عندما تجلس إليه لتحاوره وتتلقي كلماته الهادئة يتضح فورا إنك امام شخص يحمل بداخله افكارا ورؤي كثيرة ينظر للامور بموضوعية شديدة وحول آرائه للمبادئ فوق الدستورية التي ينادي بها البعض هذه الايام كفكرة مطروحه للنقاش فكان من الطبيعي ان يتصدر هذا الموضوع حوارنا مع الفقيه الدستوري المستشار عبد العزيز سالمان رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا ... ما فكرة المبادئ فوق الدستورية ؟ فكرة المبادئ فوق الدستورية أو المحاكمة للدستور ليست وليدة اليوم وإنما هي فكرة قديمة قال بها بعض المفكرين في القرب الثامن عشر وهي عبارة عن مبادئ عليا مستقاه من الضمير الإنساني تتمثل في مبادئ العدالة والحرية والمساوة يتعين من وجهة نظرهم ان تعلو علي إية مبادئ يتضمنها الدستور ولا يجوز ان يخلو دستور منها او من ترجمتها في نصوصه وهي مبادئ تعلو علي الدولة ذاتها لانها تتعلق بحقوق الأفراد وإذا اردنا ان نتعرف تحديدا علي هذه المبادئ العليا فإن هناك خلافا حول تحديدها البعض يقول انها كل ما يتعلق بحقوق الافراد وحرياتهم والبعض الاخر يراها كامنه في مبادئ العدالة والمساواة والتي تعد اساسا لكل الحقوق ومن جهة نظرنا ان كل ما يتعلق بحقوق الافراد وحرياتهم لا يجوز التعديل فيه بالانتقاص وانما يجوز التعديل بالزيادة فيها والتأكيد عليها وعلي ضمانات عدم انتهاكها أو الاخلال بها ... والمبادئ فوق الدستورية عندنا من يؤيدونها ويراها انها خارج نطاق الدستور بينما يراها اخرون داخل اطار الدستور سواء وردت في وثيقة اعلان الدستور او اعلانات الحقوق او حتي في نصوص بعينها في الدستور. كيف تكون المبادئ فوق الدستورية حاكمة لدستور وكيف يمكن الالزام بها ؟ السلطة التأسيسية الأصلية التي تضع الدستور الجديد ليس عليها اي إلتزام تجاه إية مبادئ وإلتزامها الوحيد ان تكون معبرة بكل صدق وامانه عن الشعب وان تعمل علي صالحة فقط دون النظر إلي اية صوالح أخري ومن ثم ان ارادت ان تضمن الدستور القادم قيودا تتعلق بعدم التعديل في نصوص معينة فلها ذلك شريطة الا يكون فيها انتقاص لحقوق وحريات الافراد فتلك الحقوق والحريات خط أحمر لا يجوز لاحد أيا كان تجاوزه هل هناك مبادئ محددة يستطيع المواطن التعرف عليها ؟ فكرة المبادئ الحاكمة للدستور فكرة هلامية غير واضحة ولا محددة المعالم ولا يمكن ان تحدد مبدأ معينا وتقول انه يعلو علي الدستور انما كل ما في الامر ان حقوق وحريات الافراد تعلوا علي الدولة ذاتها ولا يخلو دستور من تأكيدها وتقريرها والعمل علي زيادة قيم الحرية والعدل والمساواة ولكن كانت الحريات في الفترات السابقة مهددة نظرا لسيطرة السلطة التنفيذية والقمح الذي كانت تمارسه.. فهمت من كلامك ان الدستور المعطل كان يدعو لحرية الأفراد؟ نعم الدستور المعطل كان يحتوي علي كثير من الحقوق والحريات للمواطن لكن لم يستطع الافراد استخدامها والتمتع بها كما قلت لسيطرة النظام السابق علي جميع السلطات إذا كيف نعالج تغول السلطة التنفيذية في وضع الدستور الجديد؟ أولا يجب ان نعطي لرئيس الجمهورية القادم صلاحيات محددة ولا اقول ان يكون رئيس الجمهورية مجرد رمز لاننا في مرحله يجب ان يكون رئيس الجمهورية قوي ويجب ان تكون السلطة التشريعية سلطة قوية وسلطة قضائية مستقلة ويجب ان يحدد الدستور القادم حدود كل منها بدقة وان يوجد به الآليات التي تحدد لكل سلطة مهامها حتي لا تتجاوز حدودها فضلا عن الضمانة الكبري وهي وعي الشعب وحرصه علي ان يأخذ حقوقه كاملة غير منقوصة والشعب في النهاية هو الذي يستطيع رد السلطة المتجاوزة الي صوابها وهو ما حدث بالفعل بعد الثورة وقد رأيناه بأعيننا من وجهة نظركم هل يتناول التغيير جميع المواد الدستورية ؟ المفروض ان الدستور القادم سيصدر ترجمة لفلسفة الثورة وتفنيا لارادة الشعب وإرادة الثوار ومن ثم فإن الدستور سيوضع بشكل جديد باكمله حتي لو استعرنا بعضا من نصوص الدستور المعطل والتي تتعلق بالحريات للافراد سيكون استعادة للصياغة فقط .. كيف سيتم وضع الدستور القادم وهل السلطة التي تضع الدستور هي التي تعدله ؟ هناك سلطتان سلطة تأسيسيه اصلية وسلطة تسمي السلطة المؤسسة والسلطة التأسيسية هي التي تضع الدستور ولها جميع الصلاحيات في وضع النصوص الدستورية ومن هذه الصلاحيات واهمها ان تحظر علي السلطة المؤسسة ان تعدل بعض النصوص من الذي يشارك في وضع المبادئ فوق الدستورية ؟ فكرة المبادئ فوق الدستورية علي الرغم من إنها فكرة مثالية الا ان معظم دساتير العالم لم تأخذ بها ولكن الذي اخذ به هو وجود نصوص معينه في الدستور ينص علي حظر تعديلها مطلقا كمثال حظر تعديل الشكل الجمهوري لنظام الحكم ألا يجوز العودة للنظام الملكي .. ونظام حظر التعديل لبعض المواد متواجد من دستور 1923 حتي دستور 1971 ولا توجد سلطة اعلي من السلطة التأسيسه الاصلية تضع مبادئ تعلو فوق الدستور والتي تمثل الارادة الحقيقية للشعب هناك تخوف من ان تعترض فئة معينة عند وضع الدستور؟ ليس هناك داع للتخوف لأن الأسس الدستورية معروفة وهناك أحكام متواترة ومنصوص عليها في جميع الدساتير وبالتالي لم تجد عليها خلافا والشعب في النهاية هو الذي يمكن الموافقة علي ما يوضع من مواد او الرفض فالأمر مرجعه في النهاية للاستفتاء ولا يسري العمل بالدستور الجديد الا من تاريخ الموافقة عليه. ما رأيكم في اجراءات بطء التقاضي في قضايا الفساد وقتل الثوار؟ بطء التقاضي مشكلة عامة عانت منها مصر لعقود عديدة اذ تعلق الامر بتعديل عدة تشريعات ساعد جزء منها علي الاسراع بإجراءات التقاضي اما ما يثار حاليا حول محاكمات قتلة الثوار وان المحاكمات بطيئة وانها غير ناجزة فهي من وجهة نظري غير دقيقة فالمهم عندي هو المحكمة العادلة والناجزة التي لا تتم بين يوم وليلة ولابد لكل محاكمة ان تستوفي جميع شروطها وما شروط المحاكمات العادلة ؟ المحاكمة العادلة والمنصفة هي المحاكمة التي تتم بإجراءات قانونية يمكن فيها الدفاع ان يبدي دفاعه ويمكن فيها القاضي ان يفحص جميع ادلة الاتهام ويقف علي حقيقتها وتتم كل هذه الاجراءات امام القاضي الطبيعي ومن هو القاضي الطبيعي ؟ القاضي الطبيعي هو الذي حدده القانون مسبقا وحدد كيفية التداعي مسبقا وحدد الاجراءات امامه وهو بالنسبة للمدنيين القاضي العادي أو الدستوري ويكون القضاء العسكري فيما يتعلق بالجرائم العسكرية والعسكريين ما رأيكم بتفعيل محكمة الغدر؟ محكمة الغدر بتشكيلها المعروف أنشئت إبان ثورة 23 يوليو لمحاكمة من افسدوا الحياة السياسية وقتها وحوكم امامها عدد من الرموز وبعضها رموز وطنية ومعظم تشكيلها كان من الضباط العسكريين ولكنها تتعارض مع فكرة القاضي الطبيعي ولا تتمشي مع القضايا الحالية اذا اردنا ان نحاكم امامها المتهمين في جرائم الاموال العامة او التربح او الاستيلاء علي المال العام لانها ليست القاضي الطبيعي بالنسبة للمدنيين او الجرائم المدنية.