الكاميرا هي السلاح الوحيد للمصور الشهير مؤمن قريقع في جميع الأحداث التي يشارك بها، وهي أخطر سلاح يخشاه جنود الاحتلال، لأنه ينقل الحقائق كاملة للعالم بدون تزييف، فيكون هناك استهداف مباشر للمصورين والصحفيين، تحدثنا إلي المصور الفلسطيني الشهير، الذي فقد ساقيه عندما استهدفته قوات الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ خلال الحصار الذي سبق العدوان علي غزة عام 2008، ثم عاد بكل قوة علي كرسيه المتحرك إلي أرض الميدان، متحديا كل الصعاب، ليضرب أعظم مثال في الأمل وفي العزيمة الفلسطينية الأسطورية للعالم أجمع. يقول قريقع: أتممنا 70 عاما علي تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في القدس وعكا وحيفا وغيرها من أراض محتلة يسكنها الاسرائيليون منذ عام 1948، استنزفنا فيها كل المحاولات لاستعادة الأرض، فالقوانين الدولية نصت علي مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المتاحة، ومن ضمنها المسيرات السلمية، وقرارات الأممالمتحدة تدعو دوما إلي عودة المواطنين لأراضيهم المحتلة، لكن إسرائيل لا تعبأ للقانون، فالتهجير أكبر أزمة مرت بها فلسطين في تاريخها، ولعبت مصر الدور الأكبر في دعم القضية الفلسطينية علي مر الزمن. وعن مسيرة العودة الكبري قال: بدأنا في عمل مقاومة سلمية غير مسلحة، فالمقاومة كلها بالأحجار والمقاليع والكاوتش والطائرات الورقية، لكن الاحتلال يواجهها بأبشع الأسلحة، وهو الآن في موضع إحراج دولي لأنه يقتل المدنيين أطفالا ونساء ورجالا وشيوخا رغم سلمية المسيرات. وعن الأجواء التي صنعها الفلسطينيون في مسيرة العودة علي أرض الواقع قال: أقام الفلسطينيون خياما أسموها “خيام العودة”، قريبة جدا من الحدود مع الاحتلال بمسافة تقريبا من 300 إلي 700 متر، وأصبح الناس مقيمين بها ولا يعودوا إلي منازلهم، ويقام في تلك الخيام حفلات لإحياء التراث الفلسطيني، ورقص الدبكة، والنساء تشارك بقوة في المسيرات، وتم إقامة ملاعب كرة قدم وطائرة وغيرها هناك، وتقام الندوات للتذكير بالقضية الفلسطينية، ويحكي كبار السن »الختيارية» الذين تتخطي أعمارهم ال 80 عاما، والذين عاصروا التهجير و”لحقوا أيام لبلاد” عن بيوتهم التي سكنوها وأراضيهم الزراعية وقراهم وتراثها، وكيف كانوا يعيشون حياتهم في الماضي، ويزرعون في نفوس الصغار حلم العودة، فالتهجير بدأ عام 48 لكن إجراءاته لم تتم بشكل كامل في العام نفسه، بل تمت الهجرة بشكل متسلسل لذلك يذكرون جيدا تلك التفاصيل، فقد أشاعت قوات الاحتلال مقولة أن »الكبار يموتون والصغار ينسون» كي تثنينا عن قضيتنا، لكن الحقيقة أن الكبار يورثون الصغار تاريخهم بكل تفاصيله ليعودوا إلي أراضيهم المغتصبة يوما ما. وعن المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون أكد قريقع قائلا : نحن أشخاص مدنيين قبل أن نكون صحفيين، والقانون الدولي يحمي حقنا، لكن الاحتلال دوما يستهدفنا ويحاول قتلنا لأننا ننقل الحقائق للعالم بدون تزييف، فنحن لا نملك سوي كاميراتنا ومعداتنا، ويفرغ فينا الاحتلال كبته وناره كي لا ننقل جرائمه، واستشهد اثنان من زملائنا الصحفيين أحمد أبو الحسين وياسر مرتجي، وأصيب كثيرون بأعيرة نارية ومتفجرات وغاز، فهناك استهداف مباشر لنا. وأوضح قريقع أن أعداد المصابين أكبر من قوة تحمل المستشفيات، ولا تتوفر أدوية ومستلزمات طبية للجميع، مما يضطرهم لإخراج المصابين قبل تلقي العلاج كاملا، ويستخدم الاحتلال طلقات الفراشة التي تسبب تلف في الأنسجة والأعصاب والشرايين، ووقعت أكثر من 25 حالة بتر، وأكثر من ألف إعاقة دائمة، إضافة إلي عدد كبير من الشهداء خلال الأحداث الأخيرة. وأنهي قريقع كلامه قائلا: الفلسطينيون دخلوا هذه المرة بأجسادهم، واندفعوا بها نحو الحدود، فتمكن بعضهم من تخطي الحدود ودخول أراضيهم في القدس واعتقلتهم قوات الاحتلال، وهي مسيرات شعبية خالصة، صحيح هناك لجان تنسيقية وفاعليات سلمية، لكن الناس تندفع بشكل تلقائي وبدون أي توجيه من أي أحد، بهدف عودتهم إلي أرضهم وكسر الحصار الخانق.