اي ان هذه القطع التي لا مثيل لها في تراث الانسانية تطوف العالم منذ سبع سنوات ويعلم الله متي ستعود..تلقيت من رئيس قطاع المتاحف الدكتور عطية رضوان ومن مدير المتحف المصري د.طارق العوضي، ملفا ضخما عن معارض الآثار التي اقيمت خلال السنوات الاخيرة وحتي لا اغرق القاريء في تفاصيل محصلتها النهائية تجسيد ذلك العبث الذي وقع للاثار المصرية التي تطوف العالم لعدة سنوات فإنني اتوقف عند معرض نيويورك الذي شاهدته بنفسي وبصحبة الفنان والشاعر احمد موسي، والذي يضم اجمل واهم قطع توت عنخ امون، هذا المعرض بدأ من مدينة بازل السويسرية عام الفين واربعة، والآن تعرض المجموعة في استراليا ومن المنتظر انتقالها إلي اليابان. ثم الولاياتالمتحدة مرة اخري، اي ان هذه القطع النادرة الفريدة من كنوز توت عنخ امون تطوف العالم منذ سبع سنوات ومازال امامها عدة سنوات اخري من التنقل. والفك والتركيب وهذا ما لم يحدث لاي مقتنيات ثمينة لدي اي متحف في العالم. المتحف البريطاني لم يسمح بخروج حجر رشيد إلا مرة واحدة فقط إلي فرنسا ولمدة اسبوعين في مناسبة نادرة، الاحتفال بذكري شامبليون مكتشف اسرار الهيلوغريفية، ولم نسمع ان الجيوكندا، لوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة قد خرجت من اللوڤر، فكيف تطوف اجمل واثمن القطع في مجموعة توت عنخ امون، وايضا من اثار بويا، اماكن هذه القطع فارغة الان في المتحف المصري وستظل لعدة سنوات قادمة مع افتراض انها ستعود. انتقل إلي رد الاستاذين المحترمين وكلاهما عالم جليل في مكانه وهما من جيل جديد للاثريين ولعلها المرة الاولي التي نسمع فيها باسم الدكتور طارق العوضي مدير المتحف والدكتور عطية رضوان رئيس قطاع المتاحف، وفيما يلي نص الرد: رد قطاع المتاحف والمتحف المصري علي ما نشر بمقال السيد الاستاذ/ جمال الغيطاني بجريدة الاخبار الصادرة يوم 02/7/1102 صفحة 22، 42 بشأن استخدام المتحف المصري في الدعاية لخط انتاج ملابس تحمل اسم د. زاهي حواس غير صحيح علي الاطلاق وانه لم يتم استخدام اية قطعة اثرية في هذه الدعاية مشيرا إلي ان التصوير تم داخل معرض اثار توت عنخ امون بالولاياتالمتحدةالامريكية في السابع من اكتوبر 0102 وطبقا للاجراءات القانونية والامنية وتطبيق معايير الامن السائدة في المتاحف العالمية. واضاف ان الآثار المعروضة بالمعرض لم تستخدم في التصوير ولكن كانت بمثابة خلفية للتصوير وهو ما اكده المصور الامريكي جيمس فيبر James weber في مقابلة له بانه لم يستخدم اي قطعة اثرية موجودة في المعرض في التصوير وان الكرسي والاريكة التي ظهرت في الصور هي نماذج مقلدة واضاف انه تم استخدام تقنية »الفوتو شوب« لانتاج هذه الصور وخاصة صور النقش الفرعوني واكد ان الدكتور حواس لم يحضر التصوير الذي تم في نيويورك وليس بالقاهرة. ونوضح ان كرسي العرش للملك توت عنخ امون موجود بالقاهرة وهو من القطع الفريدة وغير المتكررة وغير مسموح لها بالسفر إلي آية معارض واكد د.حواس انه اتفق مع بيت الازياء الذي سيقوم بالانتاج بتحويل ارباح هذا المشروع لصالح مستشفي سرطان الاطفال بالقاهرة مساهمة منه في هذا المشروع الانساني النبيل لخدمة اطفال مصر المصابين بهذا المرض.. واضاف انه تم ارسال خطاب للدكتور شريف ابوالنجا مدير مستشفي سرطان الاطفال 57357 للبحوث والتطوير والعلاقات الخارجية يبلغه بذلك والاتصال برئيسة الشركة المنتجة والاتفاق علي جميع التفاصيل. وهذا لاستيضاح الموقف وبيان الحقيقة لاتخاذ اللازم، والله الموفق،، أزياء زاهي بداية ملاحظة اولية، لو راجعنا تصريحات الوزير السابق للاثار زاهي حواس سنجد انه كان يتحدث عن ايرادات المتحف باعتبارها موجهة إلي متحف الطفل الذي كان تحت رعاية السيدة سوزان مبارك، الان اختفي اسمها من تصريحات زاهي ومعاونيه كما اختفي متحف الطفل، وظهر مستشفي السرطان، هنا اتوجه بالسؤال إلي المسئولين بالمستشفي، هل وصلت اي اموال من المجلس الاعلي للاثار كتبرع، وبالتحديد من زاهي حواس الذي يشارك في انتاج هذه الملابس التي تحمل اسمه. التمسح بمستشفي السرطان الان لا يبرر استخدام هذه القطع في الدعاية لملابس تحمل اسم المسئول الاول عن اثار مصر والذي تصرف فيها كأنها تخصه هو فقط ولا تمثل تراث امة. وتراثا انسانيا يجب ان يعرف المسئولون عنه قيمته. اما القول بانه لم يتم استخدام اي قطعة اثرية فالرد يجيء من عارض الازياء نفسه جميس فيبر الذي جلس علي الكرسي النادر للاميرة سات »اي ابنة« امنحتب الثالث، وهي في منزلة جدة الملك توت، وهذا الكرسي نادر لا مثيل له، وفي نفس اهمية كرسي توت عنخ امون، والحقيقة ان جميع القطع يعتبر خروجها جريمة كبري يجب ان يحاسب كل مسئول عنها. نصل هنا إلي الجزء الخاص بعدم استخدام اي قطعة من الاثار في التصوير، بل كانت تعتبر كخلفية والحقيقة ان الصور التي تمثل الخلفية هي الجداريات من المعابد المصرية يستند إليها عارض الازياء ويتخذ اوضاعا بحيث يصبح حذاؤه فوق السطور المكتوبة والنقوش المحفورة علي الجدران. وتلك نصوص مقدسة، اما جلوسه فوق كرسي الاميرة سات، فليس افتراضيا، انه حقيقي، والصورة تؤكد ذلك. لقد تم ادخال آلات تصوير ذات حرارة مرتفعة اكثر من المسموح للاثار بالتواجد فيها، واغلق المتحف علي بعثة التصوير إلي صباح اليوم التالي حتي انهم ادخلوا مطبخا للطهي حتي يتناولوا وجباتهم داخل المتحف لطول المدة التي امضوها وهذه الوقائع ذكرها عارض الازياء في مدونته علي الانترنت. بالطبع لا يعرف الاستاذان اللذان وقعا الرد ما جري للاثار خلال هذه الساعات الطويلة فلم يكن احد منهما هناك، خلال هذه الساعات تمت استباحة القطع كمواد اعلانية لملابس زاهي حواس، يقول الرد ونصه ان التصوير تم طبقا للاجراءات القانونية والامنية وتطبيق معايير الامن السائدة في المتاحف العالمية، اقول للاستاذين ان قاعة المعرض لا تعتبر متحفا عالميا، المتحف العالمي في نيويورك هو المتروبوليتان، القاعة تتبع شركة ديسكفري التجارية والتي تدفع لزاهي حواس مقابل ظهوره في برامجها، وهي احدي ثلاث شركات يتعامل معها، الجمعية الجغرافية العالمية »ناشيونال جغرافيك« والتاريخ »هيستوري« وهذه القنوات جزء من الامبراطورية الاعلامية للملياردير الشهير مردوخ. القاعة معظمها تحت مستوي الارض وتوجد في مبني قديم كان مقرا لجريدة النيويورك تايمز العريقة عند صدورها في القرن التاسع عشر، اما الشارع فهو يشبه شارع عبدالعزيز حيث المتاجر التي تبيع كل شيء، وخاصة البضاعة الرخيصة، كل الاعلانات حول المعرض عن سلع تجارية وبينها صورة توت عنخ امون، والعالم العالمي زاهي حواس الذي يبدو حجمه في الاعلانات اكبر من صورة الملك توت. هنا اتوقف امام ما ذكره الاستاذان عن الآثار المستخدمة في التصوير والدعاية لازياء زاهي حواس اذ يقران انها مقلدة، هذا اعتراف خطير منهما بادخال اثار مقلدة داخل معرض لاثار مصرية نادرة كيف يسمح ضميرهما العلمي بهذا؟ واذا كان زاهي حواس وزيرهما وقتئذ قد سمح بإدخال اثار مقلدة إلي داخل معرض يضم اثارا حقيقية لتسهيل اعماله وترويج ازيائه ضاربا عرض الحائط بكل القيم العلمية والوطنية والانسانية، فلماذا يبرران هما ذلك، طبقا للصور المنشورة لعارض الازياء الوسيم، فان القطع اذا افترضنا انها مقلدة تبدو صورة طبق الاصل من القطع الاصلية فأيهما الان في سيدني؟ الاصلي ام المقلدة؟! السماح بادخال قطع طبق الاصل إلي معرض يضم قطعا اصلية جريمة متكاملة الاركان، اتمني من العالمين الفاضلين مراجعة ضميرهما العلمي والوطني والانساني، خاصة ان احدهما مسئول عن المتحف المصري الآن. اما عن السنوات التي تمضيها الاثار في التجوال فهذا مما يطول الحديث فيه ويجب التوقف عنده. طواف بلا نهاية ما بين عام الفين واثنين حتي الوقت الحاضر اقيم ثلاثة واربعون معرضا خارج مصر للاثار، وفحص التفاصيل الخاصة بها يوضح تفريط المسئولين عن الاثار في تراث مصر وان معظمهم لا يمكن ائتمانه عليها. لكنني اشير إلي تصريحات المسئول الحالي محمد عبدالمقصود عن عدم وجود رواتب في خزانة المجلس للعاملين الان ضمن حملة اعلامية لتلميع اسمه، حتي انه الصق صفة الامين العام باسمه وهو ليس كذلك فهو من المقربين جدا لزاهي وقد اصدر قرارا قبل اقالته من الوزارة نصبه مشرفا عاما علي الامانة العامة، والامانة العامة احد القطاعات الاربعة التي تشكل المجلس. المفروض ان الامين العام يعين من رئيس الوزراء وحتي الان لم يصدر قرار، اي ان المجلس عمليا بدون امين عام. السؤال هنا، اين ذهبت ايرادات المعارض الخارجية التي بلغت طبقا للاقرار الذي أرسله لي العالمان الفاضلان ما يأتي: مبلغ ستة وسبعين مليونا ومائة وواحد وثمانون الفا وخمسمائة وثلاثة وثلاثين دولارا امريكيا. مبلغ اثني عشر مليونا ومائة وسبعة آلاف واربعمائة واربعة واربعين يورو. خمسة ملايين فرنك سويسري. مليون وستمائة وخمسون جنيها مصريا. حوالي ستمائة وخمسين مليون جنيه مصري كمنح تدريبية ومعدات. اين ذهبت هذه الاموال اذا كانت الخزائن خالية؟ سقوط زاهي الدوائر العلمية في العالم والمتخصصون في علم المصريات كانوا يرقبون ما يجري ويعلمون ما لم تقف عليه بعض الدوائر صاحبة القرار في مصر ومن تصرفات زاهي التي تخدم شخصه اولا، وجهات بعينها خاصة في الولاياتالمتحدة وكانت عملية تلميعه اعلاميا جزءا من ترسيخه كمقابل لما يؤديه من خدمات لتلك المؤسسات، كما استخدم علاقته بالنظام السابق لتغطية خروج تلك القطع النادرة التي تتنقل الآن في العالم لعدة سنوات طويلة، والتي اطالب بإعادتها فورا إلي مصر. لنقرأ ما كتبته الجارديان البريطانية ونقلته عنها جريدة الشروق، يجيء ذلك بعد مقال النيويورك تايمز الذي كشفت عن تقاضيه مرتبا ثابتا منذ عام الفين وواحد، قدره مائتا الف دولار مقابل وظيفة اسمها مستكشف مقيم، ماذا جاء في »الجارديان« لقد تجسدت فيه كوزير للاثار كل اخطاء عهد مبارك، تقول الجريدة ان كلمة فرعون لها معني ايجابي اذا وصف بها شخص ما في مصر ولكن لو استخدمت مع شخص ديكتاتوري فإنها تعني الاسوأ، ومنذ تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير تصاعدت المطالبات بإقالة حواس من منصبه كوزير للاثار حتي من قبل زملائه. فحراس المواقع الاثرية والمتظاهرون في ميدان التحرير يعتبرونه »انتيكة« من عصر فرعون مصر الحديثة مبارك فلو تخيلنا ان مجال علم الاثار في مصر دولة فبالتأكيد زاهي حواس هو »مبارك« الاثار. فهو دكتاتور مثل المخلوع. وصاحب مصالح تجارية. كما انه متهم باختصار علم الاثار المصري في شخصه، فقد انفرد بالاكتشافات وانفرد بالحديث عن الآثار في وسائل الاعلام وكأنه عالم الاثار الوحيد في مصر. اختتمت الجريدة مقالها بقولها ان اقالة حواس تعد علامة الانتصار لاولئك الذين يحاولون تطهير البلاد من جذور الاستبداد المترسخة فيها. هذا ما كتبته الجارديان. ولكن المهم في مصر ان يبقي زاهي حواس إلي حين عودة الاثار النادرة التي ارسلها للتجول حول العالم من خلال شركات تربطه صلات بها، ثم الحساب علي الاخطاء والتجاوزات حتي لا يتكرر ذلك مرة اخري، المطلوب فورا الان اختيار شخصية من داخل البيت الاثري قوية نزيهة، عليها إجماع وكانت رئاسة مجلس الوزراء قد اعلنت عن تعيين الاثري محمد عبدالفتاح وهو مشهود له بتلك الصفات لكن مع اضطراب الحكومة وحدث تجميد للموقف، الوضع في قطاع الاثار خطير سييء، جدا ولهذا حديث مفصل الاسبوع القادم.