مراحل متعددة تمر بها رحلة الخضراوات بدءا من بذور يغرسها الفلاح في الأرض وصولا إلي معدة المستهلك.. ومع استمرار الارتفاع الجنوني لأسعار الخضراوات بشكل مبالغ فيه لم يعهده المواطن منذ زمن بعيد. فلا يخلو منزل داخل مصر لم يكتو بنار ارتفاع أسعار الخضار خلال الأيام الماضية وعاني فيها المواطن الذي أصبح بين مطرقة تجار الجملة وسندان تجار التجزئة الأمر الذي أدي إلي حالة ركود في حركة البيع والشراء لم تشهدها الأسواق من قبل.. مما دفعنا إلي تتبع المراحل التي تمر بها الخضراوات من الأرض حتي العرض.. فجميع القائمين علي رحلة الخضار بداية من الفلاح حتي تجار الجملة والتجزئة يعانون ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات والأيدي العاملة حتي ارتفاع تكلفة النقل إلي الأسواق الأمر الذي دفع الفلاح والتاجر إلي رفع سعر »الزرعة» ليحقق له هامش ربح يتعدي التكلفة ويبقي المواطن وحيدا في مواجهة جنون الأسعار.. فالكل يحاول جاهدا تفادي الخسارة التي يتحمل تبعاتها المستهلك منفردا. بدأت رحلة »الأخبار» بأولي خطوات انتاج الخضريوات وبطلها الفلاح داخل أرضه الذي اشتكي من ارتفاع أسعار البذور رغم قلة جودتها وكذلك ارتفاع تكاليف السماد والأيدي العاملة وزيادة إيجار الأرض الزراعية بالاضافة إلي ضعف انتاجية الفدان الواحد والتي وصلت إلي النصف بسبب تلف البذور خاصة الطماطم كما أن الأحوال الجوية وارتفاع درجات الحرارة أدي إلي تهالك كميات كببرة من الخضار.. وطالب جميع المزارعين بتدخل الدولة وحل أزمة البذور المغشوشة بجانب دعمهم للفلاح من خلال اعطائه السماد ومستلزمات الزراعة الأخري بسعر مدعم في مقابل أن تأخذ الدولة المحصول بسعر رخيص وتقوم بتوزيعه ومراقبة الأسعار حتي يتم منع احتكار السوق من جانب تجار الجملة. ففي مركزي البدرشين والعياط والذي تنتشر به زراعة الخضراوات بمختلف أنواعه.. فرحات راشد, مهندس زراعي, ومشرف علي زراعة الخضار في احدي المزارع بقرية »برنشط» بالعياط اقتربنا منه لمعرفة الخلل في ارتفاع الأسعار رد قائلا » الفلاح هو العنصر الوحيد المظلوم في مسألة ارتفاع الأسعار, حيث إننا نكلف الزرع تكاليف باهظة, ثم يشتريه التاجر بسعر يكاد يكفي مصاريفه, ثم نتفاجأ بأن السعر وصل السوق بزيادة تتعدي 100٪ وعن الخضراوات التي يقوم بزراعتها ومدي التكلفة التي يتحملها الفدان الواحد, قال إن إيجار الفدان 10 آلاف جنيه كل عام بغض النظر عن نوع الخضار الذي سوف يتم زراعته, مضيفاً :»الكوسة نزرعها مرتين في العام »عروتين» وتظل في الأرض 35 يوما حتي يظهر انتاجها, ثم نقوم بتجميعها لمدة 60 يوما علي مدار الزرعة الواحدة, يحتاج الفدان الواحد إلي خمسة أكياس بذور بتكلفة 550 جنيها, وسعر البذرة ثابت منذ سنوات لم يطرأ عليه زيادات جديدة, ويحتاج الفدان قبل زراعته إلي تغذية تتكون من »سبلة» بتكلفة 1700 جنيه, وأربع عربات رمل تكلفة العربة 250 جنيها, وبعض الزرع يحتاج الفدان إلي تسميد بتكلفة 3000 جنيه, وتكلفة العمالة في العروة الواحدة للفدان الواحد 14 ألف جنيه».. مشيراً إلي أنه يتحمل تكاليف النقل إلي السوق بعد شراء المحصول من قبل التاجر, وتكون تكلفة النقل للفدان الواحد يومياً 100جنيه. بجوار زراعة الكوسة كان يزرع مساحات كبيرة من الخيار فيقول:» في العياط الجميع يزرع »خيار الصوب» وهو الخيار الموجود في السوق الآن, وتكون تكلفة الفدان بداية من إيجار الفدان 10 آلاف جنيه, تكلفة الصوبة الواحدة 10 آلاف جنيه وتحتاج إلي صيانة سنوية بتكلفة 1700 جنيه, خدمة رمال وتغذية للتربة قبل الزرع 6800 »سبلة», و1200 جنيه رمال, 1400 جنيه »شتلة» للفدان الواحد, وتسميد بعد الزرع بتكلفة 18 ألف جنيه, وتكلفة العمالة في الزرعة الواحدة 25 ألف جنيه, يتم زراعة الخيار مرتين في العام, ويستغرق الخيار في الدورة الواحدة خمسة شهور, وتكلف النقل 100 جنيه للفدان الواحد يومياً, ثم نبيع الخيار بسعر ثلاثة جنيهات للكيلو الواحد».. وأضاف أن زراعة الخيار تواجه مشاكل كبيرة متمثلة في الأمراض, منها الفطري مثل »بياض زغبي» ومنها الحشري مثل»العنكبوت الأحمر», وهذان المرضان يقتطعان ثلاثة أرباع التكلفة. وفي مزرعة أخري في نفس القرية, تتخصص فقط في زراعة مساحات كبيرة من الطماطم, يقول خالد محمد, المهندس المشرف علي زراعتها:» تعتبر الطماطم من أكثر الخضراوات كلفة, لأن أمراضها أكثر ومبيداتها أغلي في السعر, فتكلفة الفدان الواحد 10 آلاف جنيه للإيجار, 4500 جنيه »شتلة», تغذية للتربة قبل الزرع بتكلفة 9 آلاف جنيه, و5000 جنيه تكلفة عمالة زراعة وجمع في الدورة الواحدة, تتكلف مبيدات رش 30 ألف جنيه للفدان الواحد, في الدورة الواحدة التي تستغرق 4 شهور». مشيراً إلي إنه يشتري الخضار بسعر الجملة »عداية الطماطم» بسعر يبدأ من 100 جنيه إلي 160 جنيها والخيار 5جنيهات للكيلو والبطاطس 6جنيهات والجزر من 5 إلي 8 جنيهات والفلفل الرومي 6جنيهات والفلفل الملون 25 جنيها والفلفل الحريف 4جنيهات والكوسة 5جنيهات..مضيفاً:»أنني كمزارع من أكبر المشاكل التي أواجهها هو ضعف البذرة فأغلب بذور الخضار الآن يتم استيرادها من الخارج وتكون مسرطنة.. يقول الحاج حمدي جلال تاجر جملة بسوق العبور إن هناك ارتفاعا كبيرا في الطماطم والبطاطس بسبب الأمراض المنتشرة وارتفاع درجات الحرارة مطالبا وزارة الزراعة بمعالجة الأمر والقضاء علي الأمراض وأضاف أن جميع التجار ينتظرون محصول محافظة الفيوم للطماطم والذي سيتم جنيه بداية من شهر نوفمبر المقبل حتي تعود الاسعار كما كانت في السابق بالإضافة إلي محصول المنيا من البطاطس والذي قد يأتي بداية من العام الجديد.. موضحا انه لا يوجد محصول للبطاطس الآن والكميات المطروحة داخل السوق يخزنها التجار داخل الثلاجات.. وتابع أن عداية الطماطم وزن 20كيلو سجل 180 جنيها جملة ذات الجودة العالية ليكون سعر الكيلو الواحد 9جنيهات جملة وكذلك توجد عداية اقل جودة يتراوح سعرها ما بين 120:150جنيها وكذلك كيلو البطاطس يتراوح ما بين 7:4 جنيهات والخيار البلدي ما بين 1.5:2.5 جنيه والصوب 5 جنيهات كما ان هناك ارتفاعا في اسعار البصل حيث يتراوح ما بين 4.5:3.5 جنيه لفتح باب التصدير والجزر يتراوح ما بين 9:5 جنيهات وانخفضت الكوسة بشكل ملحوظ حيث سجلت 4:3.5 جنيه بعد ان كان سعرها جملة ب7.5 مبينا ان أغلب سوق العبور قائم علي إعطاء المزارع ما يحتاجه من مال لغرض الزرع وبعد ان يجني محصوله نساعده في بيعه مقابل حصولنا علي مالنا بالإضافة إلي نسبة من الأرباح بعد عملية البيع. وكانت آخر جولاتنا داخل أسواق التجزئة التي تكون قبلة لجميع الأهالي من أجل شراء ما يحتاجونه من الخضراوات المختلفة لإعداد الطعام للأسرة.. فبعد أن عرفنا تكلفة الخضار منذ خروجه من الأرض مرورا بسوق الجملة جاء الدور علي معرفة الأسعار في الأسواق الاستهلاكية الأقرب للمواطن.. وكانت البداية من داخل سوق سليمان جوهر بالدقي فتفاجأنا بالارتفاع المهول لأسعار الخضراوات.. فسجلت الطماطم 10 جنيهات للكيلو, وخيار الصوب 8جنيهات, والكوسة 8جنيهات, والبطاطس 10 جنيهات, والجزر 10 جنيهات, والبصل 7جنيهات والثوم20 جنيها, والباذنجال 8 جنيهات, والفلفل الرومي10 جنيهات. كما انتقلت نار الأسعار إلي أسواق الجملة الشعبية مثلما حدث داخل سوق المنيرة بإمبابة بعد وصل كيلو الطماطم إلي 12 جنيها بينما كان سعر البطاطس 8 جنيهات, والخيار6 جنيهات, والبصل 6 جنيهات, والكوسة 6 جنيهات والليمون 6 جنيهات والجزر 10 جنيهات والباذنجال الرومي 5 جنيهات.. يوضح محمد مجدي, بائع خضار:» بضاعتي تتلف كمية كبيرة منها دون أن تجد من يشتريها, وإذا كان هناك مشتر يدفع وهو متضرر, وهو يدعي علينا وكأني أنا السبب في ارتفاع السعر بهذا الشكل, وبالنسبة للطماطم أعتقد ان ده آخر سعر سوف تصل إليه ثم تهبط مرة أخري, نحن كبائعين نطلق علي الطماطم العروة المحيرة, لأنها دائما في ارتفاع وهبوط». إبراهيم عودة محمود سعيد عمر يوسف