التخوف الدائم من فلول النظام الساقط بعد ثورة يناير له ما يبرره ولكن ليس له ما يؤكده.. أي ليس هناك ما يؤكد أن الفلول تحاول تدبر أمرها لتجد لنفسها موضع قدم تهدم منه ما نحاول بناءه في صرح الديمقراطية الجديد وإعادة بناء الإنسان المصري المأمول.. فلا تستطيع تلك الفلول المزعومة القيام بحركات مناوئة ضد ثورة شعب فاض به الكيل من كم الإهمال والإهانات غير المسبوقة التي لحقت به طوال أكثر من ثلاثين عاما..! والحركات الصبيانية المدبرة من قبل الفلول المزعومة تتبدي في تغذية الاحتقانات الطائفية وبعض الاعتصامات والتظاهرات الفئوية وأفعال البلطجة وافتعال المشاجرات في بقع مختلفة.. توحي بأن فلول النظام مجموعة متراصة علي قلب رجل واحد يجتمعون ليتدبروا ويدبروا المكائد ويضعوا العراقيل لإعاقة الثورة عن استكمال مسيرتها واستحقاقاتها.. وأظن أن هذا تصور ساذج ويبعد عن التصور الفعلي علي ارض الواقع.. ! والثابت فيما أري أن النظام الساقط لم يبق له فلول ولكن له مخلفات شديدة الرسوخ تحتاج منا العزم الحقيقي للقضاء عليها.. وهي مازالت تسعي بيننا.. مخلفات تجسد روح النظام وجوهر ما قامت الثورة لإسقاطه حتي تبني نظاما جديدا يستوعب حياة كاملة دعائمها الديمقراطية والحرية والمساواة.. وهي شعارات خرجنا من اجل تحقيقها وأرجو ألا نهرم حتي نحققها. ومخلفات النظام التي تعبر عن هيكله وجسمه الحقيقي مازالت تحيا بقيمها وتصوراتها رغم القضاء علي رجال النظام.. ولا نتصور أبدا ان القضاء علي رجال النظام معناه القضاء علي النظام نفسه ومخلفاته المتبقية علنا بيننا.. المطلوب الذي نرغب فيه جميعا ونتمناه هو القضاء علي النظام أي علي آليات وشكل وقيم ومبادئ وهيكل النظام الفاسد.. ولو حدث ذلك اظن اننا نكون قد قضينا علي مخلفات النظام التي تركت رائحتها الكريهة في كل مكان في مصر وحتي في أخلاق الإنسان المصري مازالت تسعي بقاياها..! ومخلفات النظام وليس فلوله لا تعد ولا تحصي وكأنها رمال البحر.. فالسنوات الثلاثون أثقلت كاهل الحياة المصرية واستطاع النظام بعبقرية فساده المدمرة لف الحياة ومن فيها ومن عليها بغلاف النظام وآلياته في صنع الحياة وعدم درء مفاسدها..! مخلفات النظام مازالت تسعي ونراها جلية واضحة في نظم التعليم والاعلام والنظرة المركزية للدولة وفي تعيينات رؤساء المؤسسات وآخرها تعيين المحافظين وفي النظرة الكلية للحياة الاقتصادية والسياسية وفي حركة تأليه الحاكم ايا كان نوعه مدنيا أم عسكريا.. إنها نفس آليات النظام السابق مما يعني ان مخلفات النظام مازالت حية تسعي وتمارس عملها بكل نجاح مما يجهد الثورة ويجعل لها مطالب مستمرة تريد استحقاقاتها ويتصور البعض أن مطالب الثوار لا تنتهي وفي الحقيقة مطالبهم مازالت قيد التنفيذ في أفضل الأحوال وهي "اسقاط النظام" بكل مخلفاته وآلياته الكفيلة بإجهاد الثورة وإجهاضها بكثرة مطالبتنا بتنفيذها..! حتي في حركة الحياة العادية مازالت مخلفات النظام نراها رأي العين في برامج الإعلام وفي مناسبة جليلة كالتي نحياها حاليا نجد حركة الحياة لم تختلف.. نفس البرامج التليفزيونية التافهة التي تدار بغباء والحوارات التي تريد ان تظهر غباء المصري وتطلب منا ان نضحك.. ويتصور أصحابها انهم بذلك يقدمون نوعا من انواع الكوميديا وهي نوع من البلاهة.. ألست معي ان ما يقدم من برامج وحوارات تليفزيونية يذكرنا بمخلفات النظام القديم وكان يمكن تقديمها في وجود النظام السابق لكن علي الوجه الآخر..!