين ‬أن ‬المشاركين ‬في ‬العرض ‬هم ‬أبطال ‬عالم ‬سابقون ‬في ‬التزحلق ‬والرقص ‬الإيقاعي ‬على ‬الجليد، ‬وتتم ‬الاستعانة ‬بهم ‬في ‬العروض ‬الفنية، ‬بعد ‬فوزهم ‬بالبطولات ‬الأوليمبية ‬والعالمية.‬
يحين ‬وقت ‬العشاء.. ‬ويكسر ‬بوتين ‬مجددا ‬قواعد ‬البروتوكول، ‬ويقرر ‬بدلا ‬من ‬أن ‬يتناول ‬الطعام ‬مع ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬أجواء ‬المقر ‬الرئاسي ‬الرسمية، ‬أن ‬يدعوه ‬إلى ‬مطعم ‬الأسماك ‬الشهير ‬بسوتشى ‬الذي ‬يعد ‬واحدا ‬من ‬أفخم ‬‮5‬ ‬مطاعم ‬في ‬العالم، ‬لتناول ‬عشاء ‬من ‬المأكولات ‬البحرية ‬التي ‬يشتهر ‬بها ‬البحر ‬الأسود.‬
وهناك ‬يكمل ‬الرئيسان ‬مباحثاتهما ‬على ‬العشاء ‬حتى ‬الواحدة ‬صباحا، ‬في ‬جلسة ‬منفردة، ‬لم ‬يحضرها ‬المترجم.‬
ويميل ‬أحد ‬أعضاء ‬الوفد ‬الروسي، ‬على ‬مسئول ‬مصري.. ‬مشيرا ‬إلى ‬الرئيسين ‬قائلا: ‬‮"هناك ‬أوجه ‬شبه ‬بين ‬الرجلين، ‬حتى ‬في ‬الهيئة ‬والقامة ‬وطريقة ‬المشي‮"‬.. ‬ثم ‬يضيف: ‬‮"‬أظن ‬أن ‬هناك ‬كيمياء ‬شخصية ‬وجدت ‬طريقها ‬بين ‬الرئيسين.
‬.فبوتين ‬يرى ‬في ‬السيسي ‬نفسه ‬حينما ‬تولى ‬رئاسة ‬روسيا ‬بعدما ‬شارفت ‬على ‬الانهيار ‬في ‬عهد ‬يلتسين.. ‬والسيسي ‬يرى ‬في ‬بوتين ‬نموذجاً ‬لقائد ‬استطاع ‬أن ‬ينتشل ‬بلاده ‬من ‬مصير ‬محتوم ‬وأن ‬ينهض ‬بها ‬لتعود ‬قوة ‬عظمى ‬من ‬جديد.‬
صباح ‬أول ‬أمس ‬الأربعاء.. ‬جاء ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬إلى ‬الفندق ‬الرئاسي ‬لاصطحاب ‬الرئيس ‬السيسي ‬ومرافقيه ‬إلى ‬مطار ‬سوتشى، ‬وهناك ‬جرت ‬مجددا ‬مراسم ‬رسمية ‬مصحوبة ‬بحرس ‬الشرف ‬الرئاسي ‬في ‬وداع ‬رئيس ‬مصر.‬
استقل ‬الرئيس ‬السيسي ‬طائرة ‬الرئاسة ‬عائدا ‬إلى ‬القاهرة، ‬حاملا ‬مشاعر ‬امتنان ‬لحفاوة ‬الاستقبال، ‬وقبلها ‬مشاعر ‬ارتياح ‬للنتائج ‬فوق ‬المتوقعة ‬التي ‬أسفرت ‬عنها ‬مباحثات ‬القمة، ‬وحاملا ‬معه ‬أيضا ‬هدية ‬ذات ‬مغزى ‬من ‬الرئيس ‬بوتين.‬
الهدية ‬تلقاها ‬السيسي ‬من ‬بوتين ‬عقب ‬مباحثات ‬الغداء ‬في ‬المقر ‬الرئاسي، ‬وهى ‬عبارة ‬عن ‬صورة ‬فوتوغرافية ‬فريدة ‬ليس ‬لها ‬نسخ ‬أخرى، ‬تجمع ‬بين ‬الزعيم ‬جمال ‬عبد الناصر، ‬والزعيم ‬السوفييتي ‬ميخائيل ‬خروشوف ‬في ‬مطلع ‬الستينيات.‬
لعل ‬بوتين ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬للسيسى ‬إن ‬علاقات ‬القاهرة ‬وموسكو ‬ستعود ‬إلى ‬ما ‬كانت ‬في ‬الستينيات، ‬أيام ‬بناء ‬السد ‬العالي ‬والتصنيع ‬الثقيل ‬والتسليح ‬غير ‬المشروط، ‬ولعله ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬الصداقة ‬الوليدة ‬بيني ‬وبينك، ‬ستكون ‬كتلك ‬التي ‬جمعت ‬ناصر ‬وخروشوف.‬
لعله ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬روسيا ‬كانت ‬وستعود ‬صديقا ‬حقيقيا ‬لمصر، ‬لا ‬يملك ‬أجندات ‬خفية ‬ولا ‬خرائط ‬تقسيم، ‬يفتح ‬ذراعيه ‬لمصر، ‬ولا ‬يستدير ‬ليطعنها ‬بغدر!.‬.
على ‬أبواب ‬الفندق ‬الرئاسي ‬بمدينة ‬سوتشي ‬الروسية ‬على ‬شاطئ ‬البحر ‬الأسود، ‬وقف ‬الرئيس ‬فلاديمير ‬بوتين ‬يودع ‬ضيفه ‬الرئيس ‬عبد الفتاح ‬السيسي، ‬بعد ‬مباحثات ‬قمة ‬بدأت ‬في ‬الصباح، ‬وانتهت ‬مع ‬حلول ‬يوم ‬جديد.‬
شد ‬بوتين ‬على ‬يدي ‬السيسي ‬قائلا: ‬‮"‬نحن ‬معك.. ‬ندعم ‬كل ‬خطواتك .. ‬كنت ‬أعرف ‬بل ‬كنت ‬متأكداً ‬أنك ‬ستنجح ‬في ‬انتخابات ‬الرئاسة..‬أعلم ‬أن ‬شعبك ‬لديه ‬أمل ‬فيك، ‬وأنت ‬كما ‬سمعتك ‬وعرفتك ‬على ‬قدر ‬هذا ‬الأمل‮"‬.‬
تعانق ‬الرئيسان، ‬وغادر ‬بوتين ‬المكان.‬
كانت ‬الساعة ‬هى ‬الواحدة ‬من ‬صباح ‬الأربعاء.‬.‮12‬ ‬ساعة ‬كاملة ‬أمضاها ‬السيسي ‬مع ‬بوتين ‬في ‬مباحثات ‬قمة ‬لم ‬تنقطع، ‬في ‬البر ‬جلوسا ‬ومشيا، ‬وفي ‬الجو ‬على ‬متن ‬طائرة ‬هليكوبتر، ‬وفي ‬البحر ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬.‬
نصف ‬زمن ‬زيارة ‬ال‮24‬ ‬ساعة ‬التي ‬قضاها ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬سوتشي، ‬استغرقتها ‬القمة ‬المصرية ‬الروسية، ‬لتسجل ‬رقما ‬قياسيا ‬غير ‬مسبوق ‬كأطول ‬مباحثات ‬قمة ‬في ‬التاريخ!‬ الزيارة ‬الخاطفة ‬كان ‬لها ‬ما ‬وراءها، ‬والمباحثات ‬المطولة ‬لها ‬بالقطع ‬ما ‬بعدها.‬

الاحتفاء ‬الهائل ‬بالرئيس ‬السيسي، ‬كان ‬مصدر ‬شعور ‬بالسعادة ‬والزهو ‬لدى ‬رجال ‬الأمن ‬والحراسة ‬المصريين، ‬وكان ‬مثار ‬اهتمام ‬نظرائهم ‬الروس، ‬الذين ‬قالوا ‬لهم: ‬‮"‬لقد ‬صدرت ‬لنا ‬وللأجهزة ‬في ‬الرئاسة ‬الروسية ‬تعليمات ‬مباشرة ‬من ‬الرئيس ‬بوتين، ‬بأن ‬يتم ‬استقبال ‬الرئيس ‬السيسي ‬والترحيب ‬به، ‬بصورة ‬لم ‬يسبق ‬حدوثها ‬لأي ‬رئيس ‬يزور ‬روسيا ‬في ‬أى ‬عهد‮"‬.‬
وبالفعل ‬لم ‬تنقطع ‬مظاهر ‬الحفاوة ‬بالسيسي ‬منذ ‬دخول ‬طائرته ‬الأجواء ‬الروسية ‬فوق ‬مياه ‬البحر ‬الأسود، ‬وحتى ‬مغادرتها ‬لها ‬في ‬طريق ‬العودة ‬إلى ‬القاهرة ‬ظهر ‬أمس ‬الأول.‬
من ‬نوافذ ‬طائرة ‬الرئاسة ‬المصرية، ‬عرف ‬السيسي ‬ومرافقوه، ‬أنهم ‬بلغوا ‬المجال ‬الجوى ‬الروسي ‬، ‬حينما ‬شاهدوا ‬سربا ‬من ‬مقاتلات ‬‮"‬السوخوي‮"‬ ‬تحلق ‬على ‬جانبي ‬الطائرة، ‬ومن ‬فوقها ‬وأسفلها، ‬ترحيبا ‬بطائرة ‬الرئاسة ‬ومستقليها، ‬في ‬مشهد ‬لا ‬يذكر ‬الجيل ‬الحالي ‬من ‬الطيارين ‬الروس ‬مثيلا ‬له.‬
وعندما ‬حطت ‬طائرة ‬الرئيس ‬على ‬أرض ‬مطار ‬‮"‬سوتشى‮"‬، ‬كانت ‬الموسيقات ‬العسكرية ‬وحرس ‬الشرف ‬في ‬انتظار ‬السيسي ‬، ‬لأول ‬مرة ‬في ‬تقاليد ‬استقبال ‬رؤساء ‬الدول ‬بهذه ‬المدينة، ‬بينما ‬كان ‬على ‬رأس ‬المستقبلين ‬سيرجى ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬أحد ‬أهم ‬أركان ‬حكم ‬بوتين.‬
في ‬المطار.. ‬تفقد ‬السيسي ‬ولافروف ‬معرضا ‬لبعض ‬من ‬أحدث ‬مركبات ‬القتال ‬المدرعة ‬ومنظومات ‬الدفاع ‬الجوى ‬الروسية، ‬وكان ‬اختيار ‬هذه ‬النوعيات ‬له ‬مغزى ‬يعرفه ‬الروس ‬والمصريون.‬
ثم ‬اصطحب ‬لافروف ‬الرئيس ‬السيسي، ‬في ‬موكب ‬من ‬السيارات، ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية ‬بسوتشي ‬التي ‬استضافت ‬دورة ‬الألعاب ‬الأوليمبية ‬الشتوية.‬
في ‬تمام ‬الواحدة ‬ظهرا.. ‬كان ‬بوتين ‬في ‬استقبال ‬السيسي، ‬عند ‬مدخل ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬لم ‬يكن ‬الرئيس ‬الروسي ‬يرتدي ‬‮"رابطة ‬عنق ‬‮"‬ ‬، ‬في ‬إشارة ‬لأن ‬الزيارة ‬وبرنامجها ‬خارج ‬‮"‬البروتوكول‮"‬.‬
في ‬القرية ‬الأوليمبية.. ‬شرح ‬بوتين ‬لرئيس ‬مصر ‬، ‬المنشآت ‬التي ‬تم ‬تشييدها ‬بالقرية ‬لرياضات ‬الرماية ‬والتزحلق ‬على ‬الجليد ‬وهوكي ‬الانزلاق ‬وغيرها.‬
ثم ‬اصطحب ‬الرئيس ‬الروسي، ‬ضيفه ‬الكبير ‬إلى ‬غرفة ‬صالون ‬في ‬إحدى ‬القاعات، ‬في ‬جلسة ‬مباحثات ‬مغلقة ‬اقتصرت ‬عليهما.‬
بعدها.. ‬توجه ‬الرئيسان ‬إلى ‬ممشى ‬في ‬قلب ‬المدينة، ‬وتجولا ‬معاً ‬وسط ‬المارة ‬الذين ‬تجمعوا ‬حولهما ‬يلتقطون ‬الصور، ‬ويشيرون ‬بأيديهم ‬مرحبين ‬بالرئيس ‬السيسي.‬
ثم ‬اصطحب ‬بوتين ‬السيسي ‬إلى ‬مقهى ‬سياحي ‬في ‬الممشى ‬، ‬لاستكمال ‬الحديث ‬على ‬أكواب ‬الشاي.‬
عاد ‬بوتين ‬والسيسي ‬بعد ‬ذلك ‬إلى ‬القرية ‬الأوليمبية، ‬واستقلا ‬طائرة ‬هليكوبتر ‬إلى ‬مقر ‬الرئيس ‬الروسي ‬في ‬سوتشي، ‬وهناك ‬ركب ‬الرئيسان ‬سيارة ‬كهربائية ‬قادها ‬بوتين ‬بنفسه.‬
وترك ‬بوتين، ‬السيسي ‬بعض ‬الوقت، ‬ليبدل ‬ملابسه ‬في ‬غرفة ‬جانبية.‬
وهنا ‬تداعت ‬إلى ‬أذهان ‬بعض ‬رجال ‬الرئاسة ‬المصريين ‬، ‬ممن ‬عاصروا ‬زيارة ‬الرئيس ‬الأسبق ‬محمد ‬مرسى ‬إلى ‬سوتشى ‬، ‬ذكريات ‬تلك ‬الزيارة ‬الكارثية، ‬حينما ‬ألح ‬مرسى ‬على ‬أن ‬يلتقي ‬بوتين، ‬وجاء ‬إلى ‬هذه ‬الغرفة ‬بالذات، ‬وانتظر ‬ساعتين ‬فيها، ‬حتى ‬جاءه ‬الرئيس ‬الروسي، ‬وكان ‬أول ‬ما ‬طلبه ‬مرسى ‬أن ‬ترفع ‬جماعة ‬الإخوان ‬من ‬القائمة ‬الروسية ‬للمنظمات ‬الإرهابية، ‬ولم ‬يخف ‬بوتين ‬ضيقه ‬من ‬مرسى، ‬ولم ‬يقتصد ‬معاونو ‬بوتين ‬ووزراؤه ‬في ‬السخرية ‬في ‬تصريحاتهم ‬من ‬هذا ‬الرجل ‬الذي ‬لا ‬يرقى ‬بأي ‬حال ‬إلى ‬مستوى ‬بلد ‬كبير ‬بحجم ‬مصر.‬
في ‬المقر ‬الرئيسي ‬بسوتشي‬، ‬عقد ‬بوتين ‬والسيسي ‬جلسة ‬مباحثات ‬موسعة، ‬كانت ‬أقرب ‬ما ‬تكون ‬إلى ‬جلسة ‬مساءلة ‬أو ‬استجواب ‬من ‬جانب ‬الرئيس ‬الروسي ‬لوزرائه، ‬كل ‬في ‬اختصاصه، ‬عما ‬تم ‬إنجازه، ‬في ‬مجالات ‬التعاون ‬مع ‬مصر، ‬في ‬الزراعة، ‬والتجارة ‬والاستثمار، ‬والصناعة .
‬وطرح ‬بوتين ‬اقتراحا ‬بإقامة ‬مركز ‬لوجيستي ‬لمصر ‬في ‬روسيا ‬على ‬البحر ‬الأسود، ‬مثلما ‬رحب ‬بإقامة ‬منطقة ‬صناعية ‬روسية ‬في ‬مشروع ‬محور ‬قناة ‬السويس.‬
امتدت ‬المباحثات ‬على ‬مأدبة ‬غداء، ‬وتحدث ‬بوتين ‬عن ‬الوفر ‬الهائل ‬في ‬محصول ‬القمح ‬الروسي ‬الذي ‬يفيض ‬عن ‬الاحتياجات ‬الداخلية ‬بمقدار ‬خمسة ‬ملايين ‬طن، ‬وقال ‬إنه ‬يعلم ‬إن ‬مصر ‬هى ‬أكبر ‬مستورد ‬للقمح ‬في ‬العالم، ‬وإنه ‬مستعد ‬لتقديم ‬كل ‬هذه ‬الكمية ‬إلى ‬مصر، ‬لتأمين ‬كل ‬احتياجاتها.‬
إلى ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬الراسية ‬في ‬القاعدة ‬العسكرية ‬بسوتشي، ‬توجه ‬الرئيسان، ‬وهناك ‬جرى ‬استقبال ‬رسمي ‬لهما، ‬بحضور ‬قائد ‬الأسطول ‬الروسي ‬في ‬البحر ‬الأسود.‬
على ‬ظهر ‬الفرقاطة، ‬جرت ‬جلسة ‬جديدة ‬من ‬مباحثات ‬القمة، ‬تركزت ‬هذه ‬المرة ‬على ‬شق ‬التعاون ‬العسكري، ‬وهو ‬بالمناسبة، ‬وإن ‬خفت ‬وتيرته ‬في ‬بعض ‬العهود، ‬إلا ‬أنه ‬لم ‬ينقطع ‬أبداً ‬منذ ‬أول ‬صفقة ‬أسلحة ‬روسية ‬تلقتها ‬مصر ‬قبل ‬قرابة ‬‮60‬ ‬عاما ‬مضت!‬
ومثلما ‬جرى ‬مع ‬الوزراء ‬الروس ‬في ‬مباحثات ‬المقر ‬الرئاسي، ‬سأل ‬الرئيس ‬بوتين ‬كل ‬جنرال ‬روسي ‬في ‬اختصاصه ‬عما ‬تم ‬في ‬التعاون ‬العسكري ‬مع ‬مصر ‬في ‬مجالات ‬التسليح ‬والمنح ‬التدريبية ‬للمبعوثين ‬والتدريبات ‬العسكرية ‬المشتركة.‬
ودون ‬الخوض ‬في ‬تفاصيل.. ‬كانت ‬استجابة ‬الرئيس ‬بوتين ‬كاملة ‬لكل ‬مطالب ‬مصر.. ‬قائلا: ‬‮"إن ‬مصر ‬بلد ‬صديق ‬وكبير ‬، ‬ولها ‬وضعها ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬وقد ‬عادت ‬الآن ‬إلى ‬مكانها ‬ومكانتها‮"‬.‬
أكثر ‬من ‬ساعة، ‬استغرقتها ‬جلسة ‬المباحثات ‬على ‬ظهر ‬الفرقاطة ‬‮"‬موسكو‮"‬، ‬ثم ‬غادر ‬الرئيسان ‬القاعدة ‬العسكرية.‬
ودعا ‬بوتين ‬السيسي ‬لحضور ‬عرض ‬للرقص ‬على ‬الجليد، ‬ولفت ‬الأداء ‬الراقي ‬انتباه ‬الرئيس ‬السيسي، ‬فأوضح ‬له ‬بوتين ‬أن ‬المشاركين ‬في ‬العرض ‬هم ‬أبطال ‬عالم ‬سابقون ‬في ‬التزحلق ‬والرقص ‬الإيقاعي ‬على ‬الجليد، ‬وتتم ‬الاستعانة ‬بهم ‬في ‬العروض ‬الفنية، ‬بعد ‬فوزهم ‬بالبطولات ‬الأوليمبية ‬والعالمية.‬
يحين ‬وقت ‬العشاء.. ‬ويكسر ‬بوتين ‬مجددا ‬قواعد ‬البروتوكول، ‬ويقرر ‬بدلا ‬من ‬أن ‬يتناول ‬الطعام ‬مع ‬الرئيس ‬السيسي ‬في ‬أجواء ‬المقر ‬الرئاسي ‬الرسمية، ‬أن ‬يدعوه ‬إلى ‬مطعم ‬الأسماك ‬الشهير ‬بسوتشى ‬الذي ‬يعد ‬واحدا ‬من ‬أفخم ‬‮5‬ ‬مطاعم ‬في ‬العالم، ‬لتناول ‬عشاء ‬من ‬المأكولات ‬البحرية ‬التي ‬يشتهر ‬بها ‬البحر ‬الأسود.‬
وهناك ‬يكمل ‬الرئيسان ‬مباحثاتهما ‬على ‬العشاء ‬حتى ‬الواحدة ‬صباحا، ‬في ‬جلسة ‬منفردة، ‬لم ‬يحضرها ‬المترجم.‬
ويميل ‬أحد ‬أعضاء ‬الوفد ‬الروسي، ‬على ‬مسئول ‬مصري.. ‬مشيرا ‬إلى ‬الرئيسين ‬قائلا: ‬‮"هناك ‬أوجه ‬شبه ‬بين ‬الرجلين، ‬حتى ‬في ‬الهيئة ‬والقامة ‬وطريقة ‬المشي‮"‬.. ‬ثم ‬يضيف: ‬‮"‬أظن ‬أن ‬هناك ‬كيمياء ‬شخصية ‬وجدت ‬طريقها ‬بين ‬الرئيسين.
‬.فبوتين ‬يرى ‬في ‬السيسي ‬نفسه ‬حينما ‬تولى ‬رئاسة ‬روسيا ‬بعدما ‬شارفت ‬على ‬الانهيار ‬في ‬عهد ‬يلتسين.. ‬والسيسي ‬يرى ‬في ‬بوتين ‬نموذجاً ‬لقائد ‬استطاع ‬أن ‬ينتشل ‬بلاده ‬من ‬مصير ‬محتوم ‬وأن ‬ينهض ‬بها ‬لتعود ‬قوة ‬عظمى ‬من ‬جديد.‬
صباح ‬أول ‬أمس ‬الأربعاء.. ‬جاء ‬لافروف ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي ‬إلى ‬الفندق ‬الرئاسي ‬لاصطحاب ‬الرئيس ‬السيسي ‬ومرافقيه ‬إلى ‬مطار ‬سوتشى، ‬وهناك ‬جرت ‬مجددا ‬مراسم ‬رسمية ‬مصحوبة ‬بحرس ‬الشرف ‬الرئاسي ‬في ‬وداع ‬رئيس ‬مصر.‬
استقل ‬الرئيس ‬السيسي ‬طائرة ‬الرئاسة ‬عائدا ‬إلى ‬القاهرة، ‬حاملا ‬مشاعر ‬امتنان ‬لحفاوة ‬الاستقبال، ‬وقبلها ‬مشاعر ‬ارتياح ‬للنتائج ‬فوق ‬المتوقعة ‬التي ‬أسفرت ‬عنها ‬مباحثات ‬القمة، ‬وحاملا ‬معه ‬أيضا ‬هدية ‬ذات ‬مغزى ‬من ‬الرئيس ‬بوتين.‬
الهدية ‬تلقاها ‬السيسي ‬من ‬بوتين ‬عقب ‬مباحثات ‬الغداء ‬في ‬المقر ‬الرئاسي، ‬وهى ‬عبارة ‬عن ‬صورة ‬فوتوغرافية ‬فريدة ‬ليس ‬لها ‬نسخ ‬أخرى، ‬تجمع ‬بين ‬الزعيم ‬جمال ‬عبد الناصر، ‬والزعيم ‬السوفييتي ‬ميخائيل ‬خروشوف ‬في ‬مطلع ‬الستينيات.‬
لعل ‬بوتين ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬للسيسى ‬إن ‬علاقات ‬القاهرة ‬وموسكو ‬ستعود ‬إلى ‬ما ‬كانت ‬في ‬الستينيات، ‬أيام ‬بناء ‬السد ‬العالي ‬والتصنيع ‬الثقيل ‬والتسليح ‬غير ‬المشروط، ‬ولعله ‬كان ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬الصداقة ‬الوليدة ‬بيني ‬وبينك، ‬ستكون ‬كتلك ‬التي ‬جمعت ‬ناصر ‬وخروشوف.‬
لعله ‬يريد ‬أن ‬يقول ‬إن ‬روسيا ‬كانت ‬وستعود ‬صديقا ‬حقيقيا ‬لمصر، ‬لا ‬يملك ‬أجندات ‬خفية ‬ولا ‬خرائط ‬تقسيم، ‬يفتح ‬ذراعيه ‬لمصر، ‬ولا ‬يستدير ‬ليطعنها ‬بغدر!.‬.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.